من روبي لـ حماقي للمطرب النقاش.. ماذا فعلت السوشيال ميديا بالأغاني؟

سالي فراج                          المطرب النقاش

مع زيادة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها في حياة الأفراد، وخاصة سلوكياتهم وتعاملاتهم، أصبحت الأجيال الجديدة تستخدم ألفاظا حديثة نتيجة لذلك، ولكن يبدو أن التأثير وصل إلى حد الفنون، وتحديدا الأغاني وكلماتها، فبعد أن كانت الأغاني تكتب قصائد لغة عربية لأم كلثوم ويستمتع بها الفلاح قبل ابن الطبقة الراقية، وهو دلالة بالفعل على انتشار الثقافة قديما أكثر من الآن رغم تقلص التعليم وقتها، أصبحت الآن الأغاني أصغر حجما، وأكثر سرعة والأغلب تكون كلماتها بلا معنى أو هدف.

نرشح لك: محمد نور يهدي المطرب “النقاش” لحنا جديدا

تأثر كلمات الأغاني بالسوشيال ميديا

حدث تحول ملحوظ في السنوات الأخيرة في رتم، ولون، وكلمات الأغاني مثل أغنية “أدرينالين” لمحمد حماقي، التي يقول في أحد مقاطعها: “لمست إيدي عملت كونتكت الكهربا مسكت في الشرايين”، وأغنية “نمت ننه” لروبي، والتي تقول فيها: “نمت ننه طب والحب اللي بينا، مش هتكلمني سيكا، مش هتدلعني سِنة”، وأغنية “ملك الفبركة” لأبو، والذي يقول فيها: “أهو بكا واشتكى ملك الفبركة كان في الفزلكة أستاذ تكتكة وقت الرحرحة عينه مفتحة وإحنا على قديمه”، الأمر الذي أثار جدلا وتساؤلات أيضا حول مدى تأثر الأغاني بالتكنولوجيا والسوشيال ميديا فمن المعروف أن الأغاني هي نبض لكل ما يحدث داخل المجتمع، فتعبر عن كل ما يشعر به الفرد من مشاعر رومانسية، ووطنية، وغيرها.

في نفس توقيت احتلال تلك الأغاني ساحة التريند ظهر فيديو النقاش المطرب وهو يدندن أغنية “بكرة يا حبيبي” للفنانة الراحلة وردة الجزائرية، والتي تقول: “بكرة يا حبيبي يحلو السهر، بكرة يا حبيبي نحضن القمر”، والتي حظيت على إعجاب الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وتعليقات الجمهور الكثيرة حول أننا بحاجة إلى مثل هذه الأصوات، والأغاني، والكلمات، الأمر الذي يدل على أن الساحة الفنية بها نقص في تلبية احتياجات الجمهور في وجود أغاني هادفة وأصوات راقية.

لذلك تواصل إعلام دوت كوم مع عدد من النقاد الموسيقيين لمعرفة هل فعلا تأثرت كلمات الأغاني بمواقع التواصل الاجتماعي، وكيف تغيرت الأغنية عموما.

تبدأ الأغنية من الكلمة.. وصناع الأغاني الآن يفضلون النجاح السريع

قال الدكتور زين نصار، أستاذ النقد الموسيقي بالمعهد العالي للنقد الفني، إنه من المفترض أن ترفع الأغاني من الذوق العام للأشخاص، وتثري لغتهم العربية، فالأغنية تبدأ من الكلمة فيجب أن تكون لها هدفا، مشيرا إلى أنه كان يوجد في الإذاعة المصرية لجنة من عمالقة الشعراء لمراجعة كل الأغاني قبل عرضها، وخاصة من حيث اللغة فلا بد أن تكون راقية لأنها تؤثر على الشباب والأطفال فإذا كانت سيئة ستؤدي إلى انحدار سلوكهم والذوق العام.

أكد “نصار” على أن صناع الأغاني في الوقت الحالي يبحثون عن النجاح السريع بأي ثمن، لافتا إلى أن الفن هو الذي يقود المجتمع فوظيفته الأولى هو الرقي بالمجتمع فالأغاني سلاح من أخطر ما يمكن، غير أن ثورة 1952 أدركت قيمة سلاح الغناء “القوة الناعمة” في توجيه المجتمع فقامت بتشجيعه من خلال “أضواء المدينة” و”ليالي التلفزيون” فكانت الأغنية تمر بمراحل صحية من المراجعة قبل نشرها، غير أن الإيقاع هو جزء فطري في جسم الإنسان لذلك فالمتلقي يتفاعل مع الأغاني التي يسمعها بغض النظر عن الكلمات، موضحا أن ذائقة المتلقي اختلفت ولكنها لم تصل للانحدار فلكل مجتمع قيم يحاول أن يحافظ عليها.

القطاع الخاص يهتم بالمكاسب والتريند

من جانبه قال الدكتور أشرف عبد الرحمن، الناقد الموسيقي، والأستاذ بالمعهد العالي للنقد الفني، إنه بالتأكيد تأثرت الأغاني بوسائل التواصل الاجتماعي، لأنها أصبحت تعتبر أحد وسائل العرض للعمل الفني، بل أصبحت أقواها، مؤكدا على أن الأغنية أسرع انتشارا وأكثر تأثيرا من الفنون الأخرى، ففي بداية القرن العشرين، انتشرت موجة من الكلمات الهابطة تصل إلى درجة الإسفاف مثل “إرخي الستارة اللي في ريحنا”، مؤكدا على أنه في كل فترة من الفترات يحدث هذا الإسفاف.

أردف “عبد الرحمن” أن كلمات الأغاني الحالية أصبحت سطحية، وتسمى أغنية “التيك أواي” السريعة، لافتا إلى أن ما يحدث هو تغير وليس تطور في الأغاني لمحاولة مواكبة التغيرات التي تحدث في العصر، ومن يتحكم في صناعة الأغاني الآن هو القطاع الخاص فما يركز عليه هو تحقيق المكاسب والسيطرة على التريند دون التفكير في استمرارية الأغنية من عدمها.

الإفيه محاولة من صناع الأغاني لصد هجوم المهرجانات

أما محمود فوزي السيد، الناقد الموسيقي، فيرى أن الإفيه أصبح مسيطرا على عمل الكثير من الشعراء وبالتالي المطربين اعتقادا منهم أنهم بزيادة نسبة الإفيهات فى أغانيهم يستطيعون الحصول على جمهور جديد فى محاولة منهم لصد هجوم المهرجانات، موضحا أنه مقبول أحيانًا لكن بالنسبة للنجوم الكبار فلا بد أن يكون على فترات متباعدة.

أردف أن مدة صلاحية الأغنية التي تعتمد على الإفيه لا تتعدى الأسبوع الواحد، ومن المفترض أن تكون مواجهة الظواهر الغنائية الحديثة باجتهاد أكثر على الأشكال الموسيقية المقدمة من المبدعين، مشيرا إلى أن ما يحدث ليس تطورا في الأغاني، ولكنه إما أن يكون سوء تقدير أو بحثا عن طرق انتشار أسهل وأسرع عند فئات جديدة من الجمهور، مؤكدا على أن الجمهور إذا تذكر أغنية واحدة فقط معتمدة على الإفيه بعد عام أصبحت تجربة ناجحة، أما عن من المتحكم في فرض نوع الأغاني فقال إن المستمع مجرد متلقي فقط، يختار من بين الأنواع الموسيقية المقدمة له ما يفضله لكنه لا يتحكم فيه.