إيمان سراج تكتب: The Lost Daughter.. عندما يؤثر الماضي في هدم الحاضر

قررت الكتابة عن هذا الفيلم لأنه يحمل رسالة تهم كل بيت وكل أم وكل أسرة.. عندما يتسبب الماضي في هدم الحاضر وعندما يؤثر الحاضر على المستقبل.

“ليدا” سيدة في منتصف العمر مطلقة وأم قررت أن تأخذ إجازة على البحر، في بلدة ساحلية صغيرة في اليونان. ولكن بعد أيام من الهدوء والسكينة، تأخذ أجازتها الهادئة منحى آخر.. تصادف “ليدا” عائلة وجودها صاخب ومزعج وغير مستقر ويمثل تهديدًا في بعض الأحيان لها. عندما يقع حدث صغير لا معنى له على ما يبدو ولكن يمثل لليدا ذكريات الخيارات الصعبة وغير التقليدية التي اتخذتها كأم وعواقبها على نفسها وعائلتها وسرعان ما تصبح القصة التي تبدو هادئة، قصة مواجهة شرسة مع ماض مضطرب لليدا عندما كانت زوجة وأم مُرهَقَة ومُهمِلة لابنتين. كان كل ما يهمها، الحصول على مساحتها الخاصة.

نرشح لك: باراك أوباما والشهرة: الفصل السابع من كتاب لوغاريتمات الشهرة

عندما يؤثر الماضي في هدم الحاضر

كان كل إنزعاج ليدا أنها لا تستطيع الاستمتاع بعطلة هادئة على الشاطئ وهي تقرأ كتبها. ومع ذلك عندما حصلت على ذلك حاصرتها ذكريات الماضي حينما وجدت نفسها تراقب امرأة شابة تدعى “نينا” متابعة دقيقة مع ابنتها الصغيرة “إيلينا”وزوجها على الشاطئ.

عادت إلى الماضي الذي لا يزال يطاردها. في الوقت نفسه عند مشاهدة تفاعل نينا وإيلينا، تبدأ ليدا في التفكير في ابنتيها بيانكا ومارتا ، اللتين تبلغان من العمر الآن 25 و 23 عامًا وتعيشان بعيدًا عن هذا الشاطئ بمسافات طويلة. تعود ذكرياتها في ومضات – ذكريات عندما كان أطفالها صغارًا وكانت عالمة شابة، تحاول بشكل كبير مواصلة عملها، بدأت مشاهر الماضي تسيطر عليها وتتسرب إلى هدوئها وخاصة أثناء التحديق فى الطفلة ودميتها.

تثير دمية إيلينا شيئًا ما في ذاكرة ليدا عن طفلتها الصغيرة مينا. وكذلك الطريقة الصحيحة لتقشير البرتقالة، كل ذلك جعلها تتساءل عما إذا كانت تنظر إلى نفسها في الماضي. أصبحت ترى نفسها في نينا وحتى في إيلينا، يمكنها اكتشاف نوع من المستقبل فيها وفي بناتها.

‎الكثير مما نراه (في الماضي والحاضر) يوضح سبب العزلة والإحباط الذي تشعر به الكثير من الأمهات. وذلك لا علاقة له بحب الأطفال، ولكن له علاقة بتركيبة الأم ومدى تأثرها نفسيًا بالضغوط المحيطة بها، والأمهات دائمًا ما يضيعن في العالم. كلما تقدموا في السن، أدركوا أن من مسؤوليتهم الخاصة أن يجدوا أنفسهم.

وهنا نطرح تساؤل، ما ذنب الأطفال؟ للعلم الأطفال يشعرون ويتذكرون كل ما يجرى حولهم حتى لو لم يعبرو عنه، كثير من الأمهات يغفلن ذلك لكن في المستقبل يندمن عليه، لا بد من المعادلة بين ما تمنحه الأم لنفسها وما تمنحه لأطفالها من وقت. وإلا ستشعر بالذنب لاحقًا في الحياة.

الفيلم رغم بطء أحداثه إلا أنه يحتوى على تفاصيل مهمة، دائمًا أداء أوليفيا كولمان رائع وبشكل خاص هنا، حضورها كان قويًا ويثبت أنها تستطيع أن تلعب أي دور، تستحق الجائزة المرشحة لها كأفضل ممثلة في جوائز الأوسكار.