القهوة البحرية.. عالم مواز للحياة الثقافية

حسام عبد القادر

المقهى أو “القهوة” كما نقول بالعامية، مصطلح مهم جدا في الحياة الثقافية المصرية بشكل عام والسكندرية بشكل خاص، فكان يطلق على القهوة التجارية بالمنشية قهوة المثقفين، وكانت هناك مقاه بالإسكندرية متخصصة، هذا مقهى للشيوخ، وآخر للفنانين، وثالث للعمال، وهكذا.

نرشح لك: لمة كُتاب.. محتوى هادف بعيدا عن الترند الزائف


إلا أن الشكل تغير في السنوات الأخيرة كثيرا، خاصة عندما دخل مصطلح “كافيه” ليحل محل “القهوة” وأصبحت التجمعات، خاصة الشبابية منها، داخل الكافيه حسب الموضة، وأصبحت كل “شلة” لها الكافيه الخاص بها واختلفت التصنيفات، إلا أن المضمون ظل واحدا سواء كان “قهوة” أو “كافيه”.

ولذلك اختارت الباحثة أميرة مجاهد مصطلح “القهوة” لتطلقه على صالونها الثقافي الإلكتروني الجديد، وأضافت له كلمة “البحرية” لتنسبه للإسكندرية.

والحقيقة إن أزمة كورونا أخرجت طاقات إبداعية رقمية هائلة لدى الكتاب والمبدعين بشكل عام، وأثبتت الأزمة أن من لديه طاقة وإبداع ورسالة يريد توصيلها لن تقف أمامه العقبات، ورغم وجود الوسيط الإلكتروني من قبل كورونا، ورغم الكم الهائل لقنوات اليوتيوب من فترة، إلا أني أدعي أن المثقفين كانوا غائبين عنها، وحتى المؤسسات الثقافية سواء وزارة الثقافة بروافدها، أو مكتبة الإسكندرية، الذين تداركوا الأمر ويقدمون الآن برامجا متميزة خاصة في شهر رمضان.

وبالتالي بدأ الجميع يتسابق على تقديم مواد ثقافية جادة ومتنوعة على الإنترنت بمختلف قنواته، ولكني في الحقيقة أحب التركيز على المبادرات الشخصية أكثر من مبادرات المؤسسات وإن كانت لها أهميتها، ولكن المبادرات الشخصية مثيرة للإعجاب لأن هناك أشخاصا يبذلون مجهودا ووقتا وأموالا من جيبوبهم من أجل تقديم مواد ثقافية للمشاهد، دون انتظار أي مقابل، قد يكون اللايك والشير هو أكبر مقابل لهم!.

⭕️ يا ترى مين هو الدكتور كلوت بك clot bey؟ 🤔👨‍🔬 وايه انجازاته الصحية في مصر في القرن التاسع عشر؟؟🧐🤔 " 👌 كل المعلومات ديه…

Geplaatst door ‎القهوة البحرية – ALQahwa ALBaharia‎ op Woensdag 6 mei 2020

وأميرة مجاهد شخصية تشع ثقافة وإبداع، فهي تدرجت في كثير من الوظائف داخل هيئة قصور الثقافة بوزارة الثقافة، وتولت إدارة قصر ثقافة الشاطبي بالإسكندرية فترة من الفترات، ثم تولت فترة إدارة الصالون الثقافي بدار الأوبرا بالإسكندرية، وتعاونت مع كثير من المؤسسات ومنها مكتبة الإسكندرية، في العديد من الأنشطة الثقافية، ودائما لديها أفكار ومشاريع ثقافية وطموحات كبيرة لتحقيقها، ولديها قدرة على جذب قطاع كبير من الشباب بشكل رائع، شاهدته بنفسي سواء واقعيا من خلال لقاءاتها التي كانت تشهد ازدحاما هائلا من الجمهور معظمه شباب، أو من خلال صفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي التي تزدحم بالشباب سواء من المشتركين أو المتابعين والمتفاعلين.

نرشح لك: صناعة المسلسلات في مصر (8).. رمضان 2020| هل انتهى عصر المسلسل الكوميدي الرمضاني؟


لم تستسلم أميرة طبعا لأزمة كورونا والمكوث بالبيت، فقررت نقل صالونها الثقافي لشبكة الإنترنت، وبالفعل بدأت فكرتها بالتحديد في 25 مارس الماضي، واستغلت شهر رمضان لتدشين أولى لقاءات المقهى، وليكون أسبوعيا خلال رمضان، وقامت باختيار موضوع وضيوف لكل أسبوع، واستخدمت برنامج “زوم” وانطلقت بكل قوة، واستطاعت حصد أكثر من 10 آلاف متابع خلال وقت صغير جدا.

برأيي أن هذه التجارب يجب أن توثق لأنها مرتبطة بتوقيت وظروف، وقد تكون شاهدة على التاريخ في فترة من الفترات الحرجة التي نمر بها، وسبق أن كتبت عن برنامج “لمة كتاب” الذي يقدمه كل من محمد غنيمة ومختار شحاتة، والآن “المقهى الثقافي”، وهناك تجارب أخرى عديدة نرفع لها القبعة ونقدر المجهودات التي بذلت بها، وهناك تجارب آخرى ما زالت لم تكتمل أو لنقل أنها لم تنضج بالفعل وتحتاج لبعض الوقت والخبرة لكي تكتمل.