منظمة الصحة العالمية تؤكد حق المرأة في الحماية من العنف بمهرجان أسوان

استضاف منتدى نوت ضمن فعاليات مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة جلسة نقاشية لمنظمة الصحة العالمية، أدارها الدكتور عصام العدوي الخبير التنموي الدولي، وشارك فيها الدكتورة نعيمة القصير ممثلة منظمة الصحة العالمية في مصر، والمخرج مجدي أحمد علي والمخرجة إنعام محمد علي، والدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون .

نرشح لك:إنعام محمد علي: مفيش حاجة اسمها زواج تاني



وقال المخرج مجدي أحمد علي إن قضية العنف ضد المرأة في الثقافة المصرية تحتاج إلى ندوات كثيرة، وحصرها في الفن فقط ليس كاف، كسينمائي ليست لدي في حياتي غير قضيتين المرأة والتطرف الديني.
وأضاف: نتيجة نشأتي في قرية بسيطة، رأيت دور المرأة المصرية المسكوت عنه في التلفزيون والإذاعة والثقافة بشكل عام، في بداية السبعينيات معظم الرجال في القرى سافروا إلى الخليج، وكانت السيدة هي التي تذهب إلى الحقول وترعى الأبناء والبيت بالكامل، وتحملت مسؤولية مصر فترة طويلة من الزمن حتى انتهت حقبة الهجرة للخليج أو تراجعت نسبيا، وفي فيلمي يا دنيا يا غرامي ناقشت تجربة العنوسة، وبعد ذلك كل أفلامي تقريبا كرستها لقضايا المرأة ما عدا البطل ومولانا، يكفي أن نقول أن حق التصويت للمرأة حدث سنة 1956 ، قبل دول أوروبية كثيرة، ورغم ذلك الثقافة المجتمعية التي تظلم المرأة مازالت ولدينا تراكم كبير جدا من المشاكل، ومن يتوهم أن السينما ستحل كل هذا بجرة قلم فهو واهم ، فالسينما تغير بإيقاع بطيء، لكن نضال منظمات المجتمع المدني هو الأكثر تأثيرا والنضال المجتمعي أهم وأسرع من الثقافة والفن، ويؤسفني القول أنه حتى الثقافة والفن تسرب إليها النظرة المتدنية للمرأة، ونادرا ما أجد فيلما ليس فيه ركلة أو صفعة لامرأة، بسبب التنميط، فالمرأة إما ضحية أو شريرة أو خاطئة، وتكريس الفكرة الأخيرة باعتبارها لها مرجعية دينية.

واستكمل مجدي الحديث قائلا: أخذت عهد على نفسي لا توجد إمرأة تصفع أو تضرب في فيلم لي على الإطلاق، بالثقافة الغريبة المنتشرة في المجتمع ضد المرأة وجدنا عريس الإسماعيلية الذي ضرب زوجته أمام الجميع باعتباره أمرا اعتياديا عادي، وللأسف البعض يعتبر الفن المسؤول عن التغيير وهذا ليس صحيحا، فالصدمة التي يحدثها الفيلم لن تكون مثل الصدمة التي يحدثها قانون، فهناك أعضاء في مجلس الشعب ينظرون إلى المرأة بدونية، كما أن هناك حالة عامة من التهميش فالمجتمع يحمل في أعماقه نظرة متخلفة تجاه المرأة، فالسينما تحدثت عن الختان والزواج المبكر وحق المرأة في التعرف على الرجل، كل هذه القضايا طرحتها لكن هل هذا كاف فالمجتمع متشبع بأفكار كثيرة سلبية، وبعض المثقفين حين يتكلمون في الأمر تجد لديهم حالة من التراجع فيما يخص قضايا المرأة بشكل عام .

وفي النهاية أكد أن قوة القانون تجعل كل ما هو صادم حاسم، مثل الخلع، والمجتمعات بنضالها الدائم والمباشر هي القادرة أكثر من السينما والفن على تغيير واقعنا المزري.

وقدمت إحدى الناشطات مداخلة حول منع المرأة من حقها في الميراث في الصعيد، وكيف تتعرض النساء للقهر في هذه المسألة. وطالبت بعمل سينمائي أو درامي يناقش هذا الأمر.

ورد مجدي أحمد علي: رغم أن آيات الإرث واضحة وقاطعة لكن التراث الاجتماعي لا علاقة له بالدين، وإنما هو نتيجة ميراث متراكم من العادات والتصورات المغلوطة عن المرأة.

وقالت الدكتورة نعيمة القصير، ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، يجب العمل على تغيير الأنماط السائدة والسلوكيات من خلال الفن والثقافة والسينما، ولأول مرة أقابل شخصيات كبيرة وعقول كبيرة في هذا المكان، رؤيتنا كمنظمة الصحة العالمية حول العنف، كقضية أساسية لها مردود على الاقتصاد وعلى حقوق الإنسان وغيرها.

وتساءلت القصير: كيف يمكن تقويم السلوكيات والثقافات خاصة من ام الدنيا جمهورية مصر العربية ، كيف أثرت الثقافة والأفلام على الدول العربية ؟ وكيف يمكن استخدام تلك الأفلام لتغيير المفاهيم المغلوطة؟

بخصوص منتدى نوت والعنف ضد الفتيات والنساء، هناك فيلم قصير أريد عرضه، وهذا الفيلم يعرض الكثير من مظاهر العنف ضد المرأة من الختان للزواج المبكر والعنف أو الضرب، والاحصائيات تقول إن 90 % من العنف يرتكبه شريك الحياة.

وقالت إن دستور الصحة العالمية عرف الصحة من اكتمال السلامة جسديا ونفسيا وبدنيا وأضفنا إليها وروحيا، يجب توافر صحة جيدة لكل البشر دون تمييز، والنساء يتعرضن للاكتئاب والقلق 3 أضعاف الرجال ، ما يؤدي إلى اتجاههن للتدخين بكل أضراره ومخاطره. وأشارت القصير إلى أن 1.4 مليار دولار تصرف سنويا على الخدمات الصحية على الفتيات والنساء لمعالجة ممارسات ضارة، مثل الختان والزواج المبكر وكل مظاهر العنف ضد المرأة .. وتغيير الوعي والتعليم والفن له دور كبير في التوعية وتقديم فنون تعالج هذه القضايا، فلا تنمية بلا صحة.

وأضافت: لدينا عدة مبادرات في منظمة الصحة العالمية، منها مبادرات لتغيير السلوكيات الاجتماعية والنظرة للمرأة من خلال الفن، وسأسعى لعمل ذلك مع مهرجان أسوان، فتركيزنا على مكافحة العنف ضد الفتيات والنساء ، يحتاج إلى مؤسسات وآليات وتغيير لسلوكياتنا الفردية في أي مكان في الشارع في الجامعة أو المدرسة أو غيرها، وأشارت إلى أنه مطلوب مهرجان دولي للأفلام من منظور الصحة، أكثر من تعرض للأذى النفسي العاملين بالصحة، ونحن نؤمن برسالة الفن والمؤسسات الثقافية ودورها في تغيير الثقافة العامة للمجتمع بما يحد من العنف ضد المرأة .

وقالت الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون إن الأكاديمية هي المورد الأول والشرعي للكوادر المؤهلة في جميع المجالات الفنية، والأكاديمية تضم 7 معاهد هي المعهد العالي للفنون المسرحية، المعهد العالي للسينما ، الموسيقى العربية، الكونسرفاتوار، المعهد العالي للبالية، المعهد العالي للنقد الفني، المعهد العالي للفنون الشعبية، المعهد العالي لفنون الطفل، مدرسة البالية، مدرسة التكنولوجيا التطبيقية، وهي ثاني دفعة لدينا، لتخدم على كل المهن الرئيسية في صناعة الفنون.

وأوضحت جبارة، فيما يتعلق بصحة المرأة نعمل على عدة مستويات، ليس لدينا مادة عن حقوق الإنسان، لنفعل ذلك نحتاج إلى جهود ووقت طويل، بدلا من ذلك أعددنا “سيمنار” لتعريف الطلبة حقوقهم وواجباتهم، حقوق المرأة وحقوق الطفل، العلاقة لدينا بين الولد والبنت تنشأ وهم صغار وهم في الثالثة الابتدائي، طوال الوقت نعد دورات توعوية للتفريق بين التلامس والاحتكاك حين يكون بغرض الفن أو بأغراض أخرى، وقالت إن نظام التعليم في الأكاديمية يخلق بيئة صحية بين الفتيات والفتيان، فكرة العنف ليست موجودة لدينا، لكن أنشانا وحدة مكافحة العنف والتحرش لنقيم من خلالها حملات توعوية، وطوال الوقت نقيم ندوات توعوية بالاشتراك مع المجلس القومي للمرأة .

وأشارت جبارة إلى أنها شاركت في ندوة عن مناهضة العنف ضد المرأة، وقالت: كنت ومدحت العدل نتحدث عن المشاكل الأساسية مثل الختان والزواج المبكر وتعدد الزوجات في القاعة الكبرى بجامعة القاهرة، رفعت إحدى الطالبات يدها وقالت أنا مع التعدد، المشكلة أن القاعة كلها صفقت لها، هذا يشير إلى ما قاله مجدي أحمد علي حول أن المرأة نفسها أحيانا تكون ضد المرأة.

وأضافت “جبارة” أن الأكاديمية لها مشاركات اجتماعية تنظمها طوال الوقت لمناهضة العنف ضد المرأة، عادة حين تقدم رسالة من عمل درامي تصل إلى المتلقي، لكن الرسائل بشكل مباشر تهين كرامته وتقلل من ذكائه.

وتم عرض فيلمين قصيرين عن الختان والزواج المبكر من إنتاج أكاديمية الفنون .

وقالت المخرجة إنعام محمد علي إن رسالتها للماجستير الدراما التليفزيونية والتأثير الاجتماعي، لذلك حرصت على أن يكون السيناريو والشكل الفني يلمس قلوب المشاهدين وعقولهم، ولا تنتهي القضية بكلمة النهاية، العمل الفني يبدأ عند المشاهد حين ينتهي العمل نفسه، فيجب أن يترك أثرا في المشاهد، أن يوجه رسائل بعينها، ناقشت محو الأمية وناقشت الكثير من القضايا الأخرى الخاصة بالمرأة بطريقة تمس مشاعر الناس، وفي إحدى المسلسلات التي قدمتها بمناسبة عيد الأم وأخذت عليها 13 جائزة لكل فريق العمل، وكان المسلسل يناقش ضرب الزوجات، الولد يقلد أبيه، لكن زوجته طلبت الطلاق، المفاجأة أن أم الولد هي التي اعترفت بضرب ابنها لزوجته وكسبت الزوجة القضية والعنف يكون من الزوج أحيانا ومن الأب والأخ وأحياناً من المجتمع، والثقافة المجتمعية تحتاج إلى وقت طويل لتغييرها .

وقال المصور السينمائي كمال عبد العزيز: إننا في مجتمعاتنا العربية هناك عنصرية حقيقية موجودة، يجب أن نعمل مع بعضنا البعض على مستوى الوطن العربي، ونناقش الأفكار من خلال مجموعات عمل للخروج بأفلام جميلة ومعبرة، ونظمت مع الدكتور عزة كامل مهرجان الموبايل لمناهضة العنف ضد المرأة، جاء لنا أطفال بعمر 15 و16 سنة أحضروا لنا أفلاما في منتهى الجمال أفضل من أفلام المتخصصين، نحتاج خريطة نتحرك من خلالها لمناقشة قضايا المرأة ومعالجتها بقدر الإمكان فنيا.

وأضاف عبد العزيز أن المرأة قوية جدا ونفتخر بالمرأة المصرية، ويجب تكريس هذه الصورة القوية للمرأة فنيا ودراميا كوسيلة لمواجهة العنف ضد المرأة في الأوساط الاجتماعية المهمشة.