محمد عبد الرحمن يكتب: الاستثنائية نادية لطفي

كتبت نادية لطفي تفاصيل مشوارها مع السينما المصرية قبل أن تقف أمام الكاميرا لأول مرة، منذ البداية قررت أن تكون على الشاشة كما هي في الحياة، شخصية تحدد مصيرها بيدها، صنعت صورتها كما تريد، رسمتها نقطة وراء أخرى ولاتزال رغم ابتعادها عن التمثيل منذ 30 عاما.

لم تقرر نادية لطفي أن تصبح نجمة، ترى أنها أصبحت كذلك لأنها قدمت على الشاشة ما تريد من شخصيات، لم تسع لشخصية بعينها، لم تخطف دورا من زميلة مشوار، لم تنتظر تفاعل النجم الذي يقف أمامها حتى تؤدي هي كما يجب، كانت تعمل من أجل نادية لطفي وحسب، فوضعها الجمهور مبكرا في الجانب المضيء من ذاكرة مصر.

 

نادية لطفي (1)

إذا سألتها عن شخصية حلمت بها ولم تؤديها، ستكون إجابتها النفي، ليس لديها أحلام مؤجلة، لأنها تعلمت منذ البداية أن تحقق كل حلم، وبعد أكثر من 85 فيلما قررت الابتعاد وليس الاعتزال حتى تتحسن أحوال السينما ، لم تعد للشاشة الفضية منذ ذلك الحين، لكنها اليوم تعبر عن تاريخ السينما المصرية باختيارها وجها لدورة استثنائية من مهرجان القاهرة، هو نفسه المهرجان الذي شاركت نادية لطفي في دورته الأولى التي أقامها كمال الملاخ في سينما راديو، تتذكر نادية المناسبة كأنها كانت بالأمس، وتقبل تكريمها في الدورة السادسة والثلاثين كأنها انتهت توا من تصوير فيلمها الأول.

سيدة لا يهزمها الزمن، تعرف دائما كيف تصل إلى أهدافها وتفيد العالم الواسع ربما أكثر بكثير من أن تفيد نفسها كنجمة، بعد 10 سنوات من احترافها التمثيل عرفت الطريق للخدمة العامة، نظمت رحلات الفنانين إلى جنود الجيش المصري على الجبهة، على حائط منزلها الذي رسم ديكوراته شادي عبد السلام لن تجد نادية لطفي الممثلة فقط؛ صورها مع الجنود، مع ياسر عرفات، مع البابا يوحنا بولس الثاني، سورة الإخلاص، صورها من أفلام المومياء وصلاح الدين، بورتريهات لها لمشاهير الرسامين، وعلى أقرب منضدة ستجد دليل الفنانين الذي أصدرته نادية لطفي بالتعاون مع كبار الصحفيين ليذهب ريعه للمجهود الحربي.

نادية لطفي (2)

حيوات عديدة عاشتها “بولا محمد شفيق”، وراء كل صورة أو رسم على حوائط منزلها بجاردن سيتي حكاية طويلة لم تنته بعد، لا تتكلم نادية لطفي عن رفاق المشوار كأنهم رحلوا.

تشعر وأنت تجلس معها في ديكور شادي عبد السلام أنه قد غادر منزلها قبل أن تصل أنت، وقفت إلى جواره وشاركت في المومياء بلقطات معدودة فقط حتى يحصل على التمويل اللازم، وقفت إلى جواره ليس فقط لأنه فنان حقيقي لكنه صاحب مبدأ، هكذا سعت نادية لطفي طوال مشوارها الطويل نحو الاحتفاظ بالمبادئ، لم تقدم تنازلات أو بمعنى أدق لم تسمح لأن تصل بها الحال للاختيار ما بين قرار يرضيها وقرار تُرغم عليه، سعيدة بأفلام دخلت تاريخ السينما المصرية تحمل اسمها، وبجهود إنسانية وتطوعية لم يقدمها في الوسط الفني إلا نادية لطفي، تلك الفنانة الاستثنائية التي يكرمها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة والثلاثين.

نرشح لك: فيلم 122.. نقلة حضارية في التشويق

نادية لطفي (3)

نُشر المقال لأول مرة في ملحق “التحرير ويك إند” بمناسبة تكريمها من مهرجان القاهرة عام 2014.

محمد عبد الرحمن يكتب: إستراحة مشاهد.. جريمة أشرف عبد الباقي

شاهد| أبرز حفلات النجوم في ليلة رأس السنة