محمد غنيمة يكتب: عالم بلا خصوصية

نعيش الآن في ظل الثورة الرابعة، كما نعيش في أفق التشجيع اللامتناهي لاستخدام شبكة الإنترنت في التعليم وغيره من الأمور التي لا حصر لها من إيجابيات، وبالرغم من هذا الدور الإيجابي إلا أن هناك ما ينعكس عليه من سلبيات؛ فظهرت مؤخرًا مجموعة من المصطلحات الحديثة منها مصطلح أطلق عليه (رهاب الإنترنت) و(مخدرات العالم الرقمي) وغيرها من المصطلحات التي تبرز الدور الخلفي والخفي لشبكة المعلومات العنكبوتية، يُدرس الآن في معظم كليات التكنولوجيات في العالم الأساليب البرمجية الحديثة التي في الحقيقة أشعر لها بامتنان شديد ولست وحدي بل العالم كله، ولكن هل فكرنا يومًا كيف صُنعت هذه التكنولوجيات وعلى أي أساس؟ هناك نقطة مهمة تغافلها مصنّعي التكنولوجيات فـ ضرّت العالم بأسره؛ وهي أن التكنولوجيات البرمجية تقوم على مجموعة من اللغات ذو البنية الحديثة التي تتغافل بشكل كامل عن البيئات القديمة للبرمجة.. وهنا حدث ما لم يحمد عقباه.. ظهرت تكنولوجيات مضادة.. ظهرت تكنولوجيات مضادة أسمها الإنترنت المظلم، وهذه البرمجيات قائمة في الأساس على إبداعات التكنولوجيات القديمة، وبالتالي يصعب على البرمجيات الحديثة مواجهتها، فاستُخدمت بشكل خطير في صناعة الإرهاب وسرقة مكتسبات البرمجيات الحديثة.

نرشح لك: محمد غنيمة يكتب: عصر الظلام الرقمي

مع ظهور الهواتف الذكية، تصاعد استخدام هذه الشبكة العنكبوتية ملايين المرات، ولكن يبقى السؤال مطروحًا حول أمان المعلومات وخصوصية الأفراد، ولعل الإجابة على هذا السؤال تبدو جلية ومعروفة لدى كل المستخدمين، وهي أن لا خصوصية تمامًا على الشبكة العنكبوتية، والغريب هنا أن (حاميها.. حراميها) فمحركات البحث والشركات المسئولة عن حركة البحث هم أكثر المسئولين عن تسريب بيانات المستخدمين، فلك أن تعلم جيدًا أن الشركات العظمى ولتكن google على سبيل المثال قد سرّبت وسلمت رسائل بريدها الإلكتروني الخاصة وبيانات أخرى لحكومة الولايات المتحدة؛ الأمر الذي أنشأ نوعية جديدة من التجارة وهي تجارة المعلومات وبيانات العملاء، وليست الشركات العملاقة فحسب التي تقوم بهذه التجارة فقط، بل هناك شركات صغيرة لا تلجأ فقط لتسريب بيانات عملائها بل تقوم أيضًا بتسريب بيانات موظفيها، لتجد نفسك أمام مكالمات من أشخاص غير معروفين يقدمون لك عروض عن منتجهم، وبالتالي فإن الخصوصية أصبحت معدومة على كل الأصعدة.

وتقنيًا لا تخفى عليك صديقي القارئ بأن كل المواقع الأكثر أمانًا في العالم، يتم اختراقها بكل سهولة مثلما حدث اختراق لأجهزة البنتاجون وناسا أقوي مؤسستين في أقوى دولة في العالم، وتم اعتقال هذا المخترق الروماني وهو شخص وليس مؤسسة، ولعل أبرز الموضوعات التي تفتح أمامك تساؤلات عدة؛ هو الحكم على شاب في بريطانيا بعدم الاقتراب من جهاز كمبيوتر لمسافة 100 متر، وهذا الحكم بالذات ما يجعلك تتأكد من أن ليس هناك خصوصية، فكيف يتم الحكم على فرد من عدم الاقتراب من جهازه “لأنه يستطيع الاختراق”، وليس هذا فقط، تجد موقع Facebook مثلا، وخاصة بعد فضيحة تسريب بيانات مستخدميه، يقوم بعمل قائمة يطلق عليها white hat وهذه القائمة لأشخاص استطاعوا اختراقهم، وهذا اعتراف واضح منهم بعدم الخصوصية والأمان .

نرشح لك: محمد غنيمة يكتب: حمو بيكا و”شطة” وثقافة “الكيتش”

وختامًا، قد لا يدرك جيل الإنترنت أن الانفتاح على الإنترنت ونشر المعلومات الخاصة عنهم لكل الناس قد يسبب خطورة في اختراق خصوصياتهم وبريدهم مثلًا، فلو أردت أن استعيد كلمة السر لبريد (محمد عبد الرحمن) مثلًا، ثم سألني برنامج البريد عن تاريخ أو مكان ميلاده كسؤال سري، فبمجرد أن أذهب إلى صفحته في فيس بوك سأجدها متاحة وبكل سهولة، بل لا تستبعد أنك إذا ذهبت يومًا إلى طلب وظيفة أو طلب يد خطيبتك، أن يسألك أبوها عن عنوانك في فيس بوك، ليتأكدوا من شخصك الكريم على حقيقته!.

للتواصل مع الكاتب عبر فيس بوك اضغط هنا

نقدم لك| الحلقة الثالثة من الخلاصة.. حزب أعداء حمو بيكا