محمد طعيمة يكتب: عناقيد الضياء" يُهين "أرابيسك"

”هل يجوز أن نعلق على هدية جاءت لنا؟!”، رد مُستنكر، لعصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، أعلى منصب إعلامي في البلد، المسئول عن ضبط المنظومة الرسمية الأبرز لحماية وترسيخ هوية شعبنا، على مُنتقدي عرض “عناقيد الضياء” في ذكرى انتصارنا الأعظم.

بدأت كارثتنا، التي أوصلتنا للإخوان والتفسخ الاجتماعي والتشوه الحضاري، مع ترك دماغنا لغزو فضاءات ثقافية أخرى، نتفهم خصوصياتها… لكنها ليست نحن، ومشهدها العام نقيض لهويتنا. وكان من يسعى للتطور فيها، حتى بدايات السبعينيات، يُنصت لراديو بلدنا، أو يلتقط بث تليفزيونها، ويتشوق لكتاب أو فيلم أو أغنية من بوتقة العرب الثقافية، القاهرة.

في سببها الرئيسي، جاءت 30 يونيو إعلانا لاستعادة الهوية المصرية. ستجد المفردة، الهوية، طوال عام الاحتلال الإخواني، تتصدر المشهد، وتتقدم على ألسنة كل فرقاء الموجة الثانية من ثورتنا، عدا النور السلفي، لا فرق بين ناشط أو سياسي أو المشير عبدالفتاح السيسي أو بيانات القوات المسلحة، هوية، بدأت معاول اختراقها مع تحالف السادات مع ثعلب المخابرات السعودية، كمال أدهم، وتجار الدين، في قلبهم الإخوان.

في ذكرى أكتوبر الماضية، كانت فضيحة تصدير وجه حرض على قتل قطاع من نسيجنا الوطني من على شاشتنا الرسمية، رشا مجدي. وآخر معادي لثورة 25 يناير، سند شرعية دستورنا ونظام حكمنا الحالي، أحمد موسى. هذه المرة ترك فاقدو الرؤية “السوس المحلي”، واستوردوا بـ”سوسة”… فضائها الثقافي كان “خامة” ردة السبعينيات. هكذا صدموا ضميرنا الجمعي، وأرواح آلاف الشهداء الأقباط، بعمل “ركيك”، يقول لهم مباشرة: البلد الذي حاربتم واستشهدتم من أجله لا يعترف ببنوتكم.

لا يشغلني كون مؤلفه إخواني الهوى، جندي سعودي مدح الملك فهد عبدالعزيز بما اعتبره شعرا، فعرف النجومية والترقي. ولا تباهى الشاشات الداعمة للجماعة الإرهابية بشتائمه لـ”انقلاب السيسي الدموي”، فهذا ثمن تتحمله أجهزة تركت وظيفتها الأساسية، وانشغلت بالتغول على الفضاء العام وعلى حقوق المواطنين، رغم أن طفل يمكنه، في دقائق، جمع معلومات عن المشاركين في “الهدية” التي خجلوا من ردها. ولا دلالة قبولها التي تؤشر لـ”نفسية” التعامل مع حلفاء الخليج. ما يقلقني هو إهانة تراكمنا وخزيننا الحضاري وكأنه لا شيء، لنأت بعمل “قديم”، شارك فيه خليط غير متناغم، سعودي على بحريني على ألماني على أسترالي، وعُرض في الشارقة نهاية مارس 2014، بمناسبة اختيار الإمارة عاصمة للثقافة الإسلامية.

هكذا هي دماغهم، تخصهم. نحن “أرابيسك”، كما عبر عنا الراحل أسامة أنور عكاشة، هارموني فريد من تراكمات تاريخية، وتغذيات من شرق وغرب وجنوب وشمال، تتفاعل وتثمر فرزها الطبيعي، بغض النظر عن أصل “حتت الخشب”، ما دامت متناغمة ضمن مشهد “الأرابيسك”. فلم يفكر الصائغ الجمعي، حتى بدايات السبعينيات، في دلالة اسم قائد الجيش الثاني الميداني، محرر القنطرة، فؤاد عزيز غالي. ولا قائد أول لواء مشاه يصل وسط سيناء، شفيق متري سيدراك، الذي استشهد يوم 9 أكتوبر. ولا صاحب فكرة تدمير خط بارليف، باقي زكي يوسف. ولا قائد سرب مقاتلات 6 أكتوبر، سمير عزيز ميخائيل.

في عام الاحتلال الإخواني، ومع تبلور الرفض الجماعي لخطابهم، سألت د. حسن فكري، المحاضر الدولي في الحضارات القديمة: لماذا لم نعترف بفترة حكم الهكسوس، ووضعنا على شجرة حكامنا أسماء يونانية ونوبية وأمازيجية. فرد: أحترام هويتنا، كل هؤلاء “تعمدوا” بثقافتنا، بمن فيهم الإسكندر الأعظم، أصبح ابنا لأمون.

كان قائد انقلاب 15 مايو يدرك ما يفعله: “أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة”. الكارثة أن نظام ما بعد 30 يونيو لا يملك أي رؤية، ولا وعي، بما ثرنا من أجله، استرداد هويتنا، وترميم ما خُدش منها.

نقلاً عن بوابة حضارات –  الأهرام 

اقـرأ أيـضـًا:

تامر أمين عن واقعة السبكي والإبراشي : أنا مبسوط   

إبراهيم عيسى: حل مشكلة الأهلي في هذا القرار‎   

22 تصريح لهيثم عرابي في ساعة رياضة  

ضيف الإبراشي الثائر ضد السبكي.. يؤيد مبارك ويتظاهر في التحرير(!)

جماهيرية غادة عبد الرازق لن تنقذ Arab casting

ماذا يفعل الرئيس السابق للبيت الفني للمسرح في Arab Casting؟

 .

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا