أحمد خالد توفيق.. الرجل الذي مات ليعيش

إسلام وهبان

“يوم نموت سيمحو النسيم الرقيق آثار أقدامنا على الرمال، بعد ما يفنى النسيم، ترى من يخبر الأبدية أننا مشينا هاهنا في فجر الزمان؟..” لم يكن الدكتور أحمد خالد توفيق، يعلم حين خط هذه الكلمات، أن كتاباته ستكون ابقى من النسيم، وأن أثره سيظل باقيا في قلوب وعقول أجيال عشقت كلماته وعاشت بين أبطال رواياته وتشربت أفكاره وفلسفته.

فمع كل إعلان عن طرح عمل درامي جديد مأخوذ عن كتابات أحمد خالد توفيق، يتصدر اسمه محركات البحث وصفحات منصات التواصل الاجتماعي، ولعل آخرها إعلان منصة “شاهد vip”، عن مسلسل جديد يطرح قريبا من خلال بعنوان “الغرفة 207” مستوحى من إحدى المجموعات القصصية للكاتب الراحل، والتي صدرت بعنوان “سر الغرفة 207”.

نرشح لك: الغرفة 207 مسلسل جديد لأحمد خالد توفيق على شاهد 


لم يكن الضوء مسلطا بالقدر الكافي على كتابات أحمد خالد توفيق صحفيا وإعلاميا، وهو الأمر الذي قد يكون “توفيق” نفسه طرفا فيه، لعدم سعيه وراء الشهرة، وإخلاصه للكتابة فقط، حتى أنه يُعد من الكُتاب القلائل الذين حققوا نجاحا كبيرا دون أن يكونوا من قاطني القاهرة، إلا أن وفاة العراب – كما يلقبه محبوه – كانت علامة فارقة.

فإذا نظرنا إلى إحصائيات محرك البحث الأشهر “جوجل”، خلال العشرة سنوات الأخيرة، فستجد أن مؤشرات البحث عن اسم أحمد خالد توفيق أو أعماله، ظلت في معدلاتها الطبيعية، حتى الإعلان عن خبر وفاته، حيث تصدر اسمه محرك البحث لأعلى نقطة من 2 إلى 5 إبريل 2018، ومنذ ذلك التاريخ ولا توجد مناسبة تتعلق بكتاباته إلا ويتصدر المشهد من جديد، الأمر الذي تكرر مع الإعلان عن مسلسل “زودياك” أول عمل مستوحى من روايته “حظك اليوم” في مايو 2019، وكذلك مع عرض الحلقات الأولى لمسلسل “ما وراء الطبيعة” للمخرج عمرو سلامة وبطولة أحمد أمين، والمأخوذ عن السلسلة الشهيرة لخالد توفيق والتي تحمل الاسم نفسه.


تصدر اسم أحمد خالد توفيق، لم يكن سببه علاقاته الواسعة بالوسط الثقافي، ولا بفضل متخصصين في مجال السوشيال ميديا التي يعتمد عليها أشهر الكُتاب الآن، لكنه بفعل كتاباته وأعماله التي رافقت أجيالا من القراء وشكلت وجدانهم، وعلقت بذاكرتهم عبر السنين، فكانت كلماته هي ما تعبر بصدق عما يمرون به في هذه الحياة من عثرات وخيبات ونجاحات وانتكاسات أيضا.

نرشح لك: أسعار ومنافذ بيع سلسلة “ما وراء الطبيعة” لأحمد خالد توفيق


المتأمل في مسيرة دكتور أحمد خالد توفيق يجدها مليئة بالمفارقات، فعلى الرغم من الصعوبة التي واجهها خلال نشره أولى حلقات سلسلة “ما وراء الطبيعة”، في أوائل التسعينيات، حتى وقوف الناشر حمدي مصطفى، بجواره لنشر هذه السلسلة، إلا أنها أصبحت واحدة من أشهر سلاسل الرعب في الوطن العربي، والتي تربى عليها أجيال في سن المراهقة والشباب، وتكون نافذة نحو عوالم جديدة بالنسبة لهم.

حتى حلم تحويل هذه السلسلة إلى عمل درامي، والذي كان يشغل بال الكاتب الراحل وانتظر تحقيقه لسنوات عدة، لم يرى النور إلا بعد وفاته، ليصبح أول مسلسل مصري، على منصة نتفليكس العالمية، ولعل هذا ما جعل الكثيرين من محبيه يترقبون طرح المسلسل ومتابعة حلقاته، خوفا على حلم أبيهم الروحي، أو أن يظهر المسلسل بمستوى أدنى من جودة السلسلة ويشوه ارتباطهم الوجداني بها.

نرشح لك: قوانين رفعت إسماعيل

الحفاوة الكبيرة التي يقابل بها اسم أحمد خالد توفيق باستمرار، لم تأتي إلا لإخلاصه لرسالته، والتي تلخصت في أنه كان يريد أن يكتب على قبره “جعل الشباب يقرأون”، فلم يكن يسعى لنيل جائزة أدبية أو شهرة إعلامية بقدر رغبته في أن يغرس في الأجيال حب القراءة، وأن يفتح لهم من خلال كتاباته نوافذ عديدة نحو المعرفة، فضلا عن علاقته شديدة الخصوصية بالقارئ، حتى فكرة تصدر عدد كبير من رواياته لقوائم الأكثر مبيعا لم تكن تشغله ولم تصبح ظاهرة قوية إلا بعد رحيله.

سيظل دكتور أحمد خالد توفيق متصدرا للمشهد كلما تعلق الأمر بكتاباته الباقية، وكلماته التي لا زالت تنبض بالحياة، وبما غرسه في عقول وقلوب قرائه ومحبيه، ورغم رحيله إلا أنه رجل قد مات ليعيش..