"السيرك".. هل يـُشبع تطلعات المستمع "الطماع بطبعه"؟

محمد سقراط
لمدة ساعة بشكل يومي خلال الأسبوع الحالي، من يوم السبت إلى يوم الأربعاء، استمعت بشكل منتظم إلى عرض “السيرك” المقام على محطة NRJ Egypt، والذي يعرض فقراته الإذاعي باسم كميل، في تمام الساعة الرابعة عصرًا، كـ “أول سيرك تسمعه ماتشوفوش”، بحسب شعار البرنامج الذي يتكرر أكثر من مرة خلال العرض، وفي Promo البرنامج.

دعونا نتفق بدايةً على ما تقوله الأسطورة، أن”المستمع كائن طماع بطبعه” ويزيد هذا الطمع دون شك في حالة برنامج “السيرك”، قد تؤكد ذلك السطور القليلة التالية..

البرنامج -بطبيعة الحال- وبطبيعة المحطة التي يذاع عليها كذلك، ترفيهي، هدفه التسلية والإمتاع في المقام الأول، وبالنظر لتوقيت إذاعته أيضًا -في وقت الزحام- وهو الهدف الذي نجح البرنامج في تحقيقه بوجه عام خلال متابعتي للحلقات الخمسة، التي مثلت -إن صح التعبير- دورة البرنامج الأسبوعية.

وتحقق هذا الهدف، سواء كان ذلك على مستوى التقديم الذي يتلقاه المستمع من مقدم برامج محترف ومتميز، ليست التجربة الأولى له في هذه النوعية من البرامج، يغلب على أسلوبه طابع الرقي كصفة أساسية تمثل قاسمًا مشتركًا في “السيرك” أو في البرامج التي قدمها من قبل، أو كان ذلك على مستوى ذوق الموسيقى والأغاني، مع الاحتفاظ بحق توقع المزيد، وأذكركم وأذكر نفسي باتفاقنا على أن “المستمع كائن طماع بطبعه”.

– بدأ العرض في اليوم الأول، السبت، بعد مجموعة أخبار خفيفة، بفقرة “اللعب مع الأسود” التي تلقى المستمعون من خلالها سؤالًا يغلب عليه طابع التحدي، أو هكذا كان يراد منه؛ فلم أشعر بالتحدي في السؤال بالنظر إلى اسم الفقرة، المعبرة عن السيرك بشكل واضح.

– وفي يوم الأحد، اقتصرت الحلقة على موضوع آخر خفيف دون فقرة ما مرتبطة بالـ “السيرك” أو الإطار العام له.
– يوم الاثنين، خصصت الحلقة للاحتفاء باليوم العالمي ل “موسيقى الجاز” تخللتها مداخلات مع موسيقي الجاز، كان أبرزها مداخلة “نور عاشور” مؤسس فرقة “نور بروجكت”، واختيارات الأغاني فيها كانت متسقة مع موسيقى الجاز بشكل عام.. بما أخرجها من عالم السيرك في النهاية هي الأخرى.
– تعود حلقة “الثلاثاء” بنا إلى أجواء السيرك بفقرة “الأكروبات” مع سؤال تفاعلي للمستمعين مرتبط بنتيجة لدراسة علمية عرضها باسم كميل بأسلوب مبسط قبل السؤال، وكان التفاعل والتجاوب من خلال المداخلات التليفونية بشكل أساسي وغالب إلى حدٍ كبير..
– بينما خرجت حلقة اليوم الأربعاء مرة أخرى من أجواء السيرك باختيار موضوعات متعلقة بالعلاقات بين الرجل والمرأة من خلال أسئلة خفيفة مشاكسة لطيفة في المجمل.

عرض الملخص السابق لحلقات الأسبوع بهذه الطريقة كان تمهيدًا لتوضيح ما تصورته عن البرنامج قبل الاستماع إليه، ومحاولة لتفسير لماذا “المستمع كائن طماع بطبعه”.

* فقد توقعت أن يعبر عن روح “السيرك”، شكلا ومضمونًا من خلال فقراته ومسمياتها، التي تظهر -من خلال العرض السابق- أنها غير ثابتة، أو غير منتظمة بمعنى أدق، وعندما تراجع موضوعات الحلقات السابقة للبرنامج المعلن عنها على صفحة NRJ Egypt  على Facebook  ستجد إعلانًا  عن فقرة “الساحر” في إحدى حلقات الشهور الماضية، لم يكن لها وجود هذا الأسبوع.
* ينسحب هذا التوقع على الحلقات التي كان من الممكن أن تحتمل وجود ضيف في إحدى الحلقات، لو جعل الإعداد لها من الضيف جزءا من عناصر أو فقرات السيرك.
* فلو افترضنا أن فقرات البرنامج كانت ثابتة بتخصيص فقرة مختلفة لكل يوم من أيام الأسبوع، وكان هذا الثبات هو القاعدة، ثم يأتي الاحتفاء مثلًا باليوم العالمي لموسيقى الجاز كاستثناء، فإن ذلك  سيكون مفيدًا بشكل أكبر، ومحددًا لشخصية البرنامج في بداياته. بدأ البرنامج مع بداية 2018 -، ولو وضعنا في الاعتبار أن الاحتفاء بـ “موسيقى الجاز” كان على مستوى برامج المحطة ككل في ذلك اليوم، وليس من خلال “السيرك” فقط؛  فسيكون منطقيا لو كان هذا الاحتفاء من خلال برامج أخرى، ليس من بينها “السيرك” ليعزز من فقراته المرتبطة به.

ما سبق من لا يتعارض بالطبع مع احتمالية وجود مستمعين متابعين للبرنامج لا يفضلون أن تكون الفقرات ثابتة، ويفضلون التغيير من وقتٍ لآخر، وأن تكون فقرات “السيرك” على مدى زمني متباعد بعض الشئ، ولذلك قلت “في رأيي” احترامًا لأذواق الآخرين، متنازلا عن صفة الطمع المتأصلة فيّ ككائن مستمع هذه المرة.

* سيكون من المفيد كذلك الاهتمام بالتفاعل مع الرسائل بنفس درجة الاهتمام بالتفاعل من خلال المداخلات، حيث اكتفى “باسم” في هذه الحلقات فقط بعرض مضمون بعض الرسائل التي يتلقاها، أحيانًا، وقراءة الرسائل دون شك أمر مهم بالنسبة للمستمع، وإلا فلماذا يرسلها؟!، حتى ولو كان ذلك بسبب زمن الحلقة القصير، وتختصر من هذا الزمن، الإعلانات والـ  Promos  للبرامج الأخرى على المحطة، فهي لم تؤثر على التفاعل عن طريق المداخلات، والأفضل أن يكون هناك نوعًا من التوازن.

يبدو أن متابعة حلقات إضافية من البرنامج ستقضي عندي على صفة “الطمع” على المدى البعيد، برضائي عن هذا التوازن مع أنني متحيز للرسائل بشكل عام.
* ملحوظة.. الانطباع المتعلق بقراءة “الرسائل” لا يرتبط بعدم قراءة الرسائل التي قمت بإرسالها للبرنامج؛ “أنا مسامح والله”.

* قد تدل الملاحظة الأخيرة من زاوية أخرى على ضرورة و”منطقية” أن “ساعة واحدة لا تكفي” البرنامج كزمن للعرض، وإن كان زمنه ساعتين لكان أفضل وساعد بشكل أكبر على أن تتحدد ملامح “السيرك” في الحلقات.. هل قد عدنا إلى الطمع مرة أخرى؟!

في المجمل “السيرك” برنامج  خفيف، يحقق هدفه من التسلية والإمتاع، كما سبق التوضيح، ولكن السبب الرئيسي في ذلك هو باسم كميل نفسه وإمكانياته كمذيع، التي تستحق مقومات أفضل لبرنامج فكرته جديدة ومختلفة على الراديو، وأطالبه بشيء من “الطمع” الموجود بوفرة لدي كمستمع،.

ولعل انطباعاتي جاءت على هذا النحو بسبب المتابعة بعد أن رفعت دلالة اسم البرنامج “السيرك” سقف توقعاتي بعض الشيء.