محمد حليم بركات يكتب: صِبية على عرش النادي العريق‎

اللاعب لاعب والجمهور جمهور والمدرب مدرب والإداري إداري.. عبارة خالدة للراحل العظيم «محمد لطيف».

عندما تتدبر المعنى من تلك العبارة ستكتشف أنها الحل السحري لكل مشكلات الكرة في مصر؛ المشكلات التي تأتي من الأطراف الأربعة الذين ذكروا في تلك الجملة القصيرة، فكل منهم يريد أن يكون نفسه والآخرون، كلهم يريدون أن يكونوا جمهورا ولاعبين ومدربين وإداريين، لا أحد يريد أن يجلس على الكرسي المخصص له فقط.. وأحيانًا يستدعي طرف الطرف الآخر لمكانه حال وجود أزمة ما، وبعد فترة من الاستدعاءات، يظن الطرف المستدعى أنّه أصبح شريكًا يجالس الطرف الأول على كرسيه.

الجمهور يستدعي الإدارة

في الفترة الأخيرة هناك مشكلات كثيرة جاءت بسبب تلك الاستدعاءات. فمنذ البداية استدعى جمهور الأهلي محمود الخطيب ومجلس إدارته ليجلسوا على كرسي الدرجة الثالثة، ويرى ما يقول عنه جمهور المنافس إنّه «نادي الكفيل»، وظلت الضغوط تلو الضغوط حتى استسلم مجلس إدارة الأهلي تمامًا لصِبية المدرجات، وبدأ مجلس الإدارة يفتعل أزمة تلو الأخرى مع المستشار «تركي آل الشيخ» الذي يحمل في يديه حلم الأهلي الكبير، «المدينة الرياضية» التي دخل بها الخطيب كمشروع القرن لفترة رئاسته للنادي الأهلي. بدأت المضايقات وأفعال الصِبية تتحوّل من المدرج ومواقع التواصل الاجتماعي إلى كرسي مجلس الإدارة.

نرشح لك: رسالة تركي آل الشيخ للاعبي بيراميدز

بعد أن تزايدت الأفعال الصبيانية من مجلس الإدارة، تركي آل الشيخ يصدر بيانًا كالزلزال أحدث بعرش محمود الخطيب ومجلس إدارته تصدّعات كبيرة، كادت تسقط العرش فعليًا بعد أن أسقطته نفسيًا في قلوب وعقول المصريين، فنَّد فيه ما حدث خلال 8 أشهر منذ دعم ‏محمود الخطيب في الانتخابات حتى انتهاء العلاقة بينهما. بيان ليس كأي بيان وأحداث لم تخطر ‏ببال أشد المحبين أو الكارهين لمحمود الخطيب، حتى إن أنصار الغريم التقليدي للأهلي احتاجوا ‏بعض الوقت ليستوعبوا ما ورد في البيان!‏.

لكن سرعان ما صدَّق الجميع على ما قاله تركي آل الشيخ، بعد أن اكتفى مجلس إدارة الأهلي ‏بالصمت تجاه ما ورد بحقهم في البيان.‏

الإدارة تستدعي الجمهور

هنا تغيرت الاستدعاءات، حيث شراء بطولات زائفة أمام الجماهير المصرية، بأن مجلس الإدارة هو من قرر الاستغناء عما يقدمه المستشار تركي آل الشيخ للأهلي، وأنهم اكتفوا بالـ260 مليون جنيه والهدايا باهظة الثمن لأعضاء مجلس الإدارة وإعلاميي الأهلي، وبدأوا توجيه الصبية إلى أن الرجل جاء بنوايا غير معلنة اكتشفوها هم وحدهم؛ الرجل يريد تخريب الأهلي، وبينما يكمل المستشار استثماراته في مصر بنادي بيراميدز، تطورت الاكتشافات «الخزعبلية» بأن الرجل جاء لتخريب الكرة المصرية.. الكرة المصرية التي هي أصلًا «خرابة» منذ 10 أعوام على كل الأصعدة!

الجمهور ينصهر داخل الإدارة

ظلت الجماهير والإدارة يتداخلون في كل شيء سويًا، حتى أصبح من الصعب التمييز «مَن الجمهور ومَن الإدارة»، وأصبح الجمهور يجلس على طاولة مجلس الإدارة، شريكًا في كل شيء، والنتيجة خروج الجميع عن السيطرة؛ الإدارة والجماهير.

حيث خرج بيان لا يستطيع أحد أن يميز هل كتبه مجلس الإدارة الأهلي أم الجمهور.. بيان أقل ما يمكن أن يقال عنه إنّه «صبياني»، لا يمكن أن يخرج من أُناس لديهم الحد الأدنى من المسؤولية ولا الحد الأدنى للشعور بقيمة المكان الذي يديرونه.. بيان تُشكر فيه جماهير خرجت عن كل قيم وأخلاق واحترام ما يسمونها «مبادئ الأهلي»، جماهير تسب الكل، شخصيات وكيانات دون رادع، ثم يصدر بيان من الأهلي يشكرها فيه على المثالية! أي مثالية تلك!.

مثالية أنهم التزموا بما أُملي عليهم من مجلس الإدارة من سباب ليرددوه كالبغبغانات في المدرج؟!

نرشح لك: ناقد رياضي: تركي آل الشيخ خيره على الأهلي.. والهجوم عليه مدفوع الأجر

أم مثالية العهد الجديد للأهلي، أن كل ما مضى عبر 111 عاما شيء والقادم شيء آخر.. شيء من انعدام كل شيء حسن كان يتمتع به الأهلي ويتميز به عن غيره؟!

اللا وعي يحكم الأهلي

لم يفكر أحد ممن يفترض فيهم الحكمة والعقل أنهم بصدد افتعال أزمة كبرى في مصر والوطن العربي.. أزمة إن لم تحل الآن فهناك تصدع كبير في العلاقات المصرية السعودية، ربما يلتهم كل ما بني في الفترات الماضية.. فهناك أحد أهم المسؤولين في المملكة العربية السعودية والمسؤول الأول عن الكرة في الوطن العربي بأكمله؛ تم تسليط صبية همج في المدرجات لينالوا منه، وهو والذي جاء إلى مصر فقط راجيًا الارتقاء بمكانتها رياضيًا وعودتها مرة أخرى لقيادة الرياضة العربية، بعد أن ظلت سنوات في غياهب النسيان.

الحكاية لم تعد هينة.. اختلط الحابل بالنابل وأصبح كل شيء مباح ومستباح دون رادع من أحد.. وعلى الدولة أن تقوم بدورها في حماية من جاءوا راجين العطاء لها لا الأخذ منها، كما كان يفعل الكثيرون.

أرجو أن تكون الأزمة الأخيرة جرس إنذار يفطن إليه الجميع.