طارق الشناوي: الإدمان تحت جلودنا..عن مسلسل تحت السيطرة ‎‎

يعانى البيت المصرى والعربى من هذا الخطر الذى يقف متربصا ومتوعدا على بابنا، صار هو التجارة الأكثر رواجًا، والأشد خطورة فى العالم كله، إنها المخدرات بكل تنويعاتها، المجتمع يعيش فى أشد لحظات ضعفه. عندما يُطل هذا الخطر على المشهد العام، يتنازعه فى العادة إحساس بضرورة إقصاء هؤلاء لينجو بنفسه بعيدا عن الخطر، بعد لحظات يتأكد أن الازدراء سيفاقم الأمور أكثر، فهم مهما ابتعدنا عنهم يعيشون بيننا وتحت جلودنا.

لم تكن مفاجأة أن يحتل مسلسل مثل «تحت السيطرة» المقدمة فى أغلب الاستفتاءات التى تكثر فى رمضان، وأن يقف صُناعه ونجومه أيضا فى المركز الأول، فالخطر محدق ومن كل جانب.

الإبداع الفنى ليس مجرد قضية مهما بلغت خطورتها، لكنها حالة متكاملة تتكئ فى عمقها إلى رؤية جمالية بالمعنى المطلق للكلمة، وهكذا أرى مسلسل «تحت السيطرة»، الذى تبرق فيه عناصر متعددة منذ اختيار الفكرة، وهذا التناول الاجتماعى للمتعاطى ينطلق مباشرة إلى التعامل معه كمرض يفرض على دائرة المحيطين قبل الحيطة والحذر ضرورة الإحساس بالمسؤولية والتعاطف مع المريض وليس اجتنابه، لو بحثت عن الشخصيات المدانة ستكتشف لأول مرة أنهم من يقفون على الشاطئ الآخر، لكنهم لم يؤدوا واجبهم تجاه أقرب الناس إليهم. المسلسل يوجه لكل منا قدرا من اللوم، لأننا أردنا فقط أن ننجو بأنفسنا.

مريم نعوم صارت هى الكاتبة التى ننتظر إبداعها الدرامى بما تتمتع به من عصرية فى التناول وقدرة على التقاط التفاصيل، تابعناها وهى تنطلق من «ذات» و«موجة حارة» و«سجن النسا»، وأراها تُشكل إضافة بعد أجيال الكبار الذين كان يتزعمهم الراحل أسامة أنور عكاشة، إنها تفكر ليس فى سرد الحكاية، لكن فى بناء المشاعر، التعبير بالصوت والحركة هو السلاح المباشر، وأضافت مريم النظرة واللمحة، ولا أتصور أن المخرج المبدع تامر محسن إلا وهو يلاحق بالكاميرا هذا الإحساس، على الورق إبداع تفصيلى يفتح أمام المخرج آفاق الإضافة، هى ابنة السينما من خلال فيلمها «واحد صفر» 2009 لكاملة أبو ذكرى، الذى كانت فيه الشخصيات على تنافرها تتعانق فى نسيج واحد، مرت فى البداية مثل عديد من هذا الجيل فى العمل داخل ورشة، لكن سرعان ما انطلقت متفردة ومغردة خارج تلك الأسوار.

تختار بدقة نقطة الانطلاق، وهى عودة الزوجين الحبيبين من «دبى» إلى «القاهرة»، وكأن هناك ميلادا جديدا، لا تسهب كثيرا فى التفاصيل، لكن تزرع لنا معلومة، منذ أن شاهدناها فى المطار مع ضابط الشرطة صديقها القديم، يوحى لنا أن هناك شيئا تريد إخفاءه، لكنه فى نفس الوقت لا يؤكد المعلومة، وهو ما يتكرر فى الفندق الذى تذهب إليه، وتقرر أن تنزع الخمور من «المينى بار»، لا شىء مباشر، لكن هناك دائما معلومة تثيرك لانتظار ما يأتى بعدها، الصورة تكتمل أكثر بمعلومات درامية دقيقة كلما أوغلنا فى الحلقات، لنصبح مثل زوجها ظافر العابدين نكتشفها من جديد، الدائرة تتسع وهى تذهب لزيارة قبر حبيبها الأول، ثم تزداد أكثر لنرى هذا العالم من المتعاطين والمتعافين والمنتكسين بكل تنويعاته، تستطيع أن تلخصه فى جملة واحدة: «صراع مع الإرادة». الضعف والتردد فى الشخصية هو الذى يمنحها القوة الدرامية، لاحظ كيف اشترت المخدر ثم ألقته فى صندوق القمامة العمومى ثم تعاود البحث عنه، رغبتها فى المقاومة وخوفها فى نفس اللحظة من دفع فاتورة المقاومة، الجنين الذى تحمله بداخلها يدفعها إلى ذروة الصراع.

وتبقى تفاصيل فى الصورة تحمل شعاعا إبداعيا وألقا خاصا، عندما استجارت بزوجها فى الحفل، قالت له إنها خائفة، النظرة كانت كافية لتقدم العلاقة بينهما، وهى تضع يدها على كتفه، بينما نظرته تجبرها على أن تبتعد عنه، علاقة هانى عادل مع جيهان فاضل عندما سألها كيف عرفت أن ابنتها مدمنة اكتفت بالنظر إليه، فلقد كان مدمنا، وهكذا أجابت بلا أى ثرثرة.

المخرج تامر محسن بعد مسلسله الأول قبل عامين «بدون ذكر أسماء» لوحيد حامد أثبت أنه قادر على اقتناص الفرصة، وهو ينطلق هذا المرة إلى ما هو أبعد فى التعبير، نيللى كريم فى حالة سلطنة إبداعية تصل إلى الذروة فى هذا الدور، ظافر العابدين كان لافتا ومتألقا، وعدد من الوجوه تسرق الاهتمام: جميلة عوض ورانيا شاهين، ويبدع أحمد وفيق ومحمد فراج، بينما هانى عادل ملأ دوره سحرا.. إنه المسلسل الذى تكتشف وأنت تتابعه أنه يتابعك.

نقلاً عن التحرير

 

شاركنا الرأي واختار المسلسل الذي قررت أن تتابعه حتى نهاية شهر رمضان للمشاركة أضغط هنـا

اقـرأ أيضـاً:

باريس هيلتون تنوي مقاضاة رامز واكل الجو

5 ملاحظات على جنازة النائب العام

10 صور من حلقة “رامز واكل الجو” المسربة

هالة سرحان لرامز جلال: انت حمار؟؟

هذه القنوات لم تلتزم بالحداد على النائب العام

أحدث تفاصيل قضية زواج صافيناز   

تحقيقات حول تسريب الحلقة المؤجلة لرامز جلال

.