خالد جلال.. المدرب الذي أخرج الزمالك من النفق المظلم

أحمد إمام

في الثاني عشر من شهر إبريل الماضي كان لا صوت يعلو فوق سخرية جمهور الأهلي وحزن جمهور الزمالك، ولما لا والفريق الأبيض يتلقى الهزيمة الثالثة على التوالي بالدوري أمام الاتحاد السكندري ويستقبل هدفين في ثلاث دقائق فقط، لحظات انكسار، مستقبل غامض، نعم فكل الأمور تؤكد أن الفريق سيدخل في نفق مظلم من الممكن أن يخرج منه بعد سنوات، بل لا يوجد شيئا يدعو للتفائل إطلاقا، إدارة تختلق المشاكل، لجنة مالية تدير أمور النادي، لاعبون لا يمتلكون الإمكانيات ولا يقدرون قيمة النادي، فهو موسم كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

وسط كل هذا الاحباط وفقدان الأمل، جاء تعيين خالد جلال مديرا فنيا للفريق حتى نهاية الموسم؛ خبر قابله الجمهور بردة فعل باردة للغاية فالمدرب ليس معروفا بشكل كبير، ثم هل سينجح فيما فشل فيه المونتيجري نيبوشا “قاهر الأهلي” وإيهاب جلال المدرب الذي طالما حلمت به الجماهير ولم يقدم ما يرضي طموحهم؟

حالة اليأس ظلت مسيطرة على الجمهور حتى بداية مباراة المقاولون العرب التي رغم التعادل إلا أننا رأينا فريقا جديدا يحارب من أجل الفوز، ولولا غياب التوفيق لكان الزمالك حقق انتصارا كبيرا، بل الأهم أن هناك مدرب واثق من أدواته ويلعب حسب ما يمتلكه من لاعبين، أمورا لم نكن نراها طوال موسم كامل.

فمن هو خالد جلال الرجل الذي قهر المستحيل ؟ 

خالد جلال ابن منطقة العمرانية في الهرم بالجيزة، الذي شغل مركز الظهير الأيمن بنادي الزمالك في فترة الثمانيات، حيث توج مع الفريق الأبيض بدوري أبطال إفريقيا 1986، وبطولة الدوري العام 1988، وبالرغم من انضمامه لمنتخب مصر إلا أنه لم يترك بصمة واضحة، نظرا لوجود العديد من النجوم الذين كانوا يشغلون مركزه وقتها.

في 10 مايو من عام 2003 أعلن جلال اعتزاله كرة القدم، ليبدأ مسيرته التدريبية التي كانت دائما مع فرق دوري المظاليم، حيث تولى قيادة العديد من الأندية منها الشرقية، ومياة البحيرة، والشرقية للدخان، والسويس، ثم آخرها نادي إف سي مصر الذي حقق معه نتائج طيبة. ولم يدخل جلال نادي الزمالك سوى مرة واحدة كانت في عام 2017، عندما عمل كمديرا للكرة في الجهاز الفني للمدرب البرتغالي أوجستو إيناسيو.

مرحلة بناء الثقة مع جمهور الزمالك

ظن جمهور الزمالك أن الأداء الجيد في مباراة المقاولون العرب مجرد صحوة عابرة حدثت مع تغيير الجهاز الفني ليس إلا، ولكن بعدها ظهر الفريق بمستوى جيد وفاز على الأسيوطي الحصان الأسود للموسم الحالي، بل أن الزمالك أصبح يستحوذ ويهدد مرمى المنافس باستمرار، ولكن المباراة المقبلة أمام الأهلي. هل كل هذه الأمور تكفي للفوز على الأهلي؟،  بالتأكيد لا فكافة الأمور تميل للفريق الأحمر المتوج بالدوري قبل نهايته بـ 6 جولات، الأهلي الذي يعيش حالة استقرار فنية وإدارية بشكل كبير، بل الأهم هو أنه يمتلك الأفضلية على الفريق الأبيض بالدوري منذ عام 2007، حيث كانت دعوات الزملكاوية قبل مباراة القمة 116 أن يخرج الفريق بأقل الخسائر.

بعد كل هذه الأفكار التشائمية  تمر عشر دقائق فقط من المباراة والزمالك يسجل الهدف الأول، بل أن الفريق الأبيض بدا ندًا قويا للأهلي وهو الذي يقاتل بروح عالية من أجل الفوز، ثم بعد عشرين دقيقة كاملة الزمالك يسجل الهدف الثاني ليجعل الأمور أسهل ويحقق انتصارا عظيما، ليشاء القدر أن يكتب خالد جلال اسمه بحروف من نور في تاريخ النادي، ولما لا وهو من “فك النحس” الذي لازم الزمالك منذ عام 2007 أي لمدة 11 عاما من الفشل في الفوز على الغريم التقليدي الأهلي ببطولة الدوري، نعم نجح فيما فشل فيه أعظم المدربين الذين تولوا قيادة الزمالك خلال السنوات الماضية، فمنذ ذلك الحين تأكد كل زملكاوي أنه أمام مدرب رائع جعل الفريق مختلفا تماما، بداية من الروح القتالية، وعزلهم عن المشاكل الإدارية، ثم الأهم موهبة فن إدارة المباريات التي افتقدناها منذ المدرب البرتغالي فيريرا الذي توج بالكأس والدوري 2015.

 ارتفاع سقف الطموح

بعد تحقيق الفوز على الأهلي و”فك النحس” على يد خالد جلال، ارتفع سقف الطموح بشكل كبير خاصة أن الفريق يقدم أداءا كبيرا، فلما لا يحقق الزمالك بطولة الكأس وتكون هي الختام الأمثل لموسم كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، هكذا غير خالد جلال النظرة التشائمية لجمهور الزمالك من انكسار وخوف من المستقبل إلى الحلم بلقب وتتويج، وبالفعل لم يخيب ظن كل زملكاوي وحقق بطولة كأس مصر، البطولة التي سيظل الفضل الأول والأخير فيها لهذا المدرب الذي استطاع تغيير شكل الفريق بالكامل في وقت قصير وصعب للغاية بل طوره فنيا بشكل رهيب، فالفريق أصبح لديه الروح ويلعب كرة جماعية تساعده في صنع العديد من الفرص، وغيرها من الأمور التي جعلت الزمالك قادر على تهديد أي خصم.

 احترافية لا نراها إلا في أوروبا

جلال أظهر مثالا جيدا للاحتراف لا نراه إلا في أوروبا فقط، حين أعلن مرتضى منصور رئيس النادي قبل أيام قليلة من مباراة القمة 116 أمام الأهلي تعيين السويسري كريستيان جروس مديرا فنيا للفريق بالموسم المقبل، الأمر الذي لم يؤثر على جلال إطلاقا، فهو عزل نفسه ولم يبالي وأخلص في عمله بل أدار اللقاء بحنكة كبيرة جعلته يحقق فوزا تاريخيا، ولم يكتفي بهذا وواصل تألقه الكبير بعدما قاد الفريق للصعود إلى نهائي الكأس، لتقرر إدارة الزمالك وقتها الاعتذار للمدرب السويسري والابقاء على خالد جلال كمديرا فنيا للفريق في الموسم المقبل.

حقيقة اجتمع عليها جمهور الزمالك

بعد قرار إدارة الزمالك باستمرار خالد جلال كمدربا للفريق خلال الموسم المقبل، ظهرت حالة من الانقسام بين من يرى أن خالد جلال أدى دوره ببراعة ولكنه وقت المدرب السويسري كريستيان جروس، أو من يرى أن جلال قدم مستوى رائع وقاد الفريق لتحقيق بطولة كبيرة فلماذا لا ندعمه ويكمل مشواره خاصة أنه ابن النادي، ولكن الشيء الأكيد أن ما بين مؤيد ومعارض لهذا القرار هناك أمرا واحد اجتمع عليه جماهير الزمالك أن خالد جلال مدرب رائع كان على قدر المسئولية وكتب اسمه بحروف من نور في قلب كل زملكاوي، نعم فهو الذي قهر المستحيل وحول حالة اليأس والانكسار إلى أمل وسعادة بلقب غالي، بل أن الشيء الأهم أن الزمالك كسب مدربا رائعا خلال السنوات المقبلة.