تفاصيل معاقبة جامعة أمريكية لطالبة بسبب منشورات بذيئة

محمد إسماعيل الحلواني

أثارت فكرة رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الأمريكية العديد من الأسئلة حول حق الجامعات والمدارس في اتخاذ إجراءات تأديبية ضد الطلاب بسبب سلوكهم عبر الإنترنت.

تتعلق القصة كما نشرتها صحيفة نيويورك تايمز بالشابة “كمبرلي دييه”، طالبة الدراسات العليا بكلية الصيدلة في جامعة تينيسي الأمريكية، التي كانت منشوراتها على تويتر وإنستجرام دائمًا في حدود اللياقة.

نرشح لك: بسبب فيديو وصف بالمزيف.. بايدن يتصدر ترند أمريكا


وظل الأمر كذلك، حتى نشرت بعض الصور تحت اسم “كيميكاسي” المستعار، وبدت في إحدى الصور مرتدية فستانًا ضيقًا، بينما أخرجت لسانها في صورة أخرى بسبب ولعها الشديد بمغنية الراب “كاردي بي”.

وألّفتْ الطالبة أغنية راب تحمل بعض العبارات البذيئة. وفي غضون أسبوع واحد، أصبح لديها أكثر من 19500 متابعًا على إنستجرام و2000 على متابعًا.

لكن بالنسبة للجامعة، كان أداء طالبة الدراسات على السوشيال ميديا ليس مجرد طيش أو محاولة للظهور بشكل مفعم بالحيوية. فهناك مجهول أبلغ الجامعة عن صور “كمبرلي” ومنشوراتها، فأعلنت الجامعة، بدورها، تشكيل لجنة تأديبية للتحقيق في المنشورات المبتذلة وغير اللائقة، والتي لا تتماشى مع أعراف المهنة التي اختارتها.

وفي سبتمبر 2020، أمرت اللجنة بطرد “كمبرلي” من الجامعة، الأمر الذي أصابها بالصدمة الشديدة. ومنحت اللجنة “كمبرلي” يومين فقط لمعارضة قرار الطرد، فسارعت للاتفاق مع محامٍ وهددت برفع دعوى قضائية، فقرر عميد الكلية إلغاء قرار طردها.

لكن التجربة كانت مؤلمة بما يكفي لشحن “كمبرلي” نفسيًا وحملها على رفع دعوى قضائية فيدرالية بمساعدة محامٍ متطوع، بحجة أن الجامعة الحكومية انتهكت حقها الدستوري في حرية التعبير “دون سبب مشروع”.

في العصر الرقمي، وبينما تكافح منصات مثل فيسبوك وتويتر وإنستجرام لفرض نوع من الرقابة بغرض حجب المحتوى غير اللائق، أصبحت الجامعات والمدارس كذلك تواجه نفس الموقف.

ورصدت التايمز التخبط في ترجمة الجامعات والمؤسسات الأكاديمية للسياسات المتعلقة باللائق وغير اللائق والتعبير الشخصي في عالم السوشيال ميديا، حيث يختفي الخط الفاصل بين العام والخاص وحيث يتصاعد إيقاع مقاومة الشباب، من منطلق اقتناعهم بأن خطابهم خارج الحرم الجامعي ليس من شأن الجامعات.

ويعتقد بيتر ليك، مستشار عدد من رؤساء الجامعات ومدير مركز التميز في سياسات وقانون التعليم العالي التابع لجامعة ستيتسون الأمريكية أن النزاعات التي يتم حلها عن طريق التسويات القضائية قد اشتدت وتيرتها خلال وباء فيروس كورونا، عندما تلاشت الحدود بين العمل والمنزل أو الحرم الجامعي والحياة الشخصية.

وتساءل ليك: “عندما يصرخ الطلاب على تويتر أو يعبرون عن أنفسهم، هل يصرخون في مساحتهم أم في مساحة تخص الجامعة؟”.

لا تقوم الجامعات عمومًا بمطاردة طلابها عبر السوشيال ميديا ما لم يشكو أحد أفراد مجتمعهم، مثل طالب أو خريج، من تهديد أو لغة غير لائقة أو مضايقة في منشور ما، أو ما لم يرتكب الطالب أو الطالبة فعلاً مشينًا يضر بسمعة تلك الجامعة.

ويعتقد مارك ميريت، المستشار العام السابق لجامعة نورث كارولينا أن الجامعات لا تميل إلى أن تعمل كشرطة للسوشيال ميديا، بمعنى أنها لا تراقب السوشيال ميديا بنشاط. ولكن يحدث كثيرًا أن يتم لفت انتباه الإدارة إلى أمور من هذا القبيل.

في إشارة إلى مدى صعوبة هذه القضية، وافقت المحكمة العليا في يناير على قبول دعوى حركتها طالبة ومشجعة لفريق رياضي بمدرسة ثانوية في بنسلفانيا، ردًا على قرار استبعادها من فريق المشجعين بسبب تعبيرات بذيئة بأصابعها جاءت في تعليقها على تأخر تشكيل فريق المدرسة.

أرسلت المدعية الصورة البذيئة إلى 250 من أصدقائها وزملائها على سناب شات بالإضافة إلى رسائل نصية تشتم “المدرسة” واشتكى العديد من الطلاب للمدرسة من الرسائل.

بعد طردها من الفريق، رفعت الطالبة دعوى قضائية وحصلت على حكم يعيدها إلى الفريق. لكن حكم المحكمة لم يحسم بعد إلى أي مدى يمكن للمدارس والجامعات تطبيق العقوبات التأديبية على الطلاب بسبب سلوكهم على السوشيال ميديا بينما يتواجدون خارج الحرم الجامعي.

يقول محامو الحريات المدنية إن مثل هذه القضايا تمثل إحياءًا للمعارك حول حرية التعبير التي حدثت في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. فقد حاولت مدارس دي موين منع الطلاب من ارتداء شارات سوداء للاحتجاج على حرب فيتنام، وقضت المحكمة العليا في عام 1969 بأن الشارات محمية بموجب الحق في حرية التعبير.

في قضية أخرى، طردت جامعة ميسوري طالبًا بسبب طبع رسم كاريكاتيري مسيء وعنوان بذيء في إحدى الصحف السرية، قائلة إنه ينتهك سياسة الجامعة التي تفرض على الطلاب “مراعاة المعايير المقبولة عمومًا للسلوك “وحظر” السلوك أو الكلام غير اللائق”.

وجاء قرار المحكمة مؤيدًا لحق الطالب في حرية التعبير، وكان ذلك في 1973 وأدان الحكم الجامعة لأنها انتهكت التعديل الأول بطرد الطالب.