عمرو قورة يكتب: ماذا ينتظر العاملون في الإعلام المصري؟

القاعدة التي نسير عليها في سوق الميديا منذ عقود أن دور العاملين فيه توفير الإجابات على الأسئلة الملحة لدى الرأى العام، يفتح المشاهدون القنوات، يستمعون للمحطات الإذاعية، يقرأون الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية بحثا عن الخبر والرأي والتحليل، لكن الآية انقلبت وبات صناع الميديا هم من يبحثون عن إجابات حول مصيرهم في الأسابيع القليلة المقبلة، بدأت الحالة قبل 3 أعوام عندما رأت الدولة أن الفوضى في سوق الميديا يجب أن تتوقف، أنا وكثيرين من صناع الميديا ندعم هذا الرأي بالطبع، لكن كيف تتبخر الفوضى دون أن تترك وراءها فراغا لا يُحمد عقباه، لن أكرر عبارات حفظها الجميع حول الحرب الإعلامية التي تتعرض لها مصر والتي تتمتع بتمويل خيالي كنا نظن أنه سينتهي بعد عام أو عامين، لكن مستمر، لن أكرر أيضا الأخطاء التي وقع فيها الإعلام المصري منذ يناير 2011 ، والتي جعلت معظم المتابعين يفقدون ثقتهم فيما يرون وما يسمعون ، لكن حتى لو كان أحد أعضاء الجسم يستحق البتر لا يعني هذا التخلص من الجسم كله .

لن أكرر كلاما قديما، بل سأحاول أن أساهم برأي قد يساعد ولو بالقليل في رسم صورة ما يجب أن يكون عليه الإعلام المصري في المستقبل القريب، سأدون هنا ١٠ نقاط أتمنى أن يضعها صانع القرار الإعلامي في اعتباره وهو يفكر ويفكر…لإيجاد حل نهائي وقاطع لإنقاذ ثم إنعاش ثم إعادة إطلاق الميديا المصرية لتلبي احتياجات المواطن المصري ومن بعده يصل تأثيرها من المحيط غربا حتى الخليج شرقا .

أولا : تجارة القنوات التلفزيونية تجارة خاسرة. الا لو كنت تمتلك ٧٠٪ من السوق الإعلاني وحدك وهذا شبه مستحيل الا في سنوات معينة عندما إمتلكت إم بي سي ٧٠٪ من السوق الإعلاني الخليجي… فأرجوكم كفاية قنوات…إحنا محتاجين تناسب ما بين عدد القنوات واحتياجات الجمهور .

ثانيا : إدارة الإعلام هي مهنة في منتهى التخصص.. ومهما حاول غير المختص أن ينجح…فلن يستطيع.. وهو أشبه بتعيين مدام عفاف من الشهر العقاري في وكالة ناسا… فلن تفهمهم ولن يفهموها… ولن تفيدهم على الإطلاق… هذا هو ما يحدث حاليا ماعدا القليل من القنوات .

ثالثا : التلفزيون التقليدي في طريقه للزوال… و ليس بسبب نتفليكس والكلام ده…السبب الحقيقي أن ٧٠٪ من الشعب هو تحت سن الـ ٣٥ و يريد مشاهدة المحتوى الذي يحبه في الوقت الذي يحبه والمكان الذي يريحه….الخريطة التلفزيونية التقليدية تنقرض أسرع من الخرتيت الأبيض…فلا يجب أن نستهلك وقتنا في إنشاء وإدارة منظومة في طريقها الى الزوال… بل يجب التحضير لمفارقتها الحياة قريبا و نكون جاهزين بالخطة (ب) .

رابعا : بالإضافة للسبب المذكور في النقطة السابقة… فوسائل الإعلام المصرية تزيد من عزوف المشاهد بسبب المحتوى المسيس المتشابه على كل القنوات و في كل البرامج…مما أدي لعزوف معظم الشباب الذين يحتاجون للغة مختلفة، وعزوف كبار السن للقنوات الخارجية وما أدراك ما هي وماذا تفعل القنوات الخارجية لضرب الروح المعنوية وإثارة الإشاعات .

خامسا : وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت أسرع و أكثر تأثيرا في توزيع الأخبار والإشاعات؟ وهذه الوسائل كانت زمان قوي بنحاربها باللجان الألكترونية والتي أصبحت مثل مقاومة حريق كبير بزجاجة مياه إيفيان…وأصبحت من الماضي و غير مؤثرة…. وطبعا مش محتاج أقول إن الهاشتاج الذي يطلقه أحد الإعلاميين كل يوم هو نوع من العبث وتضييع الوقت على هراء…. من هو الشخص المسؤول عن حروب الجيل الرابع ومواجهة شائعات وسائل التواصل؟ لو الشخص ده أكبر من ٣٥ سنة يبقى هايفشل… ولو مالوش خلفية الكترونية فأنا أسف لأخبره بأن النتيجة في النهاية لن ترضي أحدا .

سادسا : هل يعلم القائمون على الأمور أن الميزانيات الإعلانية (في الشركات العالمية) الموجهة للإعلانات التلفزيونية.ستنخفض الى النصف في ٢٠١٩ ؟ ياريت يتم التنبيه على القنوات حتى لا تنسى نفسها في شراء محتوى غالي لن يشاهده أحد (كلنا فاكرين برامج اللي قدمها مشاهير وكيف تركت أثرا لا يذكر في المشاهد مع إنها تكلفت ملايين)… وبالتالي يجب أن يكون هناك ذكاء في إختيار المحتوى و دراسة لما يريده المشاهد ثم نتوكل على الله وليس العكس أو حسب ما تحبه السيدة حرم مدير المشتريات في القناة…هذا الأسلوب سينتهي للأبد .

سابعا : هل يعقل أن نطلب من قنوات تشتري محتوى و معلنين يعلنوا عليه… بدون أي وسيلة لقياس نسب المشاهدة…أين شركات الأبحاث بعد إغلاق إيبسوس؟ الموضوع مش لوغاريتمات أو هندسة صواريخ…كل ما في الأمر طرح عطاء لأكثر من شركة والوصول لأفضل عرض و إختياره…والا كيف سنحاسب القنوات إذا نجحوا أم فشلوا؟ وهل الإعلانات التي تنزل على بعض القنوات بالأمر المباشر وبأقل أسعار هو دليل على نجاح هذه القنوات و ماتقدمه ولا كلنا بنضحك على بعض و بنتخيل حاجات غير موجودة؟

ثامنا : هل يعلم القائمون على السياسة الإعلامية أن المستقبل للمنصات الألكترونية مثل نتفليكس وشاهد و فيو كليب وليس لقناة كذا ولا قناة كذا؟ هل هناك أي نية للسبق قبل أن تفتتح عشرات المنصات في الوطن العربي أن ننشىء منصة مصرية تعرض المحتوى المصري الجديد المتفرد ويبقي بعض الأمل في صدارتنا للمشهد الفني والثقافي في العالم العربي والذي يشعر الجميع أن بعض البلاد العربية تعمل بجدية فائقة لسحب الريادة مننا و نحن نمهد لهم الطريق؟

تاسعا : أهم من كل ماسبق…أين مديونيات الموردين والمنتجين…حسب علمي المحدود هناك مديونيات على القنوات القديمة والحديثة تقترب من ٢ مليار جنيه…وهذا المبلغ لو لم يتم سداده يهدد الاف الأسر بالتشرد…فقبل إفتتاح أي شيء أو الإستحواذ أو الإندماج أو الإنشطار أو اي شيء تنوون فعله يجب أن يسبقه سداد حقوق الدائنين .

عاشرا : وجود ثلاث هيئات متنافسة على قيادة الإعلام من الهيئة الوطنية للمجلس الأعلى لشيء ثالث لا أذكر إسمه هو إضافة للتخبط الموجود…ويجب على العاملين أن يجدوا سلطة أعلى يتواصلون معها بدلا من تلك الهيئات التي تهتم أكثر بإيقاف المذيعين و التظاهر بالفضيلة و ده عيب وده مايصحش وده مش تقاليدنا… عايزين شخص كبير نتوجه اليه و يكون عنده قدرة على الحل…

وأخيرا وليس آخرا…الى متى سنستمر في حالة تأخير القرارات و إنعدام الرؤية و تدخل من لا يفهم في مالايعلم واتخاذ قرارات فجائية نعدل عنها في نفس الشهر. إعلنوا عن خططكم بشفافية واطرحوا الموضوع لمناقشة الخبراء (اللي بجد) وخذوا قرار نهائي…علشان المجتمع الإعلامي كله قاعد ينتظر الفرج وليس “فرج”.

نرشح لك: عمرو قورة يكتب: مسلسلات غيرت وجه الدراما (1).. ذا سوبرانوز  “The Sopranos”