محمود مصطفى كمال يكتب: أن تكون صحفي سيارات!

منذ حوالي أربعة أعوام كان دفتري الخاص للملاحظات يمتلئ بتصورات لتصميم موقع سيارات. في الصيف الماضي، كنت أجلس داخل المقر الرئيسي لشركة BMW في ميونخ أتحدث عن هذا الموقع في عامه الثالث.

أن تكون صحفي سيارات، فأنت دائمة تقع في التصور المحضر مسبقاً من الناس بأنك شخص كل ما يفعله هو أن يذهب لحضور حفلات إطلاق السيارات الجديدة، ثم تجربة هذه السيارات وكتابة بعض السطور عنها ثم الإنتقال إلي السيارات الجديدة، ولا يتخيل أحد كم الدراما التي تقبع خلف هذا المسمي الوظيفي!

لماذا بدأت موقع ElTawkeel.com من الأساس؟ في الواقع أن ما أردت أن أنفذه كان غير قابل للتنفيذ في أي كيان صحفي في مصر، ليس لعيب في المؤسسات الصحفية وإنما لأنه بعيد كل البعد عن شخصياتهم، لذلك قررت خوض مغامرة أن تبدأ من الصفر.

أردت أن أقدم السيارات كما أراها، حدوتة .. متعة .. دراما سينمائية .. وليست مجرد شئ يريد كل منا أن تنقله من مكان إلي أخر بدون أن تتعطل، وأيضاً ليست مجرد «وحدة» بسجلات مديري التسويق والمبيعات يريدون بيع أكبر عدد منها.

ولكن قبل أن تقدم على خطوة كهذه لابد أن تجلس وتفكر في عامل مهم للغاية، وهو أن تخصصك هو في النهاية عن «منتج»، وكتاباتك ستشجع الناس في النهاية إما علي شراؤه أو الإبتعاد عنه، ولكن حينما تخضع ذلك للمنطق، فكل شئ هو في النهاية منتج، فالناقد السينمائي إما سيشجع الناس علي مشاهدة الفيلم وتحقيق أرباح لصانعيه أو العكس، والناقد الرياضي إما سيشجع الناس علي حب نادي أو لاعب معين فتزيد قيمته الإعلانية أو العكس، لذلك كانت المغامرة الحقيقية في محاولة إخضاع سوق السيارات لمبدأ «الموضوعية»، أنت تتحدث عن حقائق بأدلة وأسباب بعيداً عن المجاملات وبعيداً عن الإبتزاز، وأن تعرف دائماً أن عميلك هو القارئ وليس الشركة المعلنة.

paris_motorshow

شيئاً فشيئاً توسعت علاقاتنا بمختلف الشركات، وتوسعت أكثر لتشمل المكاتب الإقليمية لها، وأيضاً المكاتب الرئيسية لمختلف العلامات التجارية العالمية التي إهتمت بأن نتواجد معها في أهم أحداثها علي مدار العام، ومع نمو العلاقات والمصادر نمت الأحلام أيضاً، وأصبح السؤال دائماً ما هي الخطوة القادمة؟ خاصة مع إسناد مسئولية قسم خاص للسيارات بجريدة «التحرير» لي، في ٥ صفحات أسبوعية كل يوم خميس.

أخرج من العام الجاري بعدة تجارب قيادة نشرت بالصحافة المصرية تمت داخل وخارج مصر، وحوارات صحفية مع مسئولين بالوكلاء المصريين والمكاتب الرئيسية العالمية، وأول تغطية حية باللغة العربية لمعرض باريس الدولي للسيارات أكبر معرض سيارات في العالم، ولا أكذبكم القول أنني أقول ذلك بسبب وبغير سبب لأنني فخور بما حققته، وهناك الكثير من الصاعدين ممن تقل مدة تجربتهم عن ٥ سنوات بصحافة السيارات وحققوا الكثير من الإنجازات كمجلة «أوتوزون» وفريقها الذي أختبر بوجاتي فيرون أسرع سيارة في العالم لأول مرة بصحافة السيارات العربية، وأحمد الوكيل الذي يقدم دراما مصورة لا تقل عن دراما الأفلام السينمائية الطويلة بتعطية أحداث رياضة السيارات مع فريقه .. فقط إعلم أن هناك صحفيي سيارات في مصر يريدون صناعة محتوي مختلف، في محاولة دائمة للإبقاء علي المعادلة المستحيلة بالمحافظة علي الموضوعية لأقلامهم والنجاح التجاري لمؤسساتهم، المعادلة التي ستجلب لك التعب وساعات العمل التي لا تنتهي وإحترام زملائك وحقد وإتهامات أخرون .. ولكنها الطريق المستقيم الوحيد لنجاح يجعلك تنام كل ليلة مرتاح البال (إذا وجدت الوقت).

أن تكون صحفي سيارات هو أن تعيش في سباق يومي، لن تستطيع الإبطاء من سرعتك، ولن تقاوم إغراء التسارع بشكل أكبر، ولن تضمن أبداً عدم الاصطدام.