لماذا يختلف كتاب "عزيزي المحرر" عن كتب القواعد اللغوية الأخرى؟

نور الهدى فؤاد

تعتبر الصياغة الصحفية الجيدة واحدة من أهم ضروريات العمل الصحفي والإعلامي، ولكنها باتت في الفترة الأخيرة مشكلة تحاصر شرائح مختلفة من العاملين بمجال الصحافة والإعلام، بداية من المحرر الصحفي إلى الديسك وحتى فريق إعداد البرامج التليفزيونية ومحرري نشرات الأخبار، وذلك لتراجع الاهتمام بقواعد اللغة العربية في مراحل التعليم المختلفة.

من هنا تأتي أهمية كتاب “عزيزي المحرر” الصادر عن دار “بتانة” للنشر والتوزيع، للكاتب محمود عبد الرازق وهو مراجع لغوي يعمل بالصحافة المصرية والعربية منذ سنوات، ما مكنه من تحديد وحصر أهم الأخطاء الشائعة بالعمل الصحفي والتحريري بشكل عام.

– بعيدا عن التعقيد

يقول “محمود” في مقدمة كتابه أنه لم يقصد توجيه الكتاب إلى العاملين بالحقل الصحفي والإعلامي فحسب، على الرغم من أنهم أكثر المعنيين بالأمر بحكم ممارسة الكتابة اليومية والسريعة من خلال الأخبار والتقارير عبر المواقع الإلكترونية والصحف، وإنما يستهدف كذلك الكُتَّاب ومحرري الكتب والمهتمين بفنون الصياغة وإعادة التحرير المكتوب، وحتى القارئ العادي من طالبي العلم.

ويتميز الكتاب بعدد من الخصائص التي تفتقر إليها الكتب النحوية أو تلك التي تناقش مشكلات التحرير والصياغة الصحيحة، التي غالبا ما تتميز بالطابع العلمي البحت. ويكفي أن نتأمل عنوان الكتاب “عزيزي المحرر” فكلمة “عزيزي” عادة ما تتقدم الخطابات المكتوبة والموجهة بشكل شخصي، مما يوضح الحميمية التي قصدها الكاتب لتحقق هدفه من الكتاب وكأنه رسالة شخصية بين صديقين.

– كورس شامل في الكتابة الصحافة

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة عشر قسما بالإضافة لملحقين حول علامات الترقيم تفصيليا ودروس في أساسيات الإملاء، نلمس في كل قسم حرص الكاتب على إدخال المعلومة للقارئ في إطار منظم والنتقال من فكرة لفكرة أخرى مع تحليل منطقي في شكل نقاش يبدو شخصيا مع القارئ حول كل الأخطاء الشائعة أسلوبيا أو نحويا والإجابة عن لماذا يُعد ذلك خطأ؟ بالإضافة إلى تناوله فنون الكتابة الصحفية ومكملاتها، فناقش اختيار العناوين وأولويات التشكيل كما خصص قسما للتفريق بين الخبر والتقرير والتحقيق، مما وضع الكتاب في منزلة “الكورس” المتكامل للعاملين بالصحافة، ونفى عنه فكرة أنه مجرد كتاب “نحو وبلاغة”.


– أسلوب حواري ساخر

الحس الساخر للكاتب في شرحه وتوضيحه للمشاكل التحريرية، يسهل المعلومة ويجعلها تعلق في ذهن القارئ ليس فقط في قسم “أخطاء طريفة” الفكاهي، ولكن بمجمل الكتاب، ومن ذلك ما ذكره في القسم الثاني بعنوان “الحشو” كما يلي:
لا أنسى تلك العبارة التي كتبها أحد الزملاء ظنا منه أن هذا “بلاغة صحفية”، حين قال: “كانت الفجوة بين الطرفين آخذة في التلاشي التدريجي شيئا فشيئا”! نعم، قال: “آخذة”، وقال “التدريجي”، وقال: “شيئا فشيئا”، وكان يمكنه ببساطة أن يقول: كانت الفجوة بين الطرفين آخذة في التلاشي.

وكذلك في موضع آخر من ذات القسم، إذ يقول فيه:
“مجرد.. فقط.. ليس إلا.. ليس سوى…:
هذه التعبيرات- وما تعنيه – مترادفة، وتسمى “أساليب حصر”، إذ تحصر المعنى المراد في شيء واحد، واستعمال تعبير واحد منها يغني عن استعمال البقية، فمن استعمل اثنين منها في عبارة واحدة فقط حشا، ومن استعمل أكثر من ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله.


“عزيزي المحرر” كتاب مؤسس لفنون الصياغة والتحرير، يجب أن يكون ضمن مكتبة أي كاتب أو صحفي، يريد أن يقدم محتوً متميز بلا أخطاء لغوية أو أسلوبية، ويتضمن رسالة جاذبة ومبسطة يختلف عن كثير من كتب القواعد اللغوية التي تتسم بالجمود.


 

 

 

نرشح لك: تشجيعا على البقاء بالمنزل.. “شاهد VIP” مجانا لمدة شهر