لينا مظلوم تكتب: سمرقند.. الصراع بين التغييب.. والاستنارة

نقلا عن البوابة

يهل رمضان بكل طقوسه المميزة.. حيث تحتل الدراما مساحة كبيرة من مظاهر الشهر الكريم. تقييم الدراما الرمضانية هذا العام قد يحمل عدة مفاجآت بعد عرضها.. رغم وجود بعض الملامح المبدئية التى تستحق التوقف عندها.

ازدياد عدد البطولات النسائية ظهر بوضوح هذا العام مما يمنح الدراما التنوع المطلوب بعد أن توارت قضايا المرأة عن الساحة الأعوام الماضية لصالح أعمال وُصِفت ظُلمًا بالدراما، وهى لم تتجاوز كونها مجرد «هجمة شرسة» من موجة أعمال سينمائية اتسمت بكل معانى السوقية للأسف الإيرادات العالية التى حققتها أغرت الكثير من شركات الإنتاج نقل مشاهد الابتذال والسوقية والعنف إلى شاشات التليفزيون دون الأخذ فى الاعتبار عن ارتباطها بمخاطبة البيت والأسرة.

الوهم القديم الذى طالما حاول صناع سينما المقاولات تخدير المشاهد به عبر أكاذيب مثل (الجمهور عايز كده) استبدله صناع هذه الأعمال لترويج بضاعتهم الفاسدة بزعم آخر عن انتماء هذا التشويه إلى الواقعية، وتعبيره عن الشارع بكل متغيراته.

شهد هذا العام تراجعًا فى عملية «الاستنساخ» ونقل «السبوبة» من شاشة السينما إلى التليفزيون على حساب ازدياد مساحة التنوع فى الموضوعات بين الدراما الاجتماعية والكوميدية والبوليسية.

فى مقابل هذا الجانب الإيجابى تبدو «البوصلة» التى تحدد الاتجاهات الفنية لاختيارات بعض نجمات الدراما فى حاجة إلى إعادة نظر وأن تضع فى حساباتها الاعتبارات التى تحكم التذوق الفنى للأسرة المصرية البسيطة مهما بلغ نُبل الهدف أو القضية التى يتبناها العمل.

كما أثبتت الجرعة المفرطة من السوقية والابتذال فشلها على الشاشة فالأسرة التى تجتمع حول الشاشة فى الشهر الكريم من أجل الاستمتاع بصيغة فنية متوازنة بين الترفيه والرسالة الدرامية أو المضمون لن يستهويها الإغراق الحاد فى تفاصيل وآلام الأمراض النفسية وهى ليست قطعًا فى أجواء اجتماعية أو دينية تناسب المتابعة الدقيقة كل يوم لعالم الأمراض النفسية.

فرض التفاصيل المؤلمة للأمراض النفسية المختلفة بكل حدة وقسوة كل عام مهما بلغت إشادة النقاد بالأداء وأهمية القضية المطروحة لن يغير واقع الأمر أن الجرعات المفرطة ستخلق رد فعل عكسيًا لدى القاعدة الأساسية التى تتوجه إليها الدراما فى رمضان.. الأسرة المصرية البسيطة.

أحد أهم الأعمال الرمضانية هذا العام الذى لم يجد للأسف طريقة إلى العرض على القنوات المصرية مسلسل مأخوذ عن رواية الأديب والصحفى اللبنانى أمين معلوف بعنوان «سمرقند».

رغم استناد العمل فى مرجعيته أيضا إلى أمهات الكتب العربية مثل «البداية والنهاية» لابن كثير و«الكامل فى التاريخ» لابن الأثير.. إلا أن أهمية العمل الذى يعتبر من أضخم انتاجات رمضان تكمن فى الإسقاط الذى يحمله من التاريخ إلى واقع الحاضر العربى، ويلخص إشكالية الصراع الدائر بين قبح الإرهاب والدماء مقابل دعوة التسامح و المحبة.. عبر مواجهة درامية فى إطار تاريخى بين شخصية «حسن الصباح» مؤسس ورئيس طائفة الحشاشين أول فرقة اغتيالات مسلحة باسم الدين – والذى وضعه رافضو سيادة مبدأ الخنوع والانقياد التام فى إدارة جماعة الإخوان فى مقارنة مع شخصية «حسن البنا»- وبين شخصية العالم والفيلسوف عمر الخيام بكل ما تجسده من مقومات التبشير بقيم التسامح والإبداع والعلم المستنير وإعلاء قيمة العقل فى مقابل حالة الغيبوبة التى فرضها الصباح على اتباعه بهدف السيطرة التامة عليهم.

الصراع بين الأضداد بعد ما جمعتهم صداقة عميقة عبر سنوات الدراسة يطرح فى صياغة درامية تمزج الفانتازيا بالتاريخ مما يعطى مساحة لاجتياح الزمن وإسقاط التفاصيل التاريخية التى شهدتها مدينة سمرقند على واقع إرهاب معاصر يهدد كل العالم بدون استثناء.. تُستنسخ منه أدبيات طائفة الحشاشين وأن اختلفت الأسماء سواء جماعة إخوان أو داعش وهو أيضا ما يتطرق إليه المسلسل حول كيفية التغرير بالشباب تحت إطار البند الدينى.. داخل إطار خط درامى عام يقوم على الصراع بين فكر التغييب والقتل أمام فكر يعلى قيمة العقل والإبداع. دراما رمضان لم تسلم هذا العام من تبعات جرعات «التوك شو» المفرطة.. إذ يبدو أن متابعة شركات الإنتاج تراجع نسبة المشاهدة لهذه البرامج دفعها بالتالى إلى تغييب الموضوعات السياسية باستثناء تطرق الجزء السادس من مسلسل ليالى الحلمية إلى أحداث ثورتى ٢٥ يناير و و٣٠ يونيو.. وهو تحديدًا أكثر الأعمال التى يواجه صناعه تحديًا كبيرًا ما زال المشاهد فى انتظار نتائجه.

نرشح لك

لينا مظلوم تكتب: الإعلام في حسابات البيع.. الشراء.. التحالف

بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016

شارك واختار من النجم الأفضل في إعلان فودافون رمضان ٢٠١٦؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن