كيف يمكن حماية برامج الحاسب الآلي كبراءة اختراع؟

محمد مصطفى عامر حماية برامج الحاسب الآلي

في هذا المقال سنقوم بعرض الرأي المُؤيد تحليلياً وفقاً لطبيعة برامج الحاسب الآلي القانونية وبيئة عمل برنامج الحاسب الآلي طبقاً للاتفاقيات الدولية. فقد نادى بعض الفقهاء بضرورة حماية برامج الحاسوب وفق قواعد براءة الاختراع، لأن البرامج تستعمل بالأساس للتعامل ليس مع الإنسان، بل مع مجموعة من الآلات والأجهزة في الحاسوب، لإدارتها وتوجيهها للقيام بعمل معين أو لتقديم خدمة محددة للمستخدم. وما دامت هذه البرامج لصيقة بالآلة وهذه الأخيرة محمية وفق مقتضيات براءة الاختراع، ولأن الفرع يتبع الأصل، فمن الواجب أن تنسحب البراءة أيضا على برامج الحاسوب باعتبارها جزءاً من الآلة التي تستخدمها. حماية برامج الحاسب الآلي

وعليه، البرامج كأي اختراع تتضمن أفكارا منطوية على إبداع فكري جديد. بمعنى آخر، البرامج وفق هذا الاتجاه، طريقة صناعية جديدة، تجعل آلات وأجهزة الحاسوب تؤدي خدمة معينة، فهي تؤدي غرضا جديدا يصلح لاستغلاله وتطبيقه صناعيا. وبذلك تكون برامج الحاسوب، اختراعا ابتكاريا جديدا قابلا للتطبيق الصناعي. فالبراءة تعني الصناعة، والبرامج كذلك.

نرشح لك: ماهية براءة الاختراع وشروط الحصول عليها

 

  • أتاحت المادة 22 الفقرة 1 من اتفاقية الجوانب الفكرية المتصلة بالتجارة TRIPS لسنة 1994، إمكانية الحصول على براءة الاختراع، سواء للمنتجات أم العمليات الصناعية في كافة ميادين التكنولوجيا، شريطة كونها جديدة ومنطوية على “خطوة إبداعية” قابلة للاستخدام في الصناعة (…)، ويتم التمتع بحقوق ملكيتها دون تمييز فيما يتعلق بمكان الاختراع أو المجال التكنولوجي أو ما إذا كانت المنتجات مستوردة أم منتجة محليا”. فبمقتضى هذه المادة وبالضبط من العبارات “عمليات صناعية في كافة ميادين التكنولوجيا، شريطة كونها جديدة…”، نفهم بأن هذه الاتفاقية لم تمنع برامج الحاسوب من التمتع بالبراءة إذا ما كانت قابلة للاستخدام في المجال الصناعي وكانت جديدة.

            ومن ثم، تكون قد تركت الباب مفتوحا أمام خوارزميات البرنامج لكي تحظى بالبراءة، طالما دخلت ضمن مفهوم “العمليات الصناعية” المنطوية على “خطوة إبداعية” في كافة ميادين التكنولوجيا. ويمكن أن نفهم أن الاتفاقية المذكورة، حينما حمت برامج الحاسوب عن طريق قانون حق المؤلف، فالأغلب أنها اعتبرت أن هذه الحماية مقررة لمؤلف البرنامج وليس للبرنامج في ذاته، بحيث نجدها قد حمت برنامجي المصدر والهدف أيضا، واعتبرتهما بمثابة إبداع أدبي وفق اتفاقية برن. لهذا، فإن خوارزميات برامج الحاسوب أحيطت بالحماية القانونية وفق هذه الاتفاقية.

  • إن برنامج الحاسب الآلي لا يمكن للإنسان تمييزه بصورة مباشرة، ويعد أساساً من الأشياء النفعية لأنه يستخدم لكي يجعل جهازاً إلكترونياً يُنفذ مهمة مُعينة ويحقق نتيجة محددة، وبناء على ذلك فإنه لا ينتمي إلى المجال الجمالي بل إلى المجال النفعي.
  • إن حقوق المؤلف لا تحمى الأفكار، بينما يجب حماية الأفكار في برامج الحاسب الآلي، كما يحدث في حالة براءات الاختراع.
  • إن من يستخدم برامج الحاسب الآلي يجب أن تكون لديه نسخة احتياطية، وهو أمر لا تنص عليها حقوق المؤلف فيما يتعلق بالمُصنفات.
  • مُدة الحماية التي تنطبق على حقوق المؤلف المالية أطول من أن تصلح لتطبيقها على برامج الحاسب الآلي. (مثال نظام تشغيل WINDOWS 98، ما الفائدة أن يأخذ حماية لمدة خمسون عاماً وإننا وصلنا في 2012 لأكثر من إصدار متطور عن هذا النظام؟).

 

المراجع:

 

  • بشرى النية، بحث بعنوان “برامج الحاسب الآلي وقواعد الملكية الصناعية- تناغم أم تنافر”، كلية الحقوق- الرباط.
  • دليا ليبزيك، ترجمة د. محمد حسام لطفي، حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، 2004.
  • عبد الرحمن جميل محمود حسين، الحماية القانونية لبرامج الحاسب الآلي-دراسة مقارنة-، درجة الماجيستير- إشراف د. غسان خالد، جامعة النجاح الوطنية، نابلس- فلسطين،2008.

 

 

محمد مصطفى عامر

محمد مصطفى عامر 

مستشار وخبير الملكية الفكرية

أستاذ التعليم عن بُعد بأكاديمية المنظمة العالمية للملكية الفكرية بسويسرا