أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (5) اسمها هبة

أحيانا، تُلقي الأقدار أمامك ببعض الأشخاص ممن ينجحون في تغيير وجهة نظرك تماماً في أي من أمور حياتك، وعلى مستوى النحت والإعلام والعمل بالإعلام، نجحت (هبة) في أن تُغير من وجهة نظري تماماً، فجعلتني أؤمن بوجود بشر على قدر من المسؤولية، يمتلكون ضميراً حياً نابضاً.. ويمتازون عن معظم العاملين بالمهنة بأن عندهم دم.

الملفت هنا أنني قابلت أكثر من نموذج طوال تاريخي المهني كنموذج هبة، شخص دؤوب، متمكن من عمله، مؤمن بما يفعل، يحب ما يفعل حقاً لا يحب صوت ماكينة الـ ATM فقط، والمؤسف أن كل النماذج التي قابلتها كـ (هبة) مثلها تماماً .. من الجنس اللطيف.

أول ما ينبغي عليك أن تعرفه:  أن هبة هو اسمها الحقيقي

ثاني معلومة محورية هنا: هو أنني مرتبط، وهي كذلك، وبالتالي فهدف هذا المقال ليس التغزل في شخص فتاة عملت معها لما يزيد عن العام، بقدر ما هو التغزل في طريقتها في العمل.

ثالث وآخر النقاط المحورية: أن هناك كما ذكرت أكثر من نموذج إيجابي مثلها تماماً، بيد أني اخترت أن أكتب عن هبة لأنها الأصغر سناً، والأحدث عهداً بالمهنة، ويبدو أنني اخترت كذلك أن أحكي عنها، لأننا أنهينا سوياً مشروعاً كنا نعمل عليه سوياً قبل أسابيع قليلة.

ليس من اللائق أن أذكر عمرها، لكن من الهام هنا أن أذكر أنها لم تصل إلى الخامسة والعشرين بعد، تتحدث لغتين غير العربية بطلاقة، ولا أتذكر تحديداً تخصص دراستها الجامعية، وإن كان يدور في فلك الإعلام بكل تأكيد.

عملنا سوياً في ثلاثة برامج متتالية، فشلوا جميعاً فشلاً ذريعاً، أو (تاهوا في زحام البرامج المكررة السخيفة)، والسبب لم يكن الشركة المنفذة، ولم يكن طبيعة تلك البرامج، ولم يكن الانتاج (الذي كان سخياً بالمناسبة)، وبالقطع لم يكن السبب (هبة)، بل كان سبب فشل البرامج الثلاثة هو (النحت) الذي يلتصق بأفكارنا كعاملين بالإعلام، والذي تحدثنا عنه في الحلقة السابقة… غير أن هناك لحظات مضيئة للغاية في كل تلك البرامج، وإن تمعنا فيها سنجد أن (هبة) عنصراً مشتركاً على الدوام في تلك اللحظات… فهي وبمنتهى الحزم، لا تمارس النحت، حين كان معظمنا يفعل، لا تكل ولا تمل، في حين كان معظمنا ينتابه الملل، دؤوبة في مقابل كسل معظمنا، لذا فقد استحقت أن أكرس من حياتي وقتاً لأحكي لكم عن طريقتها في العمل!!

هي بالأساس تعمل (معدة) ضمن فريق للإعداد، ولتقريب الصورة، فهبة على الدوام كانت تختار موضوع الحلقات التي سيتم تصويرها اسبوعاً باسبوع، تقترح الضيوف، تبحث عن الحالات، تتصل بهم وتحجز مواعيد التصوير، تراجع التقارير المصورة اثناء المونتاج وتتاكد من صلاحيتها وجاهزيتها، وتؤمن مع الانتاج على مواعيد السيارات، تكتب بحثاً متكاملاً عن موضوع الحلقة مهما كانت بساطته (ولم يقل يوماً عن ثلاثة صفحات مدعمة بروابط من على الانترنت والكثير من الصور)… تجهز قائمة بالاكسسوارات التي سنستخدمها، تكتب مالا يقل عن 10 محاور لأسئلة الضيوف، ثم تصيغ هذا كله في ملف واحد وترسله للجميع دون ان يطلب منها أحد ذلك.

وفي يوم التصوير، تكون هبة أول الواصلين، أهم المتواصلين مع الضيوف والحالات، جاهزة تماماً لحل المشاكل (الكثيرة) التي تقابلنا جميعاً بسبب النحت والاستسهال والكسل و قلة الضمير أحياناً، رغم انها لم تكن –ولو في مرة وحيدة- مسؤولة عن أيا من تلك المشاكل.

هل ينبغي أن أؤكد أن هبة مرتبطة، وأنها بعيدة تماماً عن القبح، وهي تهدم بذلك صورة الموظفة الدؤوبة التي لم يرزقها الله بعريس فتكرس وقتها وجهدها للعمل.

راجعوا معي ما قلته عن طريقتها في العمل، وليخبرني أي متطوع منكم يعمل بالإعلام عن الفراغات التي تركتها هبة ليملأها المنتج الفني/ مساعد المنتج الفني/ مساعد المخرج/ كاتب السكريبت.. والحقيقة انني وطوال مايزيد عن العام لم أجد أي فراغات تذكر، بل كان يزعجني كثيراً تخيل الفراغات التي ستحدث لو غابت هبة عن العمل لأي ظرف… عزيزي صاحب المحطة/ الشركة التي تعمل بالمجال الإعلامي… وظف هبة أو من على شاكلتها (فقط وحصراً) .. تصل إلى إعلام لن يتوه في الزحام مطلقاً.

تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا

تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا

اقرأ أيضـًا:

 أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (4) فن النحت 

 أشرف أبو الخير يكتب: في ذكرى المحرقة 

 أشرف أبو الخير يكتب: تاه في الزحمة (3) – التجربة الإذاعية 

أشرف أبو الخير يكتب: تاه في الزحمة (2) – الصراصير دي مستوردة حضرتك!!

أشرف أبو الخير يكتب: تاه في الزحمة (1) –المقال الافتتاحي

أشرف أبو الخير يكتب: إبراهيم فايق… جداً

أشرف أبو الخير يكتب: قلنا أنه قادم.. وأهو جه بالسلامة

أشرف أبو الخير يكتب: الغراب مهيب الركن

.

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على الفيس بوك من هنا