كواليس 30 سنة تصوير لـ مبارك.. من قصر الطاهرة للكعبة المشرفة

أمنية الغنَّام

توفي اليوم الثلاثاء الموافق 25 فبراير 2020، الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن عمر يناهز 92 عاما وذلك بعد صراع مع المرض.

يعيد “إعلام دوت كوم” نشر هذا الموضوع عن كواليس 30 سنة تصوير لـ الرئيس حسني مبارك

صور الزعماء لها أهمية خاصة في عالم التصوير عمومًا، لكونها عملية أرشيفية للأحداث التاريخية والوقائع الهامة، لا سيما الأرشيفات الرئاسية منها التي تؤرخ اللحظات الفارقة في حياة الرؤساء. كما أنها تنجح أيضًا في تحديد الصورة التي يظهر بها الحكّام أمام شعوبهم، فأحدهم ينجح في إظهار الجانب الإنساني للرئيس، وآخر يبرز جانب القوة، وثالث يركز على الأحداث والقرارات.. إلى أن تنجح الصور الفوتوغرافية في تكوين صورة ذهنية ما عن كل حاكم لدى الشعب.

الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أكثر ما يشيد به مؤيدوه حتى الآن “هيبته” التي كانت تظهر في صوره وتحركاته، لكن ما لا يدركه الكثيرون أن هناك جوانب كثيرة التقطتها عدسات فاروق إبراهيم المصور الخاص به، لكنها لم تر النور لأسباب كثيرة بعضها يرجع لتناقض ذلك مع صورة “الهيبة” التي يحرص على الظهور بها، أو حتى لكونها عائلية وخاصة جدًا فلا يجب كشفها على الملأ، خاصةً إن كانت تتعلق برئيس الجمهورية.

بالعودة لصور الرئيس الأسبق إبان فترة حكمه، نستعرض فيما يلي كواليس تصوير مبارك وأسرته خلال عقود حكمه الثلاثة، ونكشف قصصًا وراء بعض الصور الخاصة به، وتحديدًا التي التقطها المصور الرئاسي الراحل فاروق إبراهيم، والذي كان المصور الرسمي والشخصي في نفس الوقت لمبارك حتى عام 1992، ثم أصبح المصور الشخصي له وللأسرة فقط حتى عام ٢٠١١.

1- قبل إصدار الرئيس الراحل محمد أنور السادات قراره بتعيين مبارك نائباً له، طلب من فاروق إبراهيم والمستشار أسامة الباز وشخص آخر معهما، أن يشكلوا فريقًا لتدريب مبارك على البروتوكولات الرسمية للرئيس ونائبه، من حيث طريقة الوقوف والجلوس وطريقة الدخول والخروج ويتم التقاط عدة صور ومراجعتها لتلافي العيوب، فتم ذلك على مدار شهر كامل في استراحة القناطر الخيرية قبل أن يصبح نائبًا.

2- أصبح “فاروق” المصور الخاص لمبارك “النائب” على مدار ٢٤ ساعة ورافقه في جميع سفرياته الخارجية، التي كان كريمًا فيها للغاية مع الجميع، لكن في أولى سفرياته بعد ذلك كرئيس أصرَّ على أن يدفع كل شخص ثمن ما يأكله ويشربه.

3- خلال فترة عمله كنائب رئيس ثم السنوات الأولى للحكم(أو بمعنى آخر ما قبل حادث أديس أبابا)، كان مبارك يحرص على النزول بمفرده بسيارته ودون حراسة ويأخذ المصور الخاص به معه ليوثّق ما يراه، فيذهب مثلاً لمصنع إيديال بعد الإفطار في رمضان ويجد المصنع به عاملين اثنين فقط ومتوقف عن العمل، أو يذهب لتفقد المستشفيات.. وهكذا، فكان هذا سبب قلق طاقم الحراسة الذي هدد المصِّور وطلب منه ضرورة تبليغهم عن تحركاته مع مبارك، فحاول فاروق أن يعفيه مبارك من هذه التحركات نتيجة ضغط الحراسة، فغيّر مبارك طاقم الحراسة بالكامل وأبقى مصوره معه.

4- فترة ما بعد أديس أبابا ومحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها مبارك هناك، بدأت الحراسة ومن حوله يذكرونه دائمًا بأنه رمز لمصر وينبغي تأمينه على أعلى مستوى، ومن هنا أصبحت الزيارات معروفة بمنتهى الدقة بل وأصبحت الجموع الحاضرة من الناس تُستأجر، حتى أضحت الوجوه الموجودة مكررة في كل المناسبات والزيارات، وافتقدت الصور لمصداقيتها وطبيعتها.

5- الصورة الشهيرة لمبارك ومن خلفه الأعلام والتي كانت معلقة على جدران المدارس والهيئات المختلفة وقت أن كان رئيسًا، هي في حقيقة الأمر صورته وهو نائب لرئيس الجمهورية. التقطها “فاروق” في قصر الطاهرة، والتقطت على عجل وبدون إضاءة كافية كصورة رسمية يتم نشرها في الصحف بعد صدور قرار تعيينه، ولهذه الصورة قصة طريفة، فبعد اغتيال السادات وحلف مبارك لليمين لتولي الرئاسة، أخذت الهيئات والوزارات في البحث عن صورة شخصية رسمية لمبارك لتعليقها على الجدران، ولم يكن متاحًا وقتها سوى تلك الصورة التي التقطها “فاروق” فقام بطبع ٣٠٠ نسخة منها وتركها عند أمن جريدة “الأخبار” لمن يرغب في شرائها وبسعر جنيه واحد للصورة، وسرعان ما نفدت الصور فقام بطبع كمية أخرى( حوالي 10 آلاف صورة) سرعان ما نفدت أيضًا، فضاعف الكمية أكثر وأكثر ولكن حرص على التوقيع عليها طالما أنه سيتم تعليقها على الجدران في كل مكان.

6- صورة وحيدة جمعت بين مبارك والمصور الخاص به فاروق إبراهيم التقطها لهما مصور في جريدة “الجمهورية”، وكان وقتها فاروق يطلب من مبارك أن يسير ببطء قليلًا حتي يتمكّن من التقاط صورٍ أفضل.

7- كان مبارك يحب جمع العائلة كلها يوم عيد ميلاده تحديدًا، وكان يسافر إلى شرم الشيخ أو برج العرب، ويحرص على إلقاء خطبة أو كلمة يتحدث فيها عما حدث خلال العام، وذلك في وجود الأصدقاء المقربين وصهري ابنيْه علاء وجمال.

8- إحدى صور فاروق إبراهيم تسببت في إمساك الأمن للرئيس مبارك وإنزاله باتجاه الأرض، وذلك أثناء وضع حجر الأساس لمشروع بناء أول مصنع في الشرق الأوسط لنوع معين من المواسير التي كنا نستوردها، فأراد المصوِّر أن يلتقط لمبارك الصورة من الجهة المقابلة من الماسورة أثناء عبوره من أمامها، وفجأة قام بالنداء عليه ليلتفت إليه، قائلاً: “ياااا رييييس”.. فحدثت حالة ذعر للجميع لأن صدى الصوت من خلال الماسورة تضاعف وكان قويًا.

9- من أكثر الصور التي يعتز بها مبارك هي صورته داخل الكعبة الشريفة، فكان يقول: “من أكثر الأشياء التي أسعدتني بصفتي رئيس جمهورية أنه انفتح لي هذا الباب”، هذه الصورة تحديدًا تم إعادتها كثيراً نظرًا لعدم السماح باستخدام “الفلاش”، وكان على مبارك أن يتحرك أكثر من مرة حتى يثبت في المكان المناسب للتصوير، وبعد التقاط الصورة احتفظ مبارك بـ”النيجاتيف” ولم يسمح للمصور بطباعتها.

10- صورة أخرى نستطيع أن نقول أن فاروق إبراهيم قام بصنعها ويظهر فيها الفنان محمد عبد الوهاب مستندًا بيده على ذراع مبارك، فقد كان المصور يعلم أن عبد الوهاب نظره ضعيف ويرتدي النظارة دائمًا، فاستغل زيارته للرئيس مبارك وطلب من الحضور عدم الخروج بعد انتهائها، لأنه كان يعلم أن مبارك سيرافق عبد الوهاب للخروج، وبالفعل انتظر حتى التقطها بهذه الطريقة.

11- التقط فاروق عدة صور لمبارك وقت أن كان تلميذًا أثناء إحدى الرحلات المدرسية لمدرسته للكلية الجوية بجوار طائرة مبارك.

12- عدد الصور الرسمية التي التقطها فاروق إبراهيم لمبارك ولزيارته الخارجية بلغ 800 ألف صورة، معظمها موجود في الأرشيف في مكتبة عابدين وحوالي ١٠٠ ألف على المستوى الشخصي، كانت آخرها في عام ٢٠١٠ خلال حفل زفاف ابنة اللواء أبو الوفا رشوان.