الأهرام يا جدع.. حكاية عدد صدر بدون علم رئيس التحرير!

طاهر عبد الرحمن

في عام 1976 أقامت جريدة الأهرام – احتفالا بمرور مائة عام على صدورها – معرضا كبيرا عرضت فيه معظم أعدادها والتي غطت كل الأحداث الكبرى في العالم.

نرشح لك: الأهرام ويكلي تحتفل بعيد ميلادها الثلاثين

– العدد الوحيد الذي صدر

من بين تلك الأعداد كان عدد يوم 6 مايو 1945، وأهمية ذلك العدد التاريخية هو أنه كان العدد الوحيد الذي صدر من جرائد مصر كلها يومها، وكذلك لأنه صدر دون علم رئيس التحرير الأسطوري – وقتها – أنطون الجميل باشا.

هذه القصة كتبها الكاتب الصحفي والأثري المعروف، كمال الملاخ، في الصفحة الأخيرة من الأهرام، في عدد يوم 22 يونيو 1976.

عطلة شم النسيم

كان يوم الإثنين الموافق 5 مايو عام 1945 يوم عطلة رسمية في مصر لأنه يوم شم النسيم، وكان أيضا يوم عطلة رسمية للصحف المصرية، أي أنها لن تصدر في اليوم التالي، يوم 6.

وفي الساعات الأولى من ذلك اليوم، يوم 5، كان سكرتير تحرير جريدة الأهرام، نجيب كنعان، قد انتهى من تجهيز وطبع العدد، وبعدها ذهب إلى بيته لينام بعد أربعة عشرة ساعة قضاها في العمل.

خبر عالمي

في الساعة العاشرة صباحا استيقظ كنعان من نومه، وكعادته كل صباح فتح الراديو على إذاعة الbbc، وهي أهم محطة وقتها لتتبع أخبار الحرب العالمية الثانية.

ولفت نظره أن الإذاعة تقطع إرسالها العادي كل فترة قصيرة لتطلب من المستمعين انتظار بيان هام سيصدر عن قيادة جيوش الحلفاء.

بعد قليل أذاع الإذاعة الخبر الذي كان العالم كله ينتظره وهو استسلام ألمانيا بلا شرط أو قيد، وانتهاء الحرب العالمية الثانية.

نجيب كنعان يفتح الأهرام

أدرك على الفور سكرتير تحرير الأهرام أهمية ذلك الخبر القصوى، وبسرعة ارتدى ملابسه وهرع إلى دار الأهرام – في مقرها القديم الشهير بشارع مظلوم – لكنه وجدها مغلقة، فاليوم كان أجازة رسمية.

وبحث على البواب ووجده، وأسرع إلى غرفة التليفونات يستدعي كل المحررين ورؤساء الأقسام الذين استطاع أن يصل إليهم.

وفي نفس الوقت أرسل البواب – بتاكسي – إلى إمبابة ليحضر له “الشيخ عبد الرحمن”، رئيس المطبعة، وعددا من العمال الذين كانوا – لحسن الحظ – يسكنون في نفس المنطقة.

أين رئيس التحرير؟

في ذلك الوقت كان رئيس تحرير جريدة الأهرام هو أنطون الجميل باشا، وفي ذلك اليوم كان قد سافر إلى الإسكندرية لقضاء يوم شم النسيم هناك.

الغريب أن سكرتير التحرير، وهو يفتح الجريدة ويجهز لإصدار عدد خاص منها، لم يفكر في إخطار رئيس تحريره، وأن رئيس التحرير – في صباح اليوم التالي – فوجىء مثله مثل كل الناس بجريدته مطبوعة وتوزع.

الأهرام يا جدع

مع حلول الليل تم تجهيز وطباعة العدد الاستثنائي، وفي صباح اليوم التالي، يوم 6 مايو، فوجىء الناس بموزعي الصحف وهم ينادون: “انتهت الحرب.. الأهرام يا جدع”.

وعندما قرأ أنطون الجميل العدد أدرك على الفور أن سكرتير التحرير هو الذي فعلها، وعندما عاد إلى القاهرة أمر له بمكافأة قائلا له: “عملت طيب”.

من هو نجيب كنعان؟

هو واحد من أشهر محرري جريدة الأهرام على مر تاريخها، وكان من القلة القليلة التي بقيت في الجريدة مع تولي محمد حسنين هيكل رئاسة التحرير عام 1957.

وكانت كفاءته هي التي مكنته من أن يظل سكرتيرا للتحرير لمدة 20 عاما، وأن يكون مديرا للتحرير مدة 22 عاما.