"لازم أعيش".. كيف حاكى العمل حياة مرضى البهاق؟

رباب طلعت

نجحت الحلقات الأولى من حكاية “لازم أعيش” من سلسلة “إلا أنا”، في جذب اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي، نظرًا لمناقشته قضية المصابين بمرض البهاق أحد الأمراض الجلدية الشهيرة، من خلال قصة “نور” وما تواجهه منذ طفولتها من خلال احتكاكها بالمجتمع في المدرسة والجامعة والعمل.

يعد العمل هو الأول في الوطن العربي الذي يسلط الضوء على البهاق، وهو من بطولة جميلة عوض، ونجلاء بدر، وأحمد خالد صالح، وخالد أنور، وسلمى أبو ضيف، ومن سيناريو وحوار نجلاء الحديني، وإخراج مريم أحمدي، ويعرض حصريًا على DMC، وDMC دراما، ومتاح كافة حلقاته على WATCH iT.

نرشح لك: يعرض على WATCH iT.. “لازم أعيش” يثير إعجاب مستخدمي السوشيال ميديا

تنمر وعزلة وسر كبير

أصعب ما ناقشه العمل هو تعرض بطلة العمل “نور” للعديد من المواقف الجارحة والمؤذية نفسيًا من قِبل زميلاتها في المدرسة، ومن ثم أسرة الشاب الذي يريد الزواج منها بسبب مرضها، وعدم تقبل الآخرين لفكرة الاختلاف، واعتباره مرضًا مؤذيًا.

في العديد من المشاهد تتعرض “نور” الطفلة لكلمات جارحة من زميلاتها تجعلها تشعر بالوحدة والرغبة في الانعزال عنهن، لأنها ليست مثلهن، فهي ليست “جميلة” كما يخبرها والدها، ولم تعد تقوى على مواجهة مرضها واختلافها عن الأخريات، إلا أن تقرر والدتها حل المشكلة بـ”المكياج” وهو العلاج غير المجدي لابنتها نفسيًا كما أخبرها الأب الذي كان يرفض ذلك تمامًا لأنه يريد من ابنته أن تتعلم كيف تتأقلم مع مرضها وتصارح به الناس.

تحول مرض “نور” لسر لا يعرفه سوى والدتها وصديقتها المقربة والوحيدة، بعد وفاة والدها، وزوج أمها في السر والذي لم تقابله قط، بسبب إفراطها في استخدام المكياج لإخفائه، مما جعل أمر اعترافها لحبيبها المقبل على خطبتها بالأمر الصعب، كي لا يهجرها ويعدل عن قرار زواجه منها.

معلومات خاطئة وانعدام ثقافة التقبل

الكثير من مواقف التنمر التي تعرضت لها “نور” من زميلاتها في مراحل دراستها المختلفة كانت بسبب عدم معرفة أولياء أمورهن بالمرض، واعتقاد الفتيات أنه مرض معدي كما تعلمن في المنزل، مما تسبب في ابتعادهن عنها.

تكررت تلك المواقف مع “نور” في أكثر من مدرسة، وفي مراحل مختلفة، دون تدخل من إدارة المدرسة، لتوعية زميلاتها بأنه ليس “معدٍ” ولا يتنشر بينهن بسببها، بالإضافة لعدم تعليم كل منهن ضرورة تقبل اختلافات الآخرين واحترامها والتعامل معهم بلطف.

رفض وخوف وتردد

عدم تقبل مرض “نور” ممن أحبوها كان أقسى ما تعرضت له، فابتعاد زميلها في الجامعة عنها وتركه لها بعدما شاهد ألبوم صورها ترك بداخلها جرحا كبيرا جعلها تضعف أمام تكرار نفس الموقف مع “حاتم” الذي يحبها، فكلما حاولت إخباره تتذكر الجرح القديم فتتراجع، إلا أن تكتشف والدته الأمر بالتحايل مما يعطيها مبررًا لرفضها كزوجة ابن.

“شريف” زميلها في البنك والذي يحبها ويحاول التقرب منها، في الوقت الذي تعجب به صديقتها وتحاول التقرب منه، هو الآخر تردد حيث انتابته صدمة كبيرة بعدما اكتشف الأمر عن طريق الصدفة، وبالرغم من عدم ابتعاده عنها إلى أنه أصابه الخوف والتردد.

الخوف أيضًا سيطر على أم “نور” في الماضي، حيث كانت ترفض الإنجاب خوفًا من العامل الوراثي للمرض، حيث كانت شقيقتها مصابة به، إلا أن زوجها منعها من التفكير في الإجهاض، آملًا أن ينجبا طفلة سليمة، وقد ولدت بالفعل سليمة إلا أن المرض بدأ في الظهور عليها في المرحلة الابتدائية.

التفاصيل والانعكاسات النفسية

احتوى العمل على الكثير من التفاصيل الدقيقة في ملامح كل شخصية لها دلالات نفسية على كل منها، فـ”نور” على الرغم من أناقتها إلا أن كل ملابسها طويلة الأكمام وتغطي كل جسمها، حتى رقبتها كثيرًا ما تضيف لها “اسكارف” لتغطيتها، ودائمًا ما تتحسس ملابسها لتطمئن أن لا شيء يظهر منها، وهو ما يتناسب مع خوفها الدائم من أن يكتشف أحد أمر إصابتها بالبهاق.

أما والدتها “منمن” التي تجسد شخصيتها الفنانة نجلاء بدر، فهي الأخرى ترتدي ملابس فضفاضة وتغطي جسدها بالكامل مثلما تفعل ابنتها أيضًا على عكس شخصيتها المتحررة وكرهها لكلمة “طنط” أو أي لقب يعطيها سنًا أكبر منها، في إشارة إلى تضامنها مع ابنتها، وعلى عكسهم “تارا” صديقة “نور” المقربة التي تعتبرها أختًا لها، فهي متحررة بشكل كبير وترتدي ما تشاء، فلا شيء تخفيه.

شخصية “منمن” الأم المترددة والخائفة والتي تميل لإخفاء كل ما يضر بمشاعر ابنتها عكس ما كان يريد زوجها بأن تواجه ابنته المجتمع وتتأقلم مع مرضها وتتعايش معه، ظهرت أيضًا في اختيارها بأن تخفي أمر زواجها عن ابنتها، خوفًا من أن تجرحها، كما أنها دائمًا ما تخاف من انكشاف الأمر حتى للمحيطين بها بعيدًا عن دائرة “نور” وظهر ذلك في تسللها إلى شقة زوجها الذي يجسد شخصيته الفنان فراس سعيد، وكذلك خوفها من زيارته لها في منزلها بالرغم من سفر ابنتها.

تلك الشخصية المترددة انعكست على الابنة التي اختارت تلك الطريقة في إخفاء مرضها خوفًا من الخسارة أو التنمر أو غيره، للدرجة التي وضعتها موضع اتهام بالتضليل وعدم قول حقيقتها للشخص الذي يريد الزواج منها.

تجسيد أليم لقصة حقيقية

نجلاء الحديني، مؤلفة العمل، صرحت أيضًا أنها عملت على هذه القصة مدة تصل إلى 10 سنوات، لرغبتها في مناقشة قضية التنمر من خلال مرض البهاق، حيث إنها لجأت للعديد من الاستشارات الطبية لمعرفة أبعاد المرض الجسدية والنفسية على المصابين به، بالإضافة إلى تواصلها مع بعض المصابين لمعرفة ما تعرضوا له؛ وما يشعرون به لكتابة الشخصية بشكل واقعي.