تقرير.. أفريقيا لاعب رئيسي في ثورة رقمية جديدة

 

أسماء مندور

هل يمكن أن تخرج إفريقيا من جائحة كورونا كلاعب رئيسي في ثورة رقمية جديدة؟ 
أحدثت التحركات الأخيرة لشركات التكنولوجيا الكبرى، مثل قرار تويتر بإنشاء مقر أفريقي في غانا، ضجة كبيرة حول دور القارة في السوق الرقمي والإعلامي العالمي، حيث تمتلك إفريقيا بالفعل أساسًا قويًا من الشباب الذين يتزايد عددهم بسرعة ويتجهون تدريجيًا نحو مواكبة العصر الرقمي، وقد شهدت أزمة كوفيد الأخيرة هذه الإمكانيات والموهبة الخاصة بالحلول الرقمية المبتكرة، إذ يُقدر نشاط ريادة الأعمال في إفريقيا بالفعل بنسبة 13٪ أعلى من المتوسط العالمي، مما يشير إلى أن القارة قادرة على الازدهار بين منافسيها العالميين.

وفقًا للاتحاد الدولي للاتصالات، فإن زيادة انتشار استخدام الأجهزة المحمولة في إفريقيا بنسبة 10٪ ستؤدي إلى زيادة بنسبة 2.5٪ في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، لذلك يعد هذا النظام الرقمي المتسارع أمرًا بالغ الأهمية بشكل خاص، باعتباره عاملاً مضاعفًا للتعافي في إفريقيا بعد كوفيد -19 والنمو المستقبلي، لكن لكي تصبح هذه الفرصة مستدامة، تحتاج إفريقيا إلى أن تتطلع إلى أن تكون أكثر ترابطًا وقدرة على إنشاء محتواها الخاص بدلاً من الاعتماد على الواردات من بقية العالم، كما أشارت دراسة استقصائية حديثة إلى أن حوالي 85٪ من القصص الإخبارية حول إفريقيا يتم إنشاؤها خارج القارة، وهذا يحتاج إلى التغيير إذا كانت إفريقيا تريد أن تقود نموها، إذ لا يمكنها الاعتماد على العالم الخارجي لنقل أخبارها.

نرشح لك: أهمية مسايرة الصحافة للعالم الرقمي

 

المدينة الإعلامية في موريشيوس

يعد مشروع المدينة الإعلامية في موريشيوس، الذي تم إطلاقه حديثًا مثالًا حيًا لمبادرة جديدة مصممة لتلبية هذه الاحتياجات، إنه أيضًا مثال جيد على الاتجاه المتسارع نحو التكنولوجيا الرقمية في العمل، لأنها ستكون مركزًا للإعلام والصناعات الرقمية والإبداعية، كما أنها مدعومة من قِبل حكومة موريتانيا ومجلس التنمية الاقتصادية في موريشيوس، وتهدف إلى سد فجوة المهارات والبنية التحتية والمعلومات للاعبين الرئيسيين في الصناعة، الذين يتطلعون إلى تأسيس وجود إعلامي في القارة والاستثمار فيها.

سيجمع مركز المدينة الإعلامية بين مرافق البث والإنتاج الرائدة، مع حرم جامعي يهدف إلى نقل التميز الإعلامي لجيل جديد من الصحفيين والإعلاميين الأفارقة. تاريخياً، تم تقويض إمكانات القارة من خلال فجوة في البنية التحتية والتعليم مع الغرب، ولكن لديها الآن فرصة للاستفادة من هذه الإمكانات ونشر أخبار إفريقيا الجديدة الخارجة من الأزمة.

لدينا جميعًا قصصًا نرويها عن كيفية جلب فيروس كورونا للابتكار عبر القارة؛ من استخدام الطائرات بدون طيار لتوصيل الأدوية، إلى استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لدعم الممرضات والمستشفيات الأفريقية، فغالبًا ما تكون هذه قصصًا عن نجاحات أفريقية لم يسمع عنها العالم أبدًا، الآن يمكن لقصص المشاريع الأفريقية أن تصل إلى جماهير جديدة من خلال ظهور الاتصالات الرقمية.

 

صفقة تاريخية وجهود إقليمية

توضح الرغبة المتزايدة في اشتراك مقاطع الفيديو في المنطقة الاتجاه الذي تتجه إليه الجهود العالمية للاستثمار في صناعة الإعلام في إفريقيا؛ على سبيل المثال، أبرم منتج الأفلام والتلفزيون النيجيري Mo Abudu مؤخرًا صفقة تاريخية مع شركة نيتفليكس العملاقة للبث المباشر، بالإضافة إلى إنشاء أكاديمية EbonyLife Creative، التي تتيح للشباب النيجيريين فرصة استكشاف جميع جوانب الصناعة الإعلامية مجانًا، وذلك بفضل دعم الحكومة المحلية.

إلى جانب الجهود الإقليمية مثل المدينة الإعلامية في موريشيوس، ستستمر الاستثمارات المحلية في حمل زخم التطور الرقمي المتسارع الذي تشهده المنطقة، حيث ارتفع استخدام الأدوات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول بنسبة 30٪ خلال الخمسة عشر شهرًا الماضية، جنبًا إلى جنب مع نمو مماثل في استهلاك الوسائط الرقمية. 

 

الفجوة الرقمية

لا يزال ما يسمى بـ “الفجوة الرقمية” بين الأغنياء والفقراء حقيقة واقعة، لكن لا شك في أن معالجة تلك الفجوة التي تفاقمت بسبب الوباء قد أوجدت أيضًا إحساسًا بضرورة سدها من خلال زيادة الوصول إلى التكنولوجيا، حيث يقع التحول الرقمي في صميم خطة التعافي، بمعنى “إعادة البناء بشكل أفضل” في الاتحاد الأفريقي، جنبًا إلى جنب مع مشاريع تطوير البنية التحتية والتصنيع.

 ومن خلال دعم الاقتصاد الرقمي المتزايد، ستخلق إفريقيا فرصًا لزيادة الإنتاجية وريادة الأعمال والابتكار وخلق فرص العمل، وكل ذلك سيساعد على التعافي الشامل والمستدام.

لقد أعطانا الوباء درسًا قاسيًا مفاده أن العالم مترابط  ويقف أو يسقط معًا، لذا من المهم أن يتم دمج إفريقيا بالكامل في هذا المشهد الرقمي والإعلامي المتصل بالعولمة، ويأمل الجميع أن تساعد المشاريع الجديدة على تحقيق هذا الأمر، مما يساعد القارة على الاستفادة من إمكاناتها الرقمية.