حميدة أبو هميلة: لماذا نخاف من أم كلثوم؟

السيدة لا تمسك بيدها عصاة وهي تغني، فقط  تستعين بمنديل يتهادي وينصاع للنغم، ولذبذبات الصوت التي لم تتكرر. هيبتها الطاغية، وجبروتها وهي تخرج الآهات، ليس معناه أبدا أنها لم تخطئ، نحن من نخطئ حينما نتصور أنها ممنوعة من الهفوات، وما هو أكبر من الهفوات. كن علي يقين أن الست لا تهددك الآن، وحتى لو كان محبيها يهددونك، فهذا لا يمنعك كصحفي أبدا من أن تقول رؤيتك لصوتها الجبار حقا.

الكاتب المهم جدا عبد الرحيم كمال هو من أوحى لي بفكرة حدوتة أم كلثوم والإعلام، حينما لفت النظر إلى أن معظم مطربينا بما فيهم الكبار جدا لايهتمون اطلاقا بمخارج الألفاظ الصحيحة حينما يغنون قصائد باللغة العربية الفصحي. إن الكبار يخطئون أيضا، وبمنتهى الأريحية ـ في الحقيقة ـ محاطين بجيش ممن يعشقون تقديس محببيهم، ولم تكن أم كلثوم ابنة الشيخ حافظة القرآن الكريم ومرتلته للأسف استثناء، ولكن لا أحد من رجال الإعلام  يفكر في أن يفند بعض أخطائها في حق اللغة،  فبعيدا عن واقعتها الشهيرة في تغيير قواعد النحو “لأسباب فنية”، حينما قالت “نعم أنا مشتاق وعندي لوعة”، في ردها على الاستفهام المنفي الشهير “أما للهوى نهي عليك ولا أمر” لأبي فراس الحمداني، هي تستهين كثيرا بنطق الثاء والظاء، والذال نطقا صحيحا. البعض قد يعتبر أن هذه تفاصيل ثانوية، لا ينبغي اثارتها حينما يكون الحديث عن “الست”، ولكن الحقيقة لأنها “الست” تدار حولها قصص واساطير تشير إلى أنها مثالا كاملا لباقي “ستات” الغناء.. ورجاله، وأنها لم تبخس اللغة ولا المقامات حقها يوما!، لكن رقتها النادرة وهي تردد “واثق الخطوة يمشي ملكا”، لن تجعلنا أبدا نغفر لها أنها حوّلتها لـ”واسق الخطوة يمشي ملكا”، وبعدها أيضا لم تنطق ظاء “ظالم الحسن”، كما يجب في ملحمة “الأطلال”.

لا أحد يمكنه أن ينكر عظمة أم كلثوم، ولا أحد يجرؤ أن يقول أن اللقب “الست” لا يليق بها، فهو لا يليق إلا بها، مع ذلك من غير المنصف أن نتغاضى عن قصة اهمالها لبعض قواعد اللغة، وهذا بالطبع لا ينقص محبتنا واعترافنا بتفردها شيئا، ولا يجعلنا أبدا نتوقف عن تدليلك.. ياثومة.

اقرأ أيضًا:

كشف حساب حسين الجسمي عن سنة “بشرة خير”

وفاء الكيلاني تسأل نادية الجندي عن سوزان مبارك

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر فيس بوك من هنا