عمرو قورة يكتب: وين المصاري؟

لو سألت أي حد (ما عدا أهل الحظوة) في سوق الإعلام المصري، ستجد أنه مفلس وعلى الحديدة.. لا يوجد كاش في السوق.. ولا حتى ١٠ جنيه.. فأين اختفت الفلوس ومين اللي أخذها وخباها؟

نرشح لك: عمرو قورة يكتب: في زمن الهوة الرقمية.. من سيتحكم في صناعة الإعلام؟

وصلنا لمرحلة إن شركات الإعلان امتنعت عن سداد قيمة الإعلانات للقنوات لإن السوق غير مستقر.. وليه أدفع النهاردة إذا كان ممكن أنتظر شهر واحتمال كبير إن القناة دي بالذات تغلق أبوابها؟.. لا داعي للدفع.. وبالتالي القنوات وبالذات المتعثرة وحتى المستقرة لا تجد مالا تسدد به مرتبات العاملين ولا استحقاقات المنتجين.. فيجد المنتج نفسه عاجزا عن سداد مرتبات الموظفين، وطبعا الممثلين والفنيين ينتظروا شوية.. والممثلين والفنيين مش قادرين يدفعوا مدارس أولادهم ولا أقساط بيوتهم ولا حتى بنزين سيارتهم في بعض الأحيان.

أين ذهبت النقود؟ هل هذا متعمد، لكي يغلق أبوابه من يغلق ويفلس من يفلس؟.. ويبقى أصحاب الحظوة في الانتظار حتى يخلو السوق من المنافسة.. بدون أي اعتبار للمؤسسات اللي هتغلق أبوابها والموظفين يتشردوا في الشوارع.. ولا يجدون سبيلا إلا استجداء أصحاب الحظوة بتملق ونفاق على وسائل التواصل الاجتماعي لعل وعسى يرضى عنهم صاحب هذا القرار أو ذاك ويعطيهم أي وظيفة متاحة من فرط كرم وذوق سيادته.

لو استمر الحال هكذا لن تدور عجلة الإنتاج التلفزيوني وقريبا السينمائي.. وسيصبح الجميع على باب الله.. وقد نصل إلى اليوم الذي يتوصل المنتج إلى اتفاق مع الممثل لسداد أجره بالمقايضة؛ دور البطولة واحد موبايل أي فون بعلبته الأصلية.. أما الأدوار الثانوية بالأجر سيكون كرتونة زيت أو صك الأضحية.. وأهو مش بس هنستلم الصك ونحاول ندبر بيه أمورنا وفي نفس الوقت نكسب ثواب ويفرش لنا طريق مباشر للجنة.

الموضوع جد خطير.. ولا أعرف سوقا آخر في العالم لا يوجد فيه ألف جنيه على بعض.. فكيف يعيش الناس وكيف تعيش الصناعة من أصله؟.. ولا القصد إننا نجيب ضلفها ونهاجر؟.. فاتحين المجال أمام القليل الواصل بعلاقاته ونفوذه للسيطرة على السوق بدون أي منافسة.. وعندما تختفي المنافسة يصبح الإنتاج التلفزيوني في حالة خمول وعدم الحاجة للتجويد.. ونفقد الكام مشاهد اللي لسه بيتفرجوا على وسائل الإعلام المصرية لوسائل إعلام أجنبية مغرضة.

إذا استمر الحال على ما هو عليه، فسيقف زملاؤنا في سوق الميديا خارج أسوار مدينة الإنتاج الإعلامي حائرين؛ يتهامسون يسألون في ذهول: “وين المصاري بدنا نعيش.. بتقولوا فيه نلاقي مفيش”.