لماذا يعد تكريم كريم عبد العزيز في "القاهرة السينمائي" اختيارًا موفقًا؟

نجح الفنان كريم عبد العزيز، لمدة 5 أيام، أن يحتل اهتمام شريحة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، سواء جمهوره بمختلف أعمارهم، أو زملائه من الفنانين خاصة من جيله، أو من الصحفيين والنقاد، بعد تكريمه في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46، وذلك بالرغم من ابتعاد “عبد العزيز” التام عن السوشيال ميديا، أو كتعبير أدق، عدم استخدامه لها لوسيلة للتواجد تحت الأضواء، واكتفائه بأعماله وظهوره الإعلامي بتوازن يليق بنجوميته الحقيقية، التي نجح في صناعتها في وجدان جيل، ارتبط به كرفيق لسنوات شبابه، والأجيال المتعاقبة له.

اختيار مهرجان القاهرة السينمائي لكريم عبد العزيز، لمنحه جائزة فاتن حمامة، أسعد الكثيرين ولاقى احتفاء كبير، إلا أن البعض انتقده، حيث تساءلوا “ليه كريم؟ وعمل إيه للفن؟”، والحقيقة أن هناك الكثير من الإجابات لتلك الأسئلة سنحاول فيما يلي طرح أبرزها:

نرشح لك: رأي كريم عبد العزيز في الوضع الحالي للسينما المصرية

كريم.. والحنين!

ظهور “عبد العزيز” في حفل الافتتاح بشارب كثيف، أطلقه بسبب شخصيته التي يقدمها في فيلم “كيرة والجن” المنتظر طرحه في دور العرض قريبًا، تسبب في حالة من “الصدمة” للبعض، حيث إنه أظهر كريم بعمر متقدم، كشف مرور الكثير من السنوات، على جيل الشباب الذي عاصر انطلاقته الفنية، فكشف ظهوره الستار عن سنوات كثيرة مرت على هذا الجيل لم يعيها إلا من خلال وجه “كريم” أحد أوسم نجوم جيله، حيث لم يتخيل أحد أن كل ذلك الوقت مر، منذ ظهوره في “اضحك الصورة تطلع حلوة”، ومن ثم نجوميته الواعدة ونجاحه في اختطاف الأنظار له في “امرأة من زمن الحب”، وبعدها النجاح الكبير الذي استطاع تحقيقه في السينما بثنائيته مع ماجد الكدواني في “حرامية في كي جي تو”، و”حرامية في تايلند”، وغيرها من الأفلام.

صديق العمر

الأمر لا يتعلق فقط بتغير ملامح كريم، فالحنين لم يكن باستيعاب حجم الزمن، بل بذلك الزمن نفسه، بـ”روايح الزمن الجميل”، التي حرك بها كريم مشاعر الجمهور أثناء صعوده على المسرح، فوقفته عليه بجوار منى زكي استعادت سريعًا شريط ذكريات أهم ثنائيتهما سويًا، “اضحك الصورة تضحك” مع الراحل أحمد زكي -سنة 1998- و “ليه خلتني أحبك” -سنة 2000″، ومن ثم “أبو علي” -سنة 2005- وأخيرًا “ولاد العم” مع شريف منير -سنة 2009- ليأتي تصريحه بأنه لا أحد كان يجب أن يسلمه تلك الجائزة مثل منى زكي، فهي صديقة العمر ورفيقة كفاح سنوات طويلة، بالإضافة لنظرة ماجد الكدواني له بفخر، ذلك الصديق الذي وصفه “عبد العزيز” قائلًا: “الصاحب الجدع والسند (رزق) شكرا يا صاحبي”، فتلك العلاقات الصادقة أيضًا تحولت لـ”ترند معجون بالحب” لأنها تستحق بالفعل ذلك، فنادرًا ما تستمر علاقة الصداقة القوية والصادقة في الوسط الفني، والحقيقة إن كريم عبد العزيز، واحدًا من أكثر النجوم المحبوبين في الوسط، فحضوره دائمًا “خفيف”، يساند الجميع ويمدح الكثيرون، ويعبر عن امتنانه وإخلاصه لكل من وقف بجواره.

ليست النجومية وحدها.. الإنسانية مقياس رابح

النجومية التي تتغير ملامحها، أو يتبدل مفهومها من جيل لآخر، ليست وحدها السبب الرئيسي في تعلق الجمهور بالفنان، فهناك الكثيرون ممن استطاعوا تحقيق نجومية بـ”الخلافات” وإثارة الأزمات عمدًا، والتصريحات “الساخنة” وغيرها ليبقي نفسه تحت الأضواء، إلا أن كريم عبد العزيز، وأغلب نجوم جيله، كان لهم مفهوم آخر للنجومية، فنادرًا ما تجد منهم من يثير اشمئزازك، أو يسقط من نظرك كإنسان على الرغم من نجاحه، وكان “عبد العزيز” مثالًا جيدًا لذلك النهج.

بالإضافة لوجود عنصر إنساني هام فيه وهو “إنه متربي” تلك الصفة التي التصقت مؤخرًا به، بعد الإعلان عن فوزه بالجائزة، ووقوفه على المسرح ليشكر والديه وزوجته وأصدقائه وكل من ساندوه، حتى بعد لقاءاته التلفزيونية أو حواراته مع الصحفيين، لا أحد يمكن أن يصفه إلا بأنه على خُلق، وذلك الأمر لو يفهمه البعض يجعل الفنان يعيش عمرًا أطول في ذاكرة جمهوره، بجانب أعماله، فكلاهما لا استغناء عنه.

الانتقاء.. يدوم أكثر

لعل من أكثر الأشياء التي تميز أدوار كريم عبد العزيز، هي انتقائه لأعماله، فعند توجيه سؤال له أمس في إحدى ندوات مهرجان القاهرة السينمائي، عن سبب قلة أعماله وغيابه في بعض الأوقات عن الشاشة سواء تلفزيون أو سينما، قال إنه منذ بدايته، كان يريد أن يجرب كل الأدوار، ولم يرغب في حصر المخرجين له في أدوار بعينها، وذلك يتضح جليًا في تنوع الشخصيات التي قدمها، فـ”مراهق امرأة من زمن الحب واضحك الصورة تطلع حلوة”، يختلف عن “حرامي حرامية في تايلند وكي جي تو”، وبالطبع غير “طبيب الفيل الأزرق”، و”ضابط ولاد العمل والزيبق”، ويختلف أيضًا “الزوج المخلص في واحد من الناس” عن “المخادع في نادر الرجال السري”.

انتقاء كريم عبد العزيز لأدواره أبعده كثيرًا عن التراجع فيما يقدمه، وإن كان تحقيق بعض أفلامه أو أعماله بشكل عام لنجاحات أقل من غيرها، لكن من الصعب أن يؤخذ عليه عمل أو يوصف بأنه لا يليق به وبتاريخه، فقد حافظ على أن تكون قائمة أعماله لكل منها ما يميزه.

انتقاء كريم لأعماله، ونجاحه في تقديمها، جعلها تدوم أكثر، وتتخطى حدود الشاشة وقت عرضها، إلى عالم السوشيال ميديا الآن، فمن لم يردد أو يستخدم “كوميكس” له من أعماله للدلالة على حالة ما مثل “نحن نختلف عن الآخرون خالص”، أو “هو أنا فيا حيل”، وغيرها.

الاجتهاد.. لا الوسامة ولا الواسطة

قلة من الجمهور يعرف معلومة أن كريم عبد العزيز هو ابن المخرج الكبير محمد عبد العزيز، فمن لا يتابع أخبار الفن والفنانين، ويشاهد فقط الأعمال الفنية، لن يربط اسم “عبد العزيز” بالواسطة أبدًا، فكريم لم يدخل مجال التمثيل برضا والده، حيث كان المخرج الكبير معترضًا على ذلك لأنه لا يريد لابنه أن يواجه الصعوبات التي واجهها في المجال، ولكن كريم أراد ذلك، وبعدما رشحه الزعيم عادل إمام ليشاركه بدور الطفل في “المشبوه” جاء دور المخرج الكبير وحيد حامد لاختياره بأن يشارك في “اضحك الصورة تطلع حلوة”، بعدما شاهد مشروع تخرجه في معهد التمثيل، ليحقق بذلك كريم رغبته في التمثيل والتي تخالف رغبة والده، الذي لم يعترض طريقه بدوره، بل سانده معنويًا كأب، وليس كمخرج يفرض ابنه على المجال.

وبعيدًا عن الواسطة، يأتي وصف “الوسيم” أحيانًا كتهمة للبعض من قليلي الموهبة، بأنها السبب في إقحامهم في التمثيل، وذلك عكس كريم عبد العزيز، الذي أجاب على تلك النقطة خال ندوته على هامش فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي، بأنه لا يوجد رجل “جميل” فالرجال لهم مقاييس أخرى للجمال، وتلك لا تصنع نجومية، وتلك حقيقة، فالشكل لا يستطيع أبدًا خلق نجومية، ولا الجمال ولا الواسطة، يمكنهم صنع كل ذلك القدر من الحب في قلب أجيال متعاقبة لفنان فُرض عليهم بشكل أو بآخر.