نشوى الغندور تكتب : المغنالوجيا والإبداع الترالالي (١) حكيم عيون

أغنية حكيم عيون التي أعشقها ويعشقها كثيرون هي فاتحة البداية لسلسة تحليلية لأشهروأحب الأغنيات المصرية ، ولأنّي ساخرة وعلى كل شيء متندرة أسمع هذه الأغنيات أحياناً بشكل مختلف تبعاً لقواعد علم المغنالوجيا
وأصول الإبداع الترالالي ، ولمزيد عن هذا العلم يمكنكم انتظار كتابي الجديد
” كتاب الأغاني للنشْوهاني ” .

دعوني الآن أبدأ معكم تحليل الأغنية التي اخترتها لكم هذا الأسبوع وهي أغنية حكيم عيون لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والنجمة الطويلة “الفرعة” راقية إبراهيم .

بدايةً .. سمعت ذات مرة حديثاً للموسيقار عبد الوهاب تحدث فيه عن هذه الأغنية فأكد أن أغنيات الأفلام قبل هذه الأغنية كانت تعتبر زيادة على السياق الدرامي وفاصلة له بحيث أنك لوحذفتها من الفيلم فلن تؤثر على أحداثه وأنه لاحظ أن الجمهور خلال الأغنية يخرج من قاعة السينما للتدخين أو دخول الحمّام فقرّر أن تكون هذه الأغنية ” حكيم عيون” جزءاً أصيلاً من السياق الدرامي للفيلم لا يمكن الاستغناء عنه فهي تمثل اللقاء الأول للبطل والبطلة في الفيلم والذي تم في عيادة “سامي” خطيب البطلة وصديق البطل في نفس الوقت .

تبدأ الأغنية بتقصع البطلة وهي تشتكي من ألم أسنانها بينما يبدأ البطل في “الاستظراف” ويبحث حوله هنا وهناك وهو يقول: فين ، فين كأنه يبحث عن “عيّل تايه” وعندما تفاجئه البطلة أن السِّنَّة التي تؤلمها هي في فمها وقد “واربته” لتُرِيهِ إيّاها على اعتقاد أنه طبيب ، يفاجئها هو الآخر أنه لا يرى أسناناً بل “صفين لولي” ، قالها من باب الغزل ولم يكن يعلم أنه سيأتي اليوم الذي ستضع فيه المطربة “أنغام” تركيبات لأسنانها بما يعادل ثمن عقد من اللولي !!

وتكملةً لجملته الغزلية قال: إنتي يلزمك واحد جواهرجي مش واحد حكيم ، والحكيم تعني الطبيب ولكن بلغة الزمن الجميل ، وعندما تفاجأت “وما أكثر تفاجُئِهم في هذه الأغنية ” .. قرر أن “يشتغلها” ويدّعي أنه ليس حكيم أسنان ولكن حكيم عيون ..
حكيم عيون أفهم في العين وأفهم كمان في رموش العين
أعرف هواهم ساكن فين واعرف دواهم ييجي منين
قاسيت كتيرمنهم وقريت كتيرعنهم ..

ويبدو أنها وسعت منه لأن رموش العين علم منفصل ومستقل بذاته عن علم العيون فاضطر إلى استخدام اشتغالة أخرى “حتي لا تضيع “المُزّة من إيده” فأخبرها أن ألم الأسنان جاء من أكل الجلاس ، والجلاس يعني الآيس كريم ولكن بلغة الزمن الجميل .

فتتفاجأ البطلة للمرة “الكام مش فاكرة” ، لأنها فعلاً كانت قد تناولت الجلاس لتوها في جروبي وسألته: وعرفت منين ؟!!
فاستمر في اشتغالها وأوهمها أنه لا يفتح الكوتشينة ولا يضرب الودع ولا يقرأ الفنجان ولكن يمكنه معرفة كل أسرارها فقط وحصرياً من خلال عينيها !!

ماتعرفيش إني أقدر أقرا افكارك ؟
ومن عنيكي اقدر اقول لك كل أسرارك!

ولكنها أدركت اشتغالته وقررت “تمشي ورا الكداب لحد باب الدار” ، فطلبت منه أن يقرأ لها ما أخفته في قلبها ، وعندما تردد وتعلل بالخوف من المكتوب في قلبها ” قفلته” أي كبسته وقالت: إنت كل حاجة تحشر نفسك فيها حتى قلبي ! وعندما جاءت على ذكر القلب قلّبَت عليه المواجع فقال:

ياريتني صحيح أقدر أدخل قلبك واسأله ع اللي ف بالي

فلما سمحت له بالسؤال سألها إن كان قلبها مشغول ولا خالي ؟! وتكبسه البطلة للمرة الثانية على التوالي بقولها : شيء مايهمكش .. متبوعة بقلش موديل عام 1930 وقالت: طب ماتعيطش !

وهنا انتهز البطل طبطبتها وسألها مباشرة ..

فيه ياتري شخص يهمك شاغلك ومشغول بيه قلبك ؟!
والشخص ده موجود هنا ؟! يعني إنت عارفة مش كده ؟!
والشخص ده شايفاه قدامك دلوقتي؟

فتجيب ببرود أكثر برودة من الجلاس الذي تناولته في جروبي
وتقول: بالطبع لأ .. وكلمة بالطبع هي كلمة من الزمن الجميل وتعني ” وش ”

فيتفاجئ البطل أكشن آخر مرة فقد كان يتوقع ان تقع في غرامه من اول نظرة وأن يكون هو من شغل قلبها وفكرها يعني .. مسافة ما قعدوا مع بعض التلات دقايق بتوع الأغنية!! وبدأ يتحسر ويتأوه وينعَى حظه الأسود ولولا الملامة كان لطم خدّه من شدة الأسف وقال:

دلوقتي بسّ صدّقتك خدعوني قلبي وعينيه
واللي انكتب جوه ف قلبك أتاريه لغيري مش ليا
مش ليا مش ليا آااااااااااااه مش ليا

ولما وجدته البطلة على هذه الحاله المؤسفة آلمها ضميرها وسألته: زعلت مني ولا إيه ؟!!! وحفاظاً على ما تبقَّى من ماء وجه البطل الذي ظلّت البطله تكبسه وتقفله طوال الأغنية قال: أبداً وهازعل منك ليه !!

وبإنتهاء الأغنية ينتهي تحليلي المغنالوجي .. أمّا الإبداع الترالالي فسأترككم تستمتعون به من خلال سماع الأغنية .. أغنية حكيم عيون .

لمتابعة الكاتبة علي الفيس بوك من هنـــا

اقرأ أيضًا:

نشوى الغندور تكتب: شهادتي على الثورة

نشوى الغندور تكتب: لقاء السراب بين فجر السعيد وأحمد موسى

نشوى الغندور تكتب : توك شو … سكوت … هنصّوت

نشوى الغندور تكتب : التوقعات المرئية لنجوم الشاشات المصرية

نشوى الغندور تكتب: السلطة الخامسة تسعى والحكومة عليها إدراك النجاح

نشوى الغندور تكتب: فتاوي القهاوي

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا