محمد إسماعيل يكتب: تساؤلات عن الطفل الذي سَبّ مصر

هل تتخيل شعور شخص تلقّى 70 صفعة على سهوة؟ لا أدرى لماذا خطر على بالي هكذا شعور عندما شاهدت فيديو قصير لا يتجاوز الدقيقتين ودفعني لتساؤلات عديدة كان هذا أولها، الفيديو الصادم منشور على يوتيوب منذ مطلع مارس الجاري وتمت مشاركته على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عناوين متعددة منها: طفل مصري يشتم مصر وسجل أكثر من 14000 مشاهدة، وإليكم التساؤل الثاني: متى نستشعر الخطر إن لم نستشعره الآن؟

نهار خارجي، على أحد الأرصفة بجوار سور معدني متوسط الارتفاع، قام بدور المذيع interviewer شاب يرتدي كاب وبلوفر وبنطلون جينز، ممسكًا الميكرفون بيده اليمنى، وضيف المقابلة interviewee هو صبي دون العاشرة يتساءل بدوره هل يُرْضِي رئيس الجمهورية “ان احنا نقعد في الشارع؟” و”ليه هو لغاية دلوقتي قاعد في البيت بفلوس كتير ومش راضي يبعت للناس أي فلوس عشان تشتري شقة وتدفع إيجارها، عشان حتى تشتري أكل لعيالها؟” هكذا انتقد الصبي الرئيس وشكى مُرّ الشكوى من مصر واستفزه الشاب بموضوع “صبّح على مصر بجنيه كل يوم”، وهو يعلم أن الجنيه رغم أزمته لا يكسب من الشارع بسهولة، ليتغلب عليه غضبه فيسبّ مصر بألفاظ قبيحة، فهو وأهله تطاردهم البلدية ‘وكل شوية بتطب علينا‘ والباقي مفهوم. ومشروع انتاج مواطنين مشوهين مستمر، فلا أحد ينتبه لوجود هؤلاء، ومشاكلهم غير مدرجة على قائمة أولويات الحكومة التي لم تفعل ما يكفي ليفهم موقعه من الإعراب أو يدرك حدود مسؤولية الحكومة عنه، انتهت تساؤلاته، وأستأنف تساؤلاتي…

التساؤل الثالث؛ هل ثمة وسيلة أو وسائل لتحسين خبرات أطفالنا مع مفهوم الوطن والمواطنة إذا كنا في الأصل نعتبر هذا الطفل وملايين مثله من أطفالنا ونعترف له ولهم بالحق في المأوى والطعام والتعليم والرعاية؟ فقد عبّر الصبي أمام الكاميرا عن موقفه من مصر التي عرفها، مصر المتمثلة عنده في البلدية، بالمثل سيصفها طفل آخر في زيارة قصيرة مع والديه كمهد للتاريخ والآثار إذا اقتصرت معرفته لمصر على ذكريات زيارة سياحية للأهرام والأقصر، بينما سيصفها ثالث بقلعة الثقافة والتنوير إذا كان والده يصطحبه لساقية الصاوي وحفلات توقيع الكتب الجديدة، على غرار قصة العميان والفيل التي ذكرها جلال الدين الرومي في كتابه الأشهر “المثنوي”، فمن لمس الخرطوم قال إن الفيل يشبه الثعبان الغليظ، ومن لمس الظهر قال إن الفيل يشبه السرير العريض، ومن لمس الذيل قال إن الفيل مثل المكنسة والذي لمس الأرجل قال إنما هو كأربعة أعمدة غليظة.

التساؤل الرابع: هل توجد معايير أو محددات معينة تنظم ظهور الأطفال على وسائل الإعلام الجماهيرية؟

الخامس: هذا السؤال يحيرني بشدة وأوجهه لخبراء الإعلام ليفيدونا إن كانت هذه المقابلة لائقة إعلاميا وما إذا كانت كاشفة سياسيًا وهل يجوز استغلال الأطفال لإثبات وجهة نظر فريق العمل؟ وهل ينصحون فريق العمل بعقد المزيد من المقابلات المشابهة؟

السادس: هبْ أنه من باب الشياكة واللياقة امتنع فريق العمل عن إجراء مقابلات من هذا النوع، أو أن جارًا أو قريبًا صرخ في وجه والد الصبي مطالبا إياه بتربية الابن وتعليمه أن ما قاله عيب ولا يليق أن يتحدث عن مصر بهذا الأسلوب أو يشتمها بتلك الألفاظ، هل ستنتهي المشكلة؟ أم تستفحل عندما يترك هؤلاء ليكبروا وقد شحنوا بمشاعر سلبية تجاه المجتمع والدولة، وليبلغوا سن التجنيد فينضموا للجيش المصري حيث الدفاع عن بلد لم نعلمهم كيف ولماذا يحبونه.

اقرأ أيضًا:

محمد إسماعيل يكتب: مش نوستالجيا خالص

محمد إسماعيل يكتب: دليل المعارضة والرئيس.. في عصر تويتر والفيس

محمد إسماعيل يكتب: الإسم إيجيبت والحلم خلافة روبرت موجابي

محمد إسماعيل يكتب: رأي نور الشريف في داعش والسنة والشيعة و11 سبتمبر

محمد إسماعيل: الجزيرة تهين أمير الشعراء

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا