إيمان سراج تكتب : المرض الذي أصاب مسلسلات رمضان

بعد إنقضاء النصف الأول من دراما رمضان، أصبحت الرؤية واضحة، وأصبح الحكم على تلك الأعمال هيناً.

شهد الموسم الرمضاني الحالي تراجع المستوى الفني بالمقارنة بالموسم الماضي، حيث خلت الأعمال من التميز والدهشة وإثارة الجدل. رغم البذخ الإنتاجي ومحاولة الإبهار في الصورة.

هذا الموسم الرمضاني للدراما ربما هو الأسوأ على الإطلاق، فهو لا يشبه أي موسم رمضاني آخر، منذ بدايته مع ملابسات إلغاء عرض مسلسل “أرض النفاق” ومسلسل “لدينا أقوال أخري” على المحطات التلفزيونية المصرية، إلى المستوى الضعيف الذي ظهرت عليه أغلبية الأعمال.

نرشح لك – إيمان سراج تكتب: زوجة محمد صلاح

كل الأعمال وبلا إستثناء حتي الجيد منها أصابها مرض البطء الشديد وطول المشاهد الحوارية عديمة التأثير في الأحداث، حتي أنها ظهرت وكأن هذه السمة ضرورة ملحة لدراما رمضان الحالي.

ربما لأن كثير من كتاب السيناريو لا يملكون القدرة على كتابة سيناريو الثلاثون حلقة بدون أن يتم حشوه بمشاهد وحوارات لا تضيف إلى العمل بل تؤدي به إلى السقوط إلي القاع.

“إذا إتجه العمل الفني إلى المباشرة في توجيه رسالته، فقدها وفقد ميزته”

 هذا ما شاهدناه في كثير من الأعمال التي ظهرت وكأن أصحابها ينحتون من نفس الكتالوج، أو كأن شخصاً واحداً كتبها، ثم قام بتوزيعها لتتحول إلي دراما.

في كل حلقة منها لابد أن نري، قتل وضرب نار وقتلي وفساد وجرائم ومخدرات وإرهاب وسباب وألفاظ خارجة جارحة، ومبالغات درامية وعدم تنوع في النصوص.وإفلاس فكري واضح.

“نجاح العمل لا يعني أن مشاهداته لابد أن تصل لملايين وأن يحتل صدارة الترند”

 رغم أن هذه الأشياء أصبحت هي أساس الحكم بالنجاح أو الفشل على العمل لدي البعض، وأصبحت المؤشر الأساسي لإتجاه المنتجين والمعلنين لإختيار النجوم، حتي في إتجاه إختيار القصص التي ستتحول إلي دراما، وأكبر مثال على ذلك التوجه إلي تقليد نجاح محمد رمضان في “الأسطورة” على إعتبار أن هذه التيمة هي التي أعجبت المشاهد وأتت بملايين المشاهدات، لكن الحقيقة أن البقاء للأفضل دوماً، فمسلسل “هذا المساء” خير مثال على ذلك، على إعتبار أنه لم يحقق مشاهدات عالية على اليوتيوب، لكن لا يكف الجميع عن الحديث عنه ولم يتم للآن تقديم أي عمل يمكن له حتي من محاولة الإقتراب من منافسته، في حين تاه الأسطوره وسط البقية.

نرشح لك – عبد الله غلوش يكتب: غلوشيات رمضانية (12)

كل هذا لا ينفي وجود أكثر من عمل على مستوى جيد منهم؛

– “الرحلة”، للمرة الثانية يتعاون المخرج حسام علي مع باسل خياط كبطل للرحلة بعد مسلسل العام الماضي “30 يوم”.

المسلسل من النوع النفسي المركب، وإلي الآن يعتبر من المسلسلات التي تحافظ على تماسكها سواء في عنصر الحبكة الدرامية أو الإخراج، ريهام عبد المغفور تثبت يوما بعد يوم أن ابن الممثل ممكن أن يكون ممثلاً بارعاً دون واسطة أبيه، كذلك حنان مطاوع، أما باسل خياط فأدى الشخصية باحترافية ويحسب له أن أداءه اختلف عن مسلسل العام الماضي ولم يكرر نفسه.

– “اختفاء”، هذا المسلسل يحتاج من المشاهد لكثير من التركيز أثناء متابعته، مسلسل غير عادي، يجمع ما بين فترتين من الزمن، الفترة الحالية وفترة الستينات، ويظهر في الفترتين كل من نيللي كريم ومحمد ممدوح. المسلسل يسرب إليك الأحداث بهدوء في الوقت الذي يريده الكاتب” أيمن مدحت” والذي يجعل المشاهد في حالة تخمينات مستمرة، العمل يحمل الكثير من الغموض والإثارة وهذا ما يميزه عن بقية الأعمال، بالإضافة إلي آداء نيللي كريم الذي عوضت به سقوطها الحر ولأعلى سعر والفضل في ذلك يرجع إلي المخرج “أحمد مدحت” الذي استطاع توظيف إمكاناتها جيداً. كذلك آداء ” محمد علاء” الذي يمثل السهل الممتنع والذي لا يشبه أدواره السابقة، وأداء محمد ممدوح الاستثنائي، يعيب عليه فقط الحروف التي يأكلها فتظهر الكلمات غير مسموعة للمشاهد، كما أن ماكياجه وهو كبير السن، ظهر كما لو كان وجهه مشوهاً.

– “عوالم خفية” يطل علينا عادل إمام هذه المرة بعيداً عن يوسف معاطي، وربما لهذا السبب كان ظهوره مختلفاً، حيث خرج من الدائرة المغلقة التي وضعه فيها معاطي ومن بعد أن كان يظهره وحده كمحور لأحداث العمل، ظهر في عوالم خفية كجزء من العمل وأتمنى في المرة القادمة أن يخرج أيضاً من عباءة إبنه رامي. استطاع عادل إمام تغيير جلده فظهر بصورة مغايرة تماما عن السابق، أحداث المسلسل مشوقة وإن كان هناك بعض الهنات لكنه في المجمل من الأعمال الجيدة.

– “ليالي أوجيني”، للوهلة الأولي يشعر المشاهد أن العمل تكرار لتجربة “جراند أوتيل” ربما لتشابه الأجواء من الملابس والإضاءة والصورة والرؤية الإخراجية.

نرشح لك – مصطفى حمدي يكتب: خلينا نشوفك (3).. أكشن “صلاح” وكوميديا “بيبو وتركي” تكسب

 قدم لنا “هاني خليفة” دراما ساحرة حالمة، إستراحة تخلص فيها المشاهد من مشاهد القتل والسباب والأكشن المفتعل الذي ملأ شاشات القنوات المختلفة. يعيب على العمل إيقاعه البطيء في الأحداث والمشاهد الطويلة التي قد تصيب المشاهد أحياناً بالملل.

آداء أمينة خليل جاء مميزاً، إنجي المقدم في أجمل حالاتها شكلاً ومضموناً، أسماء أبو اليزيد فنانة محترفة لديها قبول غير عادي، إنتصار “نعمات وصدقي بيه” أداء طبيعي دون مبالغة وقصة رغم أنها جانبية، لكن لها نفس حلاوة قصة الخط الدرامي الرئيسي، اختيار الممثلين عموماً كان مناسباً ومميزاً، أقلهم إجادة “ظافر عابدين” الذي يحتاج إلي التدريب على نطق مخارج الحروف صحيحة وأن يرفع صوته فليست كل المشاهد تحتاج إلي وشوشة.

يمكن أن نقول أن البطل الحقيقي هذا الموسم الرمضاني في معظم الأعمال هو “الآداء التمثيلي” وليس العمل نفسه، حيث  شاهدنا مجموعة من الممثلين الذين تحملو عبء تعويض ضعف القصص أو الأخطاء الإخراجية. وهؤلاء أجادوا حد البراعة بعيداً عن مستوى أعمالهم، منهم صبا مبارك، فتحي عبد الوهاب، عمرو عبد الجليل، محمد جمعة، أحمد داش، أسماء أبو اليزيد، عارفة عبد الرسول، سيد رجب، مراد مكرم، أحمد وفيق، محمد سلام، هدى المفتي.

وللحديث عن دراما رمضان بقية..