حكم بعدم دستورية الحبس لمزاولة العمل الفني بدون ترخيص

العمل الفني بدون ترخيص
أصدرت المحكمة الدستورية العليا، اليوم، برئاسة المستشار سعيد مرعي، حكما مهما بعدم دستورية عقوبة الحبس المنصوص عليها في قانون إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية بحق من يزاول العمل الفني دون ترخيص من النقابة المختصة.

وتنص المادة 5 مكرر التي استحدثت بالقانون 8 لسنة 2003 وأضيفت إلى قانون إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية رقم 25 لسنة 1978 على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيها، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام المادة 5 من هذا القانون”.

نرشح لك: مدفوعة الأجر.. تفاصيل عن الدكتوراه الفخرية لمحمد رمضان

وتنص المادة 5 المعدلة بنفس القانون على أن يحظر التعاقد أو التشغيل لغير الأعضاء العاملين بالنقابة أو غير الحاصلين على تصاريح عمل مؤقتة.

وقال المستشار محمود محمد غنيم نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس المكتب الفني، إن ما نص عليه القانون من حظر التعاقد أو التشغيل لغير الأعضاء العاملين بالنقابة أو غير الحاصلين على تصاريح عمل مؤقتة، وكذا عقوبة الغرامة لكل من يخالف ذلك، يتوافق مع أحكام الدستور. غير أن عقوبة الحبس المرصودة لمن يزاول العمل الفني دون أن يكون مرخصا له بذلك من النقابة المختصة، فتتعارض مع حرية الإبداع الفني، بوصفها فرعا من حرية التعبير ومظهرا من مظاهرها. وتنص المادة 65 من الدستور المصري الحالي على أن “حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”.

كما تنص المادة 67 على أن “حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري..” وأقامت هذه الدعوى ممثلة غير مقيدة بجدول نقابة المهن التمثيلية، اتهمت عام 2008 بأنها زاولت المهنة بدون ترخيص، فدفعت أمام محكمة جنح السيدة زينب بعدم دستورية تلك العقوبة وهذا الحظر. وخلال مرحلة تحضير الدعوى الدستورية، رفعت هيئة المفوضين برئاسة المستشار د.عماد البشري تقريرا أعده المستشار د. طارق عبد القادر، عرض فيه رأيين حول القضية، أولهما أن فرض عقوبة سالبة للحرية على النحو الوارد في المادة 5 مكرر، أمر يشوبه الغلو والإفراط بصورة لا تتناسب مع جسامة المخالفة المرتكبة. لكن التقرير أكد في الوقت ذاته أن حظر العمل إلا على المقيدين بالنقابة مع جواز ممارسته بتصريح مؤقت، هو أمر يعتبر من القيود المهنية التي تضعها النقابة، ولا تتعارض مع حرية الإبداع الفني التي كفلها الدستور. مشددا على أن هذا الشرط فُرض من منظور اجتماعي لحماية الإبداع الفني من الأشخاص الذين يقحمون أنفسهم على النشاط الذي يتنازل في الأعم أعمالا إبداعية تمثل بمكوناتها عطاء دافقا ونهرا متجددا بعناصر الخلق التي تؤثر في بناء الفرد روحيا وعقليا، فيستقيم في هذا الصدد مع القيود المهنية التي يفرضها التنظيم النقابي، والتي لا تعتبر قيدا على حرية الإبداع، بل تثريها من خلال رد كل عدوان عليها، وتعميق مستوياتها وفق أكثر القيم تطويرا لمجتمعها، وهو اتجاه تبناه القانون المنظم لهذه المهن.

العمل الفني بدون ترخيص