ميسي وأسطورة كابتن ماجد

أحمد أبو درويش

منذ طفولتي وأنا متعلق بكرة القدم، شغفي الأول والمستمر، كنت أشاهد كل يوم حلقات الكابتن ماجد، هذه الفتنة التي أتسمر أمامها يوميًا في العاشرة صباحًا، الاحتفاء كان بذلك اللاعب العظيم الذي يأخذ الكرة من المدافعين ويمررها مع لاعبي المنتصف، ويراوغ الجميع ليسجل هدفا، وراء هدف.

جسده نحيل وقامته قصيرة ومراوغاته سريعة وتسديداته لا يوقفها شيء، لكني على خلاف كل الأطفال لم يكن هذا اللاعب “سوبر هيرو” بالنسبة لي، بل كان “بسام”.

نرشح لك: أحمد أبو درويش يكتب: أسامة علام.. مروض الأفيال

أتعرفون “بسام”؟

إنه اللاعب القوي طويل البنية مفتول العضلات مرعب الجميع، يرتدي الألوان الداكنة، شعره يداري عينيه، ليزيده غموضًا، بينما يرتدي ماجد الأبيض النقي.

بسّام المشمّر عن عضلاته الفتية، قوي الشخصية صاحب الموقف الحاد الذي لا يلين، كاريزمته جبارة، سلوكه عنيف، ويهابه الجميع، بما فيهم الكابتن ماجد، كان ماجد من داخله يخشى بسام، ويعدّ له الحسابات الكثيرة، ويخشى ملاقاته، ويتأكد من تفوق بسام في لياقته وقوته وشخصيته ومهاراته، لكنه كان يملك شيئا لا يملكه بسام وهو روح الجماعية وإصرار الفوز.

كانت روح الجماعية هي ما تنقص بسام، هو one man show رهيب، يهابه الجميع ولكن ربما لا يحبونه، وهو يعلم ذلك ولا يهمه سوى أن يسير الجميع في ركابه، وأن يفوز. ليس لديّ تحليل مؤكد -حينها- لماذا كنت أفضل بسام عن ماجد!.

حاليا أستطيع تحليل شخصية كل منهما، وأوضح أن ماجد بجماعيته أفضل من بسام بفرديته، لكن ربما حينها كنت أميل لبسام كونه الأكثر موهبة، الأقوى حضورا، وربما يعود الأمر، لحبي للتملك، شخصيتي أقرب للفردية في كل شيء، في عملي اخترت الكتابة، العمل الفردي دون مشاركة أحد.

لذا ربما أحببت بسام عن ماجد، أحببت الموهبة الخارقة على الجماعية الرابحة، لكن وإن أسقطنا ذلك على كرة القدم، فنستطيع القول أنه وقفق الشكل والسلوك العام، فميسي هو ماجد وكريستيانو هو بسام، حتى في الصفات الجسدية، ميسي الشخص الضعيف، ضئيل الجسد، لاعب جماعي ممتاز، يصنع الفرص ويمنح غيره قبلة الحياة، أما كريستيانو فهو اللاعب الطويل قوي الجسد، مفتول العضلات، الوسيم، بارع جدا في التسديد ولاعب متكامل، يراوغ ويلعب بقدميه الاثنتين وبرأسه، هو أقرب لـ one man show داخل الملعب ودونجوان خارج الملعب، هو ذلك الشخص العظيم، ولكن. خارج فيلم الكارتون، وداخل الملعب، أحببت ميسي لا كريستيانو!

ذلك أمر عجيب أيضا، لماذا؟ احترت فترة من الوقت في تفسير الأمر، لكنني وإن عدت للسبب الأهم في تفضيلي لبسام على ماجد، سيكون هو ذاته السبب لتفضيلي ميسي على كريستيانو.. “الموهوبة” موهبة ميسي خارقة، مراوغاته غير طبيعية، فمشهد “الهدف المارادوني”، الذي تفاجئ به العالم في مباراة الأرجنتين وإنجلترا كأس العالم 86، يفعلها ميسي كل مباراة تقريبا، حتى أصبح الأمر معتادا، حتى أصبح لولم يفعلها ميسي في مباراة لقلنا إنه “سئ” في هذه المباراة! ميسي هو الذي عودنا على تقبل المستحيل! يفعل المستحيل بشكل نمطي! معتاد ذلك منه!

في هذه النسخة الفريدة من كأس العالم، بدا ميسي بصورة واهنة، يجري أقل، يفقد الكره مرات، مراوغاته أحيانا لا تمر من بين أقدام اللاعبين الأكثر شبابا، بدا أنه بالفعل ستكون سنته الأخيرة أو قبل الأخيرة في كرة القدم، ومع ذلك حصل على جائزة أفضل لاعب، تخيلت أن في الأمر مجاملة، من اللجنة المنظمة، لكني فكرت، قلت لا تحضر صورة ميسي الأسطورية في ذهنك وانظر لهذا اللاعب العظيم كم صنع من فرص وكم سجل وكم أثر في تغير نتائج مباريات، بالفعل كان أفضل لاعب.

لهذا أقول أن خطيئة ميسي وعقدته، هي أسطورية لعبه لكرة القدم، هي كعب آخيل التي تكتب نهاية مسيرته هذا العام أو الذي يليه، لأنه لن يكون قادرا على مواصلة إبداعه المعتاد، ولن يتقبل أقل من كونه اللاعب الأسطوري.