فيروس التدليس أكثر نشاطا.. هكذا تغطي الجزيرة تصدي مصر لكورونا

رباب طلعت

بكاء وفراق خوف وترقب اجتاح العالم منذ الإعلان عن ظهور وباء العصر فيروس كورونا – COVID – 19 – دفع الجميع للاصطفاف في جانب واحد لمحاربته والحفاظ على الأرواح التي تتهاوى بالآلاف، حيث وصلت الحصيلة النهائية اليوم  

22 مارس، 12,909 وفاة، و299,912 إصابة، ولا تزال الجزيرة ثابتة على موقفها العدائي تجاه مصر، بالتلفيق والتدليس، والتركيز على هدم الروح المعنوية للشعب وزرع الرعب في نفوسهم لخلخلة قواهم في الصمود أمام وباء عالمي.

ما قبل الإعلان عن الفيروس

في البداية، وقبل انتشار الفيروس في مصر، تهللت أسارير القناة القطرية، باكتشاف حالات قادمة لدول أجنبية من مصر مصابة بالمرض، فعكفت على تتبع كل خبر عن اكتشاف حالات قادمة من مصر إلى دولها، دون أية أدلة على إصابتهم فيها، فقط يكفيها جملة “كان في مصر”، ليكون ديلًا تستند إليه الجزيرة، لتلفيق فكرة أن مصر هي بؤرة المرض في العالم! 

لم تكتف فقط بذلك، بل بدأت في ترديد مخاوف ومزاعم بعض المجاهيل على السوشيال ميديا، بأن مصر بها آلاف الحالات، مع تكتم الدولة عنهم، مما أثار الرعب في نفوس الكثيرين، بالرغم من النفي المتكرر ليس لوزارة الصحة المصرية فقط، بل لمنظمة الصحة العالمية، التي تراقب مساعي الدولة في السيطرة عليه واكتشاف الحالات، وإبلاغهم بها، للإعلان عنها رسميًا، وتحديث خريطة الإصابات الرسمية على الإنترنت.

الإعلان عن الحالات

بدأت ظهور حالات الإصابة بالفيروس في مصر، وأعلنت الدولة ذلك بشكل رسمي، وعكفت على عقد العديد من المؤتمرات الصحفية لوزيرة الصحة، بل ويصدر بيانٍ رسمي من الوزارة يوميًا بأعداد الإصابة والوفاة والشفاء، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا للجزيرة، التي بدأت في بث الرعب في نفوس متابعيها من خلال التكذيب الدائم للأرقام، والاعتماد مثلًا على تدوينة كتبها باحث كندي واعتمدتها “الجارديان” أيضًا، دون دليل علمي، بأن مصر، لديها 19 ألف حالة إصابة بكورونا، دون الإشارة إلى أن الباحث نفسه تراجع عما قاله في تغريدة أخرى، بأن الأرقام من الممكن أن تتراوح ما بين 6 آلاف إلى 19 ألفًا، معتمدًا في ذلك على نسب انتشاره في العالم، والكثافة السكانية في مصر، وهو ما نفته تمامًا الحكومة المصرية، ومنظمة الصحة العالمية.

ليس ذلك فقط، بل وضعت نفسها في مأزق بتحريف ترجمة السفير الفرنسي في مصر ستيفان روماتيه، الذي كذب ادعائهم، حيث قال في خطابه “مصر ستعزل نفسها عن العالم” مشيرًا بذلك إلى الإجراءات التي تتخذها بغلق المطارات، لحماية الدولة من دخول حالات مصابة من الخارج، كإجراء وقائي، اتخذته كافة الدول التي ظهر فيها الفيروس، حيث قالت في ترجمتها: ” مصر ستنعزل عن العالم”، في إشارة منها إلى أن فرنسا تشير إلى أن مصر موبوءة.

ادخل مصر في جملة

على طريقة التعليم الابتدائي، في تعليم الأطفال استخدام الكلمات في الجملة، تفعل الجزيرة مع مذيعي الأخبار والبرامج، حيث لا يمكن حصر كم مرة تُذكر فيها كلمة مصر، بالمقارنة مع باقي الدول العربية وأبرزها قطر الممول الرئيسي للقناة، فمثلًا، في برنامج “فوق السلطة” أمس 21 مارس، الذي يقدمه اللبناني نزيه الأحدب، نشر الإعلامي فيديو قصير عن احتمالية إصابة المساجين في مصر بكورونا، مطالبة بفك سراحهم، كتمهيد للمحتوى الأصلي الذي يريد أن يناقشه وهو خبر إطلاق سراح عامر الفاخوري في لبنان!

ليس ذلك فحسب بل نشر عدة فيديوهات “مثيرة للرعب” أحدهم زعم أنها لرئيسة الممرضات في مستشفى المنصورة، تقول فيه بأن طاقم التمريض في المستشفى أصيب بالكامل بفيروس كورونا بسبب عدم تزويدهم بأدوات الحماية اللازمة لهم، وآخر لصراخ الممرضات في مستشفى إمبابة لإصابة واحدة من زميلاتهم بالعدوى، وثالث لممرضات في دمياط أثناء علمهم بإصابة زميلة لهم، دون الإشارة إلى أنه وبالرغم من كافة الإجراءات الوقائية في دول العالم المصابة بالفيروس، تحدث مثل تلك الإصابات، وهو ما لم تخفيه الحكومة المصرية، حيث جاء في بياناتها إشارة إلى حالات إصابة لأطباء وممرضات، حتى إن بعضهم كان له تصريحات صحفية وفيديوهات من قلب مستشفيات العزل، يؤكدن على حرصهم على ممارسة عملهم في مكافحة الفيروس بعد تعافيهم، لأنه واجبهم الإنساني والوطني.

بالرغم من مرور أسبوع أو أكثر على موجة الطقس السيئ التي ضربت مصر، ألقى البرنامج الضوء على الأزمة، بالاستناد إلى فيديوهات من غرق بعض المناطق بالمياه، نظرًا لعدم قدرة الصرف على استيعاب تلك الكمية الهائلة من الأمطار، دون الإشارة إلى أن ذلك تم تداركه مباشرة من الدولة بعد توقف الأمطار وشفط المياه الزائدة بالتنسيق مع الأحياء ومجالس المدن، كما أن الدولة عقدت مؤتمرًا صحفيًا حذرت المواطنين من الخروج في أيام الأمطار نظرًا لأن البلاد لم تتعرض لمثلها منذ عام 1994، حفاظًا على أرواحهم، بالإضافة لتعطيل الدراسة من الخميس إلى الأحد، وهو الإجراء الذي قلل من التكدس المروري.

مصر VS قطر 

بالرغم من وصول الإصابات بالفيروس في قطر إلى 481 حالة، مقابل 294 في مصر، وإصدار الدولتين بيانات تتبع للإصابات، سواء بزيادة الحالات أو بحالات الشفاء، إلا أنه عند ذكر قطر في الأخبار تأتي الصياغة دائمًا مستندة على عدد المتعافين، بجانب الإصابات، عكس مصر التي يبرز مقدمي النشرات حالات الإصابة فيها.

ليس فقط التفرقة في السرد بين مصر وقطر، بل أيضًا بينها وبين الدول الأخرى عربيًا وعالميًا، فعند الحديث عن الإجراءات الوقائية في البلاء، يتم التركيز على جهود الحكومات للحد من انتشار الفيروس، ولكن في مصر، دائمًا الإجراءات ما تكون لأن الإصابات تزداد! 
مثال آخر، للترصد هو تدشين حملات مطالبة بإطلاق سراح المساجين في مصر، مع الإشارة لمخاوف بإصابتهم بفيروس كورونا -الأمر غير المنطقي لأن الفيروس دخيل على الدولة من القادمين من دول مصابة وليس وليد بها- كما أنه تم وقف الزيارات للمساجين تحسبًا من انتقال العدوى لهم من مصدر داخلي. 
مثال آخر، ذكر مصادر أجنبية عن سوء الوضع في مصر، مثل دراسة العالم الكندي المجهولة في “الجارديان”، ولكنها تتجاهل المقالات المهاجمة للوضع في قطر مثل تقارير وكالة “بلومبرج” الأمريكية، التي أشارت إلى الأوضاع المأسوية للعمالة الوافدة بقطر داخل الحجر الصحي بالدوحة، بسبب تفشي “كورونا” ما أدى إلى إصابة مئات العمال بالفيروس.