بعد مشاهدته.. رأي 4 شيوخ في فيلم "الضيف"

توجه مجموعة من الشيوخ، أمس الأول، إلى إحدى دور العرض، لمشاهدة فيلم “الضيف” من بطولة الفنان خالد الصاوي، وذلك بدعوة من الشيخ خالد الجندي، في تجربة وصفوها بـ”الرحلة التنويرية التثقيفية”.

عرضت قناة dmc حلقة كاملة عن هذه التجربة، عبر برنامج “لعلهم يفقهون“، بدءًا من تصوير الشيوخ أمام السينما، وانتهاء بتحليلهم لمضمون الفيلم داخل الاستوديو على الهواء مباشرةً.

من داخل السينما، بثت القناة فيديو لـ”الجندي”، أكد خلاله أنه توجه لمشاهدة الفيلم لكي يستمتع، مضيفًا: “أنا من جوايا مبسوط وفرحان، وبحمد ربنا إن أنا شيخ، الرسالة بتاعتي لما تبقا رسالة وترفيه في نفس الوقت، أظن ده نعمة كبيرة من الله، وبشكره إنه بيمتعني بديني وإني معنديش عقد ولا على راسي بطحة، وإني بقدر أواجه”، موضحًا أنه إذا كانت هناك مشاركة حقيقية لصناعة الوطن أو الحضارة أو لتجديد الخطاب الديني، فالمشايخ أول الداعمين لذلك، مشددًا على أنه مع الفن والدراما طالما كان ذلك الأمر لصالح الوطن والدين.

من جانبه، أكد الشيخ رمضان عبد المعز، في الفيديو ذاته، أنه من المبادئ الكبيرة التي علمنا إياها النبي “صلى الله عليه وسلم”، أن “الحكمة ضالة المؤمن”، لذلك لا بد أن يكون المؤمن واسع الاطلاع ويسمع الرأي والرأي الأخر، ولا ينتقد شيئًا أو يمدحه دون أن يراه، قائلًا: “هصلح حاجة ازاي وأنا معرفهاش!.. طب يجي واحد يقولك أصل السينما والفن فيهم وفيهم، أقوله والله ربنا قالك: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، يعني الحاجة الحلوة نشوفها والحاجة الوحشة نغض بصرنا”.

أما الداعية أشرف الفيل، فقد أوضح أن “الجندي” هو من أقنعه بدخول فيلم الضيف ، لأن ما ينشر على الاعلام ينبغي أن يرد عليه بالإعلام أيضًا، قائلاً له: “دلوقت ده إعلام، والناس بتقول إنه الفيلم فيه كلام عن الحجاب وإن السيدات خلعوا الحجاب في نهاية الفيلم، فلنرى الموضوع ثم ندرسه دراسة علمية ونرد على المسائل الفقهية التي تخصنا”.

نرشح لك: محمد عبده بدوي يكتب: “الضيف”.. صرخة عقل وحيرة مشاهد

الشيخ خالد الجندي والشيخ رمضان عبد المعز ومشايخ "لعلهم يفقهون" في السينما

الشيخ خالد الجندي والشيخ رمضان عبد المعز ومشايخ "لعلهم يفقهون" في السينما #لعلهم_يفقهون

Posted by dmc TV on Thursday, January 17, 2019

بعد مشاهدة الفيلم، وخلال حلقة أمس، الخميس، من البرنامج، علّق الشيوخ الأربعة على مضمون الفيلم، والنقاط التي يختلفون ويتفقون معها، وجاءت تصريحاتهم كالآتي:

أولا: الداعية رمضان عبد المعز:

كل الآيات القرآنية التي وردت في الفيلم، تمت تلاوتها بشكل خاطئ، “أقسم بالله مفيش آية واحدة اتقالت صح في الفيلم وتقدروا تروحوا تشوفوه وتتأكدوا من كلامي”.

فيلم الضيف اخترع مصطلحًا جديدًا لا وجود له اسمه “تدليس العنعنه”، فهناك “تدليس” وهناك “عنعنه”، لكن “تدليس العنعنه” فهذا مصطلح جديد لم يرد في العلوم الشرعية على الإطلاق، و”هذا المصطلح لما اتقال في الفيلم كل المشايخ بقوا يبصوا لبعض مندهشين”.

ورد في الفيلم على لسان الدكتور يحيى التيجاني، الذي جسّده الفنان خالد الصاوي، جملة وجهها للضيف المتشدد بقوله: “يا بني لحد السبعينيات شيوخ الأزهر والعلماء ووو… بناتهم ونسائهم مكانوش محجبات.. هو جالنا فكر كده من برا فجات هوجة الحجاب”، لكن هذا الأمر غير صحيح، فالحجاب ليس وافدًا من خارج الدين، بل هو فرض في الكتاب والسنة دون أدنى شك.

أما بنات شيوخ الأزهر فلسن من مصادر الشرع والدين، وكلام البطل أنهن لم يكن محجبات ليس دليلًا على شيء، هذا بخلاف ضرورة التفريق أصلا بين علماء الأزهر وقرّاء القرآن الكريم، وأن قارئ القرآن ليس عالمًا، وليس كل من ارتدى زي وعمامة رجال الدين صار عالمًا.

ثانيًا: الشيخ أشرف الفيل:

فكرة فيلم الضيف نفسها جديدة وجيدة، والكاتب إبراهيم عيسى، مؤلف العمل، عملاق في الصياغة بالفعل، لكن المضمون نفسه كان ينبغي أن يرجع فيه إلى أهل العلم المتخصصين فيه.

الفيلم بدايته كانت جيدة، ونقاش محترم وممتاز، لكن في الخاتمة كانت الرسالة التي وصلت للمشاهد أن آية “قم فأنذر” تعني أن تنذر قومك بالقتل والعنف، وهذا الكلام أعيبه على كاتب عظيم مثل إبراهيم عيسى، أعيب عليه أن يقدم مفهومًا ناقصًا، “لأ.. حط الآية في موطنها ومعناها كاملةً”.

في أحد المشاهد الأب يتحدث مع خطيب ابنته، ويقول له ما رأيك في جابر ابن حيان وفلان وفلان، عدد من العلماء الأجلاء، وأثناء ذلك يقوله له: “ده ابن تيمية ده قال على الكيمياء إنها أشد حرمة من الربا”. نعم ابن تيمية قال ذلك، لكن متى وأين وكيف وفي أي واقعة قالها. كاتب مثل ابن إبراهيم عيسى عندما يكتب هذا الكلام ينبغي أن يكون متفهمًا لعلم ابن تيمية ولعلم الوعظ.

موقف ابن تيمية من الكيمياء، كان بسبب الأزمات التي حدثت في مجتمعه آنذاك، فقد كان هناك امتداد من عصر فرعون إلى توقيته، وفرعون عندما استخدم السحرة استخدم معهم كيمائيين، فاحتفظ بعض الناس بهذا الموروث الكيميائي وتعلّمه بعض التجار واستخدموه في طلاء المعدن الرخيص بمادة نفيسة، وليخدعوا العامة ويبيعوه بأثمان مرتفعة، أي أنه كان وسيلة للاحتيال. أيضًا كانوا وقتها يلعبون لعبة في الاعتقاد، ويقولون أن “كل مخلوق مصنوع”، وعليه فإن “كل مصنوع مخلوق”، ومعنى كلامهن بأن “كل مخلوق مصنوع يبقا ربنا _ عز وجل_ شاف واحد قبل منه صنع حاجة فعمل زيها، وقولهم بأن كل مصنوع مخلوق أي أن كل واحد صنع حاجة يبقا خلقها.. فالإمام عايز يقفل باب الفتنة ده فقالهم إن تعلم الكيمياء لغش الناس أشد حرمة من الربا”.

الأصل أن التنويري يخرج الناس من الظلام إلى النور، من الجهل إلى العلم، ومع ضخامة العمل كان ينبغي أن يكون هناك حيادية في الطرح والنقل، “يبقا لما اجي انقل كلام عن ابن تيمية أوضح إنه كان قصده فيها إنه يمنع الغش وقتها وكذا وكذا، مش أخد الكلام مجتزأ دون توضيح جوانبه كافة”.

من المفترض أن العمل يقدم البطل، الدكتور يحيى التيجاني، كشخصية تنويرية، لذلك كان يبنغي أن يؤصل للحرية الشخصية للأفراد وليس العكس، بدليل أن ابنته في الفيلم عندما أخبرته ابنته أنه سترتدي الحجاب صُدم، “بقا مش عارف يقولها لأ عشان ميصادرش حريتها ولا عارف يقولها اتحجبي لأنه بكده هيهدم كل الكتابات اللي ألفها.. فصارت هنا إشكالية بهذه الصورة، مع إن ديننا الاسلامي ليس لديه هذه الإشكالية. فالأب مطالب بالنصح المستمر فقط، ولا يُكره رعيته على شيء.

الاستشهاد بنساء مشايخ الأزهر قبل حقبة السبعينيات لم يكن في محله، فلو كان أبناء المشايخ يصلحون كدليل، لكان ابن سيدنا نوح دليلًا على صحة الكفر.

جملة “الإسلام دين وليس دولة” التي وردت على لسان البطل، غير صحيحة، لأن الإسلام دين ودولة، فالكاتب متأثر بأمر يفرضه على الناس، ألا وهو طريقة سيطرة الدين في العصور الوسطى في أوروبا. لكن الإسلام ليس كذلك، بل دولة الإسلام دولة مدنية تحكمها مجموعة من القوانين يُسأل فيها الكبير والصغير. حتى رسول الله عندما أسس الدولة لم يكن يصدر أي قرارٍ من نفسه إلا بالشورى، ولو أصدره بنفسه وأخطأ كان الوحي يصحح له.

ثالثًا: الشيخ رمضان عبد الرازق:

لست ضد الفن طالما كان هادفًا ويدعو للقيم والأخلاق وبناء الاخلاق، الفن شأنه شأن كل شيء حسنه حسن وقبيحه قبيح.

إبراهيم عيسى كاتب عملاق من عمالقة الأدب، وكذلك المخرج هادي الباجوري، والأبطال كانوا في قمة الاتقان والروعة. الفيلم جيد للغاية إخراجًا وحوارًا وقصةً. أما خالد الصاوي فقد كان رائعًا وأقنعني بدور المثقف المستنير، وكذلك الممثل الشاب أحمد مالك نجح في تقديم الشخصية الجاهلة المستفزة، “أحيي فريق العمل كاملا، حاجة في منتهى العظمة”.

أما الملاحظات فأولها أن الآية القرآنية “قم فأنذر” لم يعجبني أن “البرواز” الذي وضعت فيه كان هناك في ظهره مسدس.. هل هذا رمز لشيء؟

التيجاني في فيلم “الضيف” كان رمزًا للمثقف المستنير العلماني الليبرالي الذي يفهم الدين حسب مقاصده هو لا مقاصد الدين.

هناك إشارات رمزية في فيلم الضيف ، فالتيجاني رمز للعالم المستنير، وزوجته المسيحية “مارلين” التي تشير إلى أن حياة المسيحيين في وطنهم مصر في أمن وأمان وتعايش.

كان هناك أخطاء فادحة في الآيات وتلاوتها في الفيلم، فإن كان لا يقصد هذه الأخطاء فهذه كارثة كبرى، وإن كان يقصدها “فتبقا كارثتين”، وأنا أربأ به أن يكون قاصدًا التعمد بالخطأ. لكن لماذا لم تراجع الرقابة الآيات القرآنية، حتى لا ينطقها أبنائنا خطأً مثلما قيل في الفيلم؟

الحجاب فرض. وما ورد في الفيلم بأن بنات المشايخ قديمًا قبل السبعينات لم يكن محجبات خطأ كبير، و”معجبنيش أبدأ أن يقول البطل: ولا من مرشد الإخوان ولا من شيخ الأزهر”، إذ لا ينبغي الجمع بين الاثنين في مكان واحد.

لا اتفق مع الكاتب في إظهاره للحجاب وكأنه فكر دخيل على مجتمعنا من قِبَل المتطرفين، وكأن الفتاة المحجبة مشروع إرهابي صغير “مغسول دماغها”، وكذلك إظهاره للمسيحي الذي يرتدي الصليب بأنه “مش فاهم دينه وبيقلد وخلاص”.. “يعني لا أنت عايز المسلمة تلبس حجاب ولا المسيحي يلبس صليب أومال انت عايز بالظبط.. فين الحرية اللي بتنادي بيها؟”.

لم يظهر في الفيلم أي نموذج لفتاة محجبة مثقفة، حتى يكون هناك على الأقل نوع من التوازن في طرح الأمور.

كذلك كان هناك أحادية في التفكير داخل الفيلم، “يعني أنت زعلان من الإرهابي إنه أحادي التفكير ومعندوش رأي ورأي أخر.. طب ما أنت وأنت بتعرض القضية عندك أحادية في التفكير”.

الشاب الذي جسّد دور المتطرف دينيًا، عندما مدّ يده لشرب كوب الماء، استخدم يده اليسرى، “طب ازاي.. اقنعني بتصرفاته على الأقل إنه ملتزم بكل الأمور دي”.

الشاب المتطرف يقول للكاتب في الفيلم: “أنت كتاباتك حرضت على القتل وتعذيب الناس واضطهادهم”. فرد عليه قائلاً: “وأنا مال أمي”، وأنا من هذا الباب أقول للكاتب: “طيب لما أنت تقول كده اشمعنى أي حاجة تحصل بتحملوها لشيوخ الأزهر، وتقولوا فين الأزهر.. أصل المشايخ.. طب ما إحنا نقدر نقول نفس الجملة ولا حلوة ليكم ووحشة لينا!!.. أنت ما دمت كتبت كلاما معينًا فتحمل خطأه، لذلك لا تحملني تداعيات كلام غيري”.

البطل فسّر آية ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” بأن كل عالم في مجاله هو من أهل الذكر، فالمهندس أهل ذكر والطبيب والكهربائي.. إلخ. وهذا صحيح بالفعل، لكن لماذا عندما يتعلق الأمر بالقرآن والإسلام “نقول لأ الأزهر والعلماء مش أهل ذكر”.

“شهيتنا اتفتحت للرقابة على الدراما ونقدها مثلما اتفتحت شهيتهم للرقابة على الأزهر ونقد الخطاب الديني.. ده طبعا إذا كان العمل متعلق بالدين”.

نرشح لك: مازن فوزي يكتب: فيلم (الضيف).. عودة الفيلم الحواري للسينما المصرية

رابعًا: الشيخ رمضان عفيفي:

الآية القرآنية التي وردت؛ “قم فأنذر”، نحتاجها بالفعل في حياتنا، أن ننذر العاصين والكسالى، لكنها وردت ناقصة، لأن دعوة الرسل بشارة ونذارة، وفيها رحمة للمخالف، فكان ينبغي أن تُقدم الصورة كاملةً واضحةً.

اتفق مع إبراهيم عيسى في مواجهة الأرهاب والتطرف، وفي مواجهة ظاهرة تخويف المجتمع من التفكير، وهنا تأتي حرية الفكر، التي لم يلتزم هو نفسه بها بالقدر الكافي داخل فيلم “الضيف” ، لكننا مطالبون بها، فالنبي جاي ليحرر العقول.

الفنان ماجد الكدواني أثناء حديثه مع الشاب المتطرف قال له: “اوعى تكون من بتوع تجديد الخطاب الديني”، وهذه العبارة تستدعي عدة تساؤلات: هل الخطاب الديني هم؟ هل يتعارض التجديد مع مصلحة الدولة؟ أليس تجديد الخطاب الديني من ضرورويات العصر الحالي؟ أليس هذا التجديد هو توجه الدولة حاليًا؟

نرشح لك: الأزهر يرد على اتهامات التحيز للمرأة

محمد عبد الرحمن يكتب: “الضيف” فيلم “مختلف عليه”  

شاهد| لقطات لـ أسطورة الكوميديا.. سمير غانم