عمر طاهر يكتب: السايس وشنطة رمضان

نقلًا عن الأخبار 

إذا لم يفعلها الحاج صلاح لأن ( الدنيا مولعة ربنا يكون في عون الناس كلها). 

لم أكن أقصد طبعا أن أستمع إلي مكالمة السايس، لكن بينما أجلس في سيارتي في انتظار أحد الأصدقاء، كان السايس يقف قريبا مني وهو يطلب من الشخص الذي يحادثه أن (شوف لنا الحاج صلاح هيوزع شنط رمضان السنة دي ولا مافيش)، ثم قال إنه (مسامح) إذا لم يفعلها الحاج صلاح لأن (الدنيا مولعة ربنا يكون في عون الناس كلها).

وضعت نفسي مكان الحاج صلاح، وبداخلي تقدير الظروف نفسه الذي يمتلكه السايس، أعرف أكثر من شخص قرروا التراجع هذا العام عن توزيع شنط رمضان على المحتاجين وهي العادة التي لم ينقطعوا عنها منذ سنوات، سيحسبها الحاج صلاح كثيرا، الأسعار غير طبيعية، وشنطة رمضان التي كانت تكلف في العام الماضي مئة جنيه ستتكلف الضعف هذه المرة، وستكون الإختيارات المتاحة أمام الحاج صلاح هي إما تقليل محتويات الشنطة، أو الحفاظ على المحتويات وتقليل عدد الشنط نفسها، وفكرت أن كلا الخيارين سخيف بالنسبة لشخص تعود على فعل الخير وعوّد بعض البيوت على انتظاره في مواعيد محددة.

حاولت أن استدرج السايس للحديث فقلت له (ربنا يعينك) فقال (الحمد لله) ثم سار مبتعدا ليطارد سيارة كادت أن تنصرف قبل أن يدفع صاحبها ما عليه للسايس، فكرت أن شنط رمضان أصبحت في حياة بعض من يوزعونها نذرا لله يصعب التخلي عنه، وقال لي صديق كان يفكر في الموضوع نفسه أمامي أنه لن يغير شيئا وستصل الشنط كاملة في موعدها لأصحابها وأنه بالرغم من جنون الأسعار إلا إنه (هاخليها عليا المرة دي والله المستعان)، قال شخص ثالث كان يحضر الحوار (اللي يعوزه البيت يحرم على الجامع)، فقال الصديق إنه يخدم بيته هو شخصيا بأن يوزع تلك الشنط على بيوت أخرى.

قرار الصديق بأنه (هيخليها) عليه هذه المرة، يلخص كلاما كثيرا، سيكون من الصعب على الواحد أن يخذل بيتا يفرح بتلك الهدية، ولو كانت هذه البيوت تقدر الظروف، فإن الفرحة ستكون هذه المرة مضاعفة، مرة بالهدية ومرة لأن الهدية انتصرت على التوقعات السلبية. لا مجال في هذا المقال لنصيحة أحد فكل واحد أدرى بظروفه، ولكن أكتب اليوم وكلي أمل أن يقع المقال بين يدي الحاج صلاح.