الدين والجنس في المونديال!

محمد مصطفي أبوشامة     

بثت خدمة رويترز الرياضية العربية قبل أيام خبرًا عنوانه (الجنس مسموح لكن مع الزوجات فقط)، أما محتوى الخبر فقد كان تصريحًا مقتضبًا لـ”هيمير هالجريمسون” مدرب أيسلندا أكد فيه أنه سيسمح للاعبى فريقه بممارسة الجنس قبل مواجهة نيجيريا في كأس العالم لكرة القدم، شريطة أن يكون مع زوجاتهم فقط.

تخيل معى عزيزي القارئ، أن مثقفًا أيسلنديًا قد انبرى يسخر من تصريحات مدرب منتخب بلاده، واصفًا إياه بأنه مدرب داعشى وأن قراره بمنع اللاعبين من ممارسة الجنس مع البغايا الروسيات (أو الأيسلنديات المصاحبات للفريق) ربما يوتر العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين (روسيا وأيسلندا)، وذلك بسبب الأضرار الاقتصادية التي نجمت عن امتناع “الفحول الأيسلندية” عن نكاح المُزز الروسيات!

نرشح لك: بيان من الاتحاد المصري لكرة القدم حول تذاكر مباريات كأس العالم

بالتأكيد الفقرة السابقة هزلية ساخرة، ولم تحدث في أيسلندا ولا في غيرها من دول العالم المتحضر، لكنها للأسف حدثت فى مصر عندما خرج علينا كاتب مصري (ساخرًا ناقمًا) على محمد الشناوي حارس مرمى المنتخب، الذى رفض استلام جائزته كأحسن لاعب فى مباراة مصر مع أورجواي!.

وافتتح الكاتب تغريداته ضد اللاعب على حسابه فى موقع تويتر قائلًا: “كم فيك يا مصر من شناوي مدفون ينتظر الفرصة ؟؟!!”.

ثم أعقبها بـ تغريدته التى أثارت ضجة كبيرة (والتي حذفها في وقت لاحق بعد ملاحقته قضائيًا) إذ قال فيها: “مرة حارس مرمى دولى رفض جائزة مكتوبا عليها اسم شركة خمور انتظارًا وطمعًا في جنة تغريه وتعده بأنهار الخمور”.

وتوالت الردود القاسية على هذا التوجه.. وكان من بين أكثر تلك الردود بلاغةً ما ذكره أحد المغردين قائلًا: “يبدو أنك لم تلحظ أنَّ اللاعب (كريستيانو رونالدو) سبق له أن رفض جائزة هذه الشركة (وهو المسيحى الكاثوليكى).. لكنه حسب كلامه لا يشرب الخمر، ويرفض المشاركة فى دعاية شركات الخمور.. لأن والده مات بداء الكبد، بسبب إدمانه الخمور، وكثير من المشاهير والنجوم يرفضون هدايا من شركات السجائر والخمور، ليس بسبب خمر الآخرة”.

لكن يبدو أن الكاتب استملح حالة الجدل والصخب، التي أثارها حول واقعة لا علاقة لها بالدين أصلًا، بل إن الموقف كله نابع من حرية اللاعب الذي اجتهد في أولى مبارياته فى كأس العالم، وكان يستحق منا جميعًا الإشادة والشكر، لكن صاحبنا أعجبته الحالة فأكمل قائلًا: “‏بعد التألق لازم فاصل من العك والخلط والدروشة.. الشناوى يرفض الجائزة لأنها مقدمة من شركة خمور! نحن أمهر شعوب الأرض في وضع بول البعير على تورتة الأيس كريم”.

ووسط حالة غضب، تسابق أصحاب صاحبنا (المنتصر) في الدفاع عن بطولاته وعبقريته الشاذة في الدفاع عن علمانيته (وعلمانيتهم) ضد الفكر الداعشي المتوغل في مفاصل الفكر المصري!

وقادنا هذا الهزل بين أطراف جاهلة إلى حالة عبثية، انتهت بدعوى قضائية ضد هذا المثقف، الذي لا يختلف كثيرًا في تشدده الفكري عن أقطاب السلفية الذين يستمتع بسبهم كل صباح، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى.

وللأسف.. وبعد أن انقلب الهزل إلى «عك»، أجدني مثلما دافعت عن حق الحارس الشناوي، مضطرًا لأن أدافع عن حق «الكاتب» في أن يقول رأيه، من دون أن ترهبه دعاوى قضائية تستغل الدين.

وختامًا، أتمنى على الجميع أن يرحموا الدين كي يرحمنا «مالك يوم الدين».