توفيق الدقن.. الوجه المضحك للشر

فاتن الوكيل توفيق الدقن

مخزون كبير من “الإفيهات” والمواقف الكوميدية امتلكها الفنان الراحل توفيق الدقن، لكن هذه الجمل التي رددها الدقن في أفلامه ومسرحياته، لم تكن مجرد إفيهات وجمل لإضحاك الجمهور فقط، لكنها مخزون اللف في شوارع مصر والجلوس على مقاهيها ومخالطة شعبها من البسطاء.

الكثير من تلك الإفيهات مثل “أحلى من الشرف مفيش” اكتسبها الدقن من رواد المقاهي، كان يجلس بينهم ويستمع إلى أحاديثهم، ليقوم هو بعبقريته الفنية بنقل هذه الأحاديث إلى الشاشة، ويُكتب لها البقاء لسنوات طويلة جدا، حتى أنها أصبحت جملا شعبية، يُرددها الناس في المواقف المختلفة.

بدأ الدقن مشواره مع السينما مع بداية الخمسينيات، ومن قبلها ممثلا في أثناء الدراسة الجامعية، وظهر في دور صغير بفيلم “الستات ميعرفوش يكدبوا”، عام 1954، في دور طبيب نفسي بمستشفى الأمراض العقلية، مع الفنانين إسماعيل ياسين وشادية وزينات صدقي وشكري سرحان، وعلى الرغم من صغر الدور إلا أن تعبيرات وجهه وطريقة حديثة كانت مميزة على نحو كبير.

وقدم مع ذلك العديد من المسرحيات والبرامج والمسلسلات الإذاعية، والتي تعتبر كنزه غير المعروف جيدا للجمهور، مثل “أبو الريش في سوق العيش”، و”هذا الوجه الآخر”، “أولاد حارتنا”، “اهلا يا حب”، و”دندش”، وكما شارك في فيلم “في بيتنا رجل”، شارك أيضا في النسخة المسرحية من الرواية، بالإضافة إلى مسرحية “سكة السلامة” عام 1964.

https://www.youtube.com/watch?v=1IeOEaaIAVs

يعتبر توفيق الدقن من أبرز الفنانين الذين لعبوا أدوار الشر، على الشاشة المصرية، لكن في ذات الوقت لا يمكن للمشاهد المصري إلا أن يشعر أنه “واحد منهم”، وابن بلد أصلي. شعروا أنه الشرير الذي لا يمكن أن يكوهوه، ومن الأدوار التي قدم من خلالها دور “الشرير”، فيلم “سر طاقية الإخفاء”، الذي بقى منه جملته الخاصة به “العلبة دي فيها إيه؟ فيها فيل”، و”ابن حميدو” الذي جسد خلاله شخصية الباز أفندي، هذه الشخصية المثيرة للسخرية لكنها لا تخرج عن نطاق الشر، وفيلم “أحبك يا حسن” الذي جسده خلاله شخصية عبده دانس البلطجي في الحارة التي سكن فيها “شكري سرحان”.

العديد من الأدوار الأخرى في هذه الإطار قدمها توفيق الدقن. كان المخرجون يُسندون إليه العديد من أدوار الشر، لأنهم يعرفون جيدا أنه سيقدم كل واحد منهم على نحو مختلف، فحتى الشر له أوجه وصور مختلفة، بعيدا عن التعبيرات المكررة التي تعبر عن هذه الشخصيات، وكان هو على دراية كاملة بهذه النوعيات.

مع كل هذا المشوار الكبير في الفن، بقى الدقن على الصعيد الإنساني، إنسان بسيط للغاية، حى أنه شكى خلال حوار مع الكاتب الكبير محمود السعدني، من ضيق حال الفنان، وقلة العائد المادي له، خاصة الممثل المسرحي، قائلا: ” بعض الأجهزة المسؤولة في الفن لا تستطيع أن تفي بحقوق الفنان المسرحي، وهولا يقل عن ممثل السينما أو الإذاعة.. ولو سألتني أنا كممثل مسرح باخد كام هقولك بكل سعادة 50 جنيه.. لكن شوف الخمسين جنيه دول اللي بتحرق بيهم بيعملوا إيه.. وبعد الاستقطاعات وبدل السفر.. يتبقى 19 جنيه دول يعملوا إيه لتوفيق الدقن اللي عنه 3 عيال وملتزم قدام المجتمع بالتزامات خطيرة جدا”.

وعلى الرغم من أننا لا نتذكر للفنان توفيق الدقن قيامه بأدوار مبتذلة، إلا أنه أكد أن هذا الوضع المادي دفعه للقيام بأدوار لا يرضى عنها مطلقا، مضيفا: “أنا غير راضي عن الكثير من الأعمال اللي عملتها لكن الفنان المسرحي محتاج اللي يخليه عايش 30 يوم من غير ما يفكر في بكرة”.

الدقن مع تقدمه في السن، أصبحت أدواره التراجيدية أكثر من الكوميدية، وهنا ظهر وجه آخر لهذا الفنان الكبير الذي طورت الحياة من قدراته الفنية من خلال التجارب الصعبة قبل السعيدة، من هنا يؤكد خلال الحوار لمحمود السعدني أن المسؤولين عن الفنون من مخرجين ومنتجين “هيسيبوه يموت من الجوع” إذا قرر أن يجلس في منزله ويرفض تقديم الأدوار الضعيفة فنيا.

https://www.youtube.com/watch?v=9pseL-mlcck

توفيق الدقن اسمه كاملا توفيق أمين محمد أحمد الشيخ الدقن، ولد في 3 مايو 1924، بقرية هورين بمركز بركة السبع محافظة المنوفية. حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1950. بدأ حياته الفنية منذ أن كان طالبا بالمعهد، اشترك في بدايته في فيلم “ظهور الإسلام” عام 1951.

توفيق الدقن

نرشح لك: إلقاء سيارة توفيق الدقن في الشارع

شاهد: يوم مش عادي في ضيافة الإعلامية رنا عرفة