محمد عبد الرحمن يكتب: عندما تكلم خالد الصاوي

نقلا عن مجلة “صباح الخير”

خمس نجوم من مصر وتونس والمغرب كرَّمتهم الدورة الرابعة لمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، كلهم حظوا بترحيب كبير، لكن استقبال خالد الصاوي كان مختلفًا، فالممثل المحبوب يحظى بشعبية حقيقية في المغرب، وقد ظهر ذلك بوضوح عند الإعلان عن اسمه في حفل الافتتاح.

للجمهور العربي في كل دولة قائمة متغيرة من النجوم المصريين الذين يتابعونهم، وللصاوي مكانة مميزة في المغرب، ربما كنت بحاجة للتواجد شخصيًا حتى أدرك أبعادها.

في ندوة ما بعد التكريم، والتي أدارتها فاطمة النوالي رئيس المهرجان، ذهبت بحثًا عن أسباب تلك الجماهيرية؛ هل هناك أعمال بعينها، أم أسباب أخرى؟

اللافت أن الحوار لم يتوقف كثيرًا عند أفلام ومسلسلات الصاوي، ذكر أن “عمارة يعقوبيان” كان نقطة تحول، وأنه تعامل بتسرع وعناد مع تجربة فيلم “جمال عبد الناصر”، الذي ظنه سيحدث النقلة الكبرى لكنه العكس حدث بما يفوق توقعه حيث تعطل مشواره لفترة، عدا ذلك تكلم الصاوي من القلب، عن الطفولة والمراهقة ثم الجامعة ثم الاحتراف. طريقة الكلام وتداخل الحكايات والتعامل مع الجمهور المغربي وكأن كل من يحضر “صديق قديم” ربما أجاب على السؤال؛ الصاوي عندما تكلم عبَّر عن شخصية “أصيلة” لم تغيرها النجومية ولا سنوات الشهرة التي جاءت بعد كد وتعب.

قدَّم الصاوي مشوار حياته في ساعة من الحكي والفضفضة دون الاستعانة بأي عمليات تجميل لفظية، بل أبرز ما قاله إنه ينقل للمتدربين في مجال التمثيل خيباته قبل نجاحاته، ويطالبهم بأن يمارسوا تجاربهم دون “كتالوج”، فلن يكوّنوا شخصية مستقلة قبل أن يجربوا، فلا توجد “روشتة” واحدة للنجاح حتى لو كان صاحبها من أنجح البشر.

لمس “الصاوي” القلوب عندما أكد أن عدم إنجابه كان سببًا في اتجاهه للتدريب، يريد أن ينقل خبراته لجيل جديد؛ أن يكون له أبناء في مجاله الذي أحب على مدى 45 عامًا. عمره الآن ستون عامًا بالتمام والكمال، عاش خلالها تجارب وانقلابات هي التي صنعت خالد الصاوي الذي يقدره الجمهور الآن.

كيف تختار أعمالك في المرحلة الحالية؟ كان صريحًا، الحب من أول نظرة بات شرطًا، صحيح أن هناك أعمال أجورها مغرية، لكنه تخطى هذه المرحلة، لم تعد معايير اختيار الأدوار قبل سنوات صالحة لشخصيته المعاصرة، أعطى مثلا بالتنويع الذي قدمه في رمضان الماضي، شخصية شيخ القبيلة من زاوية مختلفة في “الكتيبة 101″، واللايف كوتش في “مذكرات زوج” ثم “السلطان طمعان” في “جت سليمة”، لم يعد مستعدًا لانتظار المساحة الأكبر والبطولة المطلقة، يرفضها لو أنها ستعطله عن قبول دور جديد ومختلف يحبه من أول نظرة.

أطال الصاوي في سرد حكايات الطفولة، وكيف تمرَّد على كل شيء، وأحبَّ الفن بالصدفة بعدما وقف يلقي شعرًا على خشبة مسرح الجامعة، أكد أن كل تجارب البدايات مع أبناء جيله الذي تربى على “أن الفلوس مش كل حاجة” رغم أنها فعلا كل حاجة، هي التي صنعت شخصيته وأعطته القدرة على الاستمرار والصمود.

استرجع مرحلة تاه فيها فكريًا وروحيًا، كاد أن ينقل إقامته إلى أمريكا، قبل أن يدرك أنه سيكون أفضل في بلاتوهات مصر، ويرى الآن أنه كسب الرهان.

تكلَّم خالد الصاوي فطالب الحاضرين بالتوقف عن النظرة بدونية للفن العربي ومقارنته بالغرب دائمًا، لسنا الأفضل لكننا لسنا الأسوأ، ولولا تربص ما يسمى بالنظام العالمي لكان للثقافة العربية شأن آخر، المهم أن نتوقف عن جلد الذات، ونستمر في المحاولة كما فعل هو منذ دخل كلية الحقوق ليصبح محاميًا، فخرج منها مخرجًا ومؤلفًا وممثلًا يستحق التكريم ليس في مصر وحدها لكن في الوطن العربي كله، من الخليج حتى المحيط الذي تقع عليه كازبلانكا.

نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: طيب وأمير.. “الكلاسيكي” يربح دائمًا