المنتصر بالله.. ضحكة لا تغيب

أسماء شكري

 

فنان كوميدي من طراز خاص، صاحب الإفيهات الحاضرة وسرعة البديهة والتلقائية في الأداء، تتذكر اسمه بمجرد ذكر أسماء الشخصيات التي قدمها، صاحب بصمة في كل عمل فني شارك فيه مهما كانت مساحة الدور، إنه الفنان القدير المنتصر بالله.

البداية

كثير من الفنانين لم يدرسوا التمثيل وبرعوا فيه بفضل موهبتهم، ولكن المنتصر بالله كان ممثلًا أكاديميًا، فلم يكتف بالموهبة وحدها، وإنما حصل على بكالوريوس الفنون المسرحية عام 1969، وربما لا يعرف الكثيرون أنه قد نال درجة الماجستير في الفنون المسرحية أيضًا عام 1977.

بدأ مشواره الفني من خلال فرقة ثلاثي أضواء المسرح في بداية السبعينيات، ولكنه يَعتبر أستاذه الحقيقي ومعلمه الذي تتلمذ على يديه، هو الفنان الكبير فؤاد المهندس، والذي شاركه في العديد من الأعمال أشهرها مسلسل “عيون” ومسرحية “علشان خاطر عيونك”.

أعمال قليلة وشخصيات خالدة

لم يقدم المنتصر بالله أعمالًا فنية كثيرة بالمقارنة بأبناء جيله من الفنانين، ولكن يكفي أنه قدّم أعمالًا خالدة في تاريخ الفن والمسرح تحديدًا؛ فالعبرة بالكيف وليست بالكم، ويكفيه أن الجمهور ما زال يحفظ إفيهاته وأسماء الشخصيات التي قدمها، وسر نجاحه يكمن في أنه حتى الآن يَعتبر نفسه تلميذًا في مدرسة الفن، فهو ما زال يتعلم، كما قال في برنامج “من سيربح المليون” مع الإعلامي جورج قرداحي.
 

ومن أشهر أفلامه “يا تحب يا تقب” و “ضد الحكومة” و “الشيطانة التي أحبتني”، ومسلسلات “أبناء ولكن” و “أنا وإنت وبابا في المشمش” و “شارع المواردي”، ومسرحيات عديدة أشهرها “علشان خاطر عيونك” و “شارع محمد علي” و “عائلة سعيدة جدًا”.

“سنجر” في “علشان خاطر عيونك”

من أشهر أدواره، ورغم أن مسرحية “علشان خاطر عيونك” بطولة العظيم فؤاد المهندس، إلا أن الجمهور لا ينسى دور المنتصر بالله فيها، بشخصية “سنجر” مساعد تاجر المخدرات “طاهر” فؤاد المهندس.

فقد كانت أغلب مشاهده داخل المسرحية مع “المهندس” النجم الكوميدي الكبير، ومع ذلك لم يطغ أداء “المهندس” على أداء المنتصر بالله، وإنما تشعر وأنت تشاهدههما على المسرح بأنهما نجمان متعادلان تقريبًا في التمكن من الأداء.
 

 
“شلولخ” في “شارع محمد علي”

مرة أخرى يبهرنا المنتصر بالله في مسرحية “شارع محمد علي”، وبالرغم من أن المسرحية في الأساس من بطولة أسماء كبيرة مثل شريهان وفريد شوقي، إلا أن الجمهور ربما يتذكر من المسرحية مشاهِد المنتصر بالله عن مشاهِد أبطالها الأساسيين.

 

فاستطاع أن يترك بصمته في المسرحية من خلال شخصية “شلولخ”، المطرب صاحب الصوت النشاز، والمشهد الذي يغني فيه ويلقي النكات ويعزف على العود بطريقة مزعجة؛ دخل به إلى قلوب المشاهدين؛ فهو ليس عازفًا ولا صوته يُحتمل كمطرب، ولكن الجمهور نسي كل ذلك وضحك من قلبه معه، في مشهد مدته تعدت الـ 12 دقيقة! ولم يمل الجمهور منه بل صفق له بشدة.
 

 

رمضان الخضري في “أرابيسك”

تجلت قدرات المنتصر الفنية في هذا الدور في مسلسل “أرابيسك”، والذي يخلو تمامًا من الكوميديا، ليبرهن للجميع على أنه فنان يستطيع أداء كل الأدوار وليس اللون الكوميدي فقط.

شخصية “رمضان الخضري” زوج أخت “حسن أرابيسك”، والذي يدبر المكائد لـ “حسن” ويدَّعي الطيبة والتقوى، حتى أنه كُتب اسمه على تتر المسلسل “زوج أخت حسن الشرير”.
 

 

“سامي” في “عائلة سعيدة جدًا”

في مشهد مدته 7 دقائق ونصف من مسرحية “عائلة سعيدة جدًا”، يتحمل المنتصر بالله وحده مسئولية إضحاك الجمهور، وهي المهمة التي يعجز عنها نجوم كبار، فجمهور المسرح تحديدًا لا يقبل بالأداء الضعيف؛ لأنه يشاهِد العمل لحظة بلحظة مباشرةً.

 

فزميله في المشهد الفنان مصطفى حشيش ليس ممثلًا كوميديًا، ومع ذلك نجد المنتصر بالله يتفنن في إضحاك الجمهور؛ منفردًا، والذي صفق له على كل جملة تقريبًا.
 

 

ابتعاده بسبب المرض

أصيب المنتصر بالله بجلطة في المخ منذ سنوات، ابتعد بسببها عن الساحة الفنية، ولكنه كان حريصًا على الظهور من خلال عزاءات زملائه الفنانين، ويقول أنه يعتب على زملائه وأصدقائه المقربين، الذين لم يسألوا عنه في فترة مرضه.
 

رغم غيابه عن الساحة الفنية لأكثر من 10 سنوات، إلا أننا ما زلنا نتذكره، ونضحك من قلوبنا مع أدواره، التي ستظل محفورة في تاريخ الفن، والكوميديا بشكل خاص.