عادل إمام.. التقاط الزعامة بأطراف الأصابع

محمد حسن الصيفي الزعيم عادل إمام

النجم فلان، تعرفه وتشاهد أعماله، ودائمًا تقرأ قبل اسمه الفنان الكبير أو العظيم أو المبدع، ورغم ‏الإبداع والعظمة لا يتفق البشر على أحد؛ حتى الأنبياء والمخترعين والعلماء.

لكن حين تتفق، وحين ترى فلانًا عظيمًا بحق غالبًا ما تبدأ القناعة من لحظة انبهار، انشطار لفكرة ‏العظمة وتجردها لتراها بنفسك، اللقب الكبير يتفتت ليتحول لمجموعة من اللحظات تشاهدها في ‏صمت، ثم تنطلق بعدها تصفق بحرارة، تضحك من قلبك أو تنساب دموعك على وجنتيك بمنتهي ‏السلاسة والهدوء.‏

الزعيم عادل إمام، جزء من تاريخ مصر الفني يسير على قدمين، مسيرة وسنوات طويلة من ‏الكفاح والاستمرار والتحول والتنقل بين الأدوار.‏

لكن لحظة انفجار لقب الزعيم لديّ على كثرة أعماله كانت في مسلسل “دموع في عيون وقحة”، ‏رأيت الزعامة في تلك اللحظة، التاريخ والمشوار والموهبة والإنكسارات قبل الانتصارات.‏

بالتحديد في الحلقة الحادية عشر، وقت أن يعرف “جُمعة” من الريس زكريا أن مصطفى شقيقه ‏ذهب للسؤال عنه في الجهات الأمنية لشك تسلل إلى قلبه أن أخوه خائن !‏

وجمعة هو الزعيم عادل إمام، ومصطفى هو محمود الجندي الذي ودعنا الوداع الأخير قبل شهر ‏من الآن أو أقل.‏

في المجمل أنا من أنصار “دموع في عيون وقحة” على حساب أي مسلسل آخر يجسد بطولات ‏أكتوبر، ربما للذكريات الخاصة به حين كنت طفلا صغيرًا أعود من المدرسة وأشاهده أثناء تناول ‏الغداء وأتحمس بجرعة وطنيّة خام تعدد مصادر المعرفة وازدياد صعوبتها، ويبقى السبب الأهم ‏أنه الوجبة الأكثر تركيزًا في أقل عدد من الحلقات (14 حلقة)‏

في بداية الحلقة يمهد محمود الجندي يمشهد الزعيم؛ حيث يذهب إلى مقر الجهات الأمنية ليقوم ‏بالإبلاغ عن شقيقه، يقدم مشهدًا استثنائيًا مع الريس زكريا “صلاح قابيل”.‏

بعدها يذهب جمعة لمقابلة الريس الزكريا في شقة “الفلكي” اللذان اعتادا أن يتقابلا فيها سرًا ‏للاحتياطات الأمنيّة.‏
أعتقد أن المشهد أكبر من كل الأدوات المحتشدة، تضع نفسك مكان جمعة الذي يذهب أخوه ليبلغ ‏عنه، تعبيرات عادل إمام التي نحتها الزمن والموهبة، التعبير الذي ظهر تحديدًا عقب معرفته ‏بالخبر، عادل إمام يُمثل وهو نائم، يأتي بالتعبير بطرف إصبعه، يُقحمك في البكاء في هذا المشهد ‏بصوت خفيض يملؤه الأسى، لم يصرخ ولم يبكي ولم ينفعل وقت أن كان التمثيل له طعم خاص ‏قبل أن تتفشى هذه الأيام موضة التمثيل بالغلو والتطرف في الانفعالات.‏

المشهد يطلق خيالك، تخرج بعيدًا عن إطار اللحظة الآنية، بعيدًا عن حدود الزمان والمكان ‏والحلقة، موسيقى عمار الشريعي تمتصك لآخر قطرة مشاعر، مباراة “بينج بونج” بين عادل إمام ‏وصلاح قابيل، يساعد فيها الريس زكريا جمعة لإخراج كل الشحنات والمشاعر المتناقضة عبر ‏التساؤلات القصيرة والمتأنيّة.‏

بعدها يواجه جمعة شقيقه في المنزل بالنظرات، ماستر سين، عادل إمام ومحمود الجندي، لا ‏يُصرّح جمعة لأخيه بغضبه، بل يكتفي بصفعه على وجهه بينما تتوقف الدموع في عيني الجندي، ‏ويعتذر لأخيه عن تأخره عن العودة للمحل!

نرشح لك: ‏أبرز 10 أعمال مجهولة للزعيم

شاهد: أراء المشاهير المثيرة للجدل

الزعيم عادل إمام