أحمد فرغلي رضوان يكتب: ليلى علوي.. عاشقة السينما

عاشقة للسينما بلا حدود حتى وإن حققت نجومية موازية في التليفزيون وكذلك المسرح، تظل طول الوقت تبحث عن سيناريو سينمائي جديد لتقدمه. تعتبر واحدة من أبرز جميلات السينما المصرية وأكثرهن حضورا وجاذبية.. هي الفنانة ليلى علوي والتي برزت موهبتها منذ الصغر، فشاركت في أعمال عدة ولكنها لم تكتفي وتتوارى مثل معظم “الأطفال” الفنانين، فاستكملت طريقها بانتظام حتى حققت البطولة والنجومية في سينما الثمانينات وأصبحت واحدة من نجمات شباك السينما ونجحت في مزاحمة الكبار حينها رغم صغر سنها.

اعتبرها النقاد من الممثلات القلائل اللاتي جمعن بين الموهبة والجمال في السينما المصرية، كما عرفت بجرأتها في تقديم عدد من المشاهد العاطفية والتي تقول عنها “قدمت ما وافقت عليه الرقابة” إلي جانب تجارب سينمائية مغايرة عن السائد أقدمت عليها دون تردد والتي وصلت إلى حد دخولها مجال الإنتاج بفيلم “يا مهلبية يا” للمخرج الصاعد حينها شريف عرفة، وكل ذلك من أجل معشوقتها السينما، وتعتبر ليلى علوي من أكثر نجمات السينما تقديما لتجارب سينمائية متنوعة عبر أكثر من 80 فيلم.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: عن الجريئة الموهوبة.. منة شلبي

كانت بدايتها الحقيقية مع السينما وهي لاتزال صبية صغيرة من خلال فيلم “البؤساء ” عام 1977 للمخرج عاطف سالم وبطولة فريد شوقي ونخبة من نجوم الفن مثل يوسف وهبي ومحسنة توفيق وعادل أدهم، وكان ترشيحها عن طريق الفنانة الكبيرة هدى سلطان والتي شاهدتها على خشبة المسرح وحينها أيقن الجميع أن هذه الفتاة الصغيرة بملامحها الجميلة وموهبتها الواضحة مشروع نجمة قادمة في السينما المصرية.. وقد كان.

وبعدها تلقفتها السينما المصرية كوجه جميل كانت بحاجة لمثله لتقدم عدد كبير من الأفلام متوسطة الإنتاج والمستوى الفني وبعضها ينتمي لسينما المقاولات -كانت موجة سائدة حينها- ولكنها ظلت هكذا حتى وجدت بدايات أحلامها السينمائية عام 1984 حينما بدأ محمد خان ومعه جيله من المخرجين في الظهور ليختارها لبطولة فيلمه الشهير “خرج ولم يعد ” أمام يحيى الفخراني وتنجح بجدارة في تجسيد شخصية “خوخه” الفلاحة البسيطة بتفاصيل حياتها الريفية بشكل مقنع للجميع ومع هذا الفيلم بدأت رحلتها مع المهرجانات والجوائز حيث شارك الفيلم في عدة مهرجانات أوروبية وعربية وحصد جائزة التانيت الفضي من مهرجان قرطاج، وتم إختياره ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، ويعتبر فيلم “المغتصبون” للمخرج سعيد مرزوق نقطة تحولها لنجمة شباك في عام 1989 حيث أحدث الفيلم ضجة جماهيرية بسبب أحداثه المستوحاة من قصه حقيقية.

أما مشوارها مع الجوائز الدولية فبدأ عام 1992 من مهرجان”بواتييه” بفرنسا و جائزة أفضل ممثلة عن فيلم “الهجامة” لمحمد النجار ثم جائزة أفضل ممثلة من مهرجان مونتريال عام 1995 عن فيلم “يا دنيا يا غرامي” لمجدي أحمد علي وتأتي جائزة أفضل ممثلة من مهرجان القاهرة عام 1995 عن فيلمها “قليل من الحب كثير من العنف” لرأفت الميهي الأقرب لقلبها إلي جانب عدد كبير من الجوائز المحلية عن أفلام أخرى مثل “المخطوفة” و”الحجر الداير” و”إنذار بالطاعة” و”حب البنات” وغيرها. وإلي جانب ذلك حققت ليلى علوي حضورا سينمائيا في المهرجانات الدولية عبر مشاركتها في لجان تحكيم العديد منها في روسيا وإسبانيا والبرازيل وبلجيكا.

https://youtu.be/nv7GA0QSE5c

ويلفت النظر في مشوار ليلى أنها كانت متحمسة للعمل مع مخرجين جدد وتجاربهم الجديدة دائما مثل شريف عرفه، ومحمد النجار، ومجدي أحمد علي، وسمير سيف، وخيري بشارة، وعاطف الطيب، ورأفت الميهي، وقالت ذات مرة عندما سألتها كيف يصل الممثل لأداء مثالي لشخصية يؤديها ، فأجابت: “عن طريق الصدق في الإحساس، والتعبير ومن خلال المشاهد المكتوبة بصدق، فأناةأكره المشاهد المفتعلة، وأحب أن يكون النسيج الدرامي مبنياً على الواقعية حتى لو رأى المخرج تكثيف لحظات معينة أو للمتعة، يجب أن يكون تطور الأحداث طبيعياً، وكذلك أكون ملتزمة بجميع العناصر الأخرى، الملابس، الماكياج المناسب للشخصية”.

– كان غلطة!

في بداية الألفية الجديدة “زاد” وزنها بشكل لافت مما سبب لها انتقادات إعلامية كثيرة، وفي عام 2004 اعترفت لي في لقاء صحفي معها، بأنها أخطأت بالفعل في ترك نفسها لتصل لهذا الشكل الذي لا يتناسب مع نجوميتها، وقالت لي “أكيد غلطة مني، وفي الوقت نفسه كان تركيزي في الفن فقط والأداء وليس في الشكل، لكنه بالطبع لم يكن في مصلحتي، وربما ضاعت مني أدوار عدة ولكنني لم أخطئ في حق شغلي واخترت في هذه الفترة ما يناسب شكلي وقدمت أعمالاً ناجحة”.

وفجأة نجحت في العودة لكامل رشاقتها في تحد كبير منها، حيث بدت في السنوات الأخيرة في مظهر لافت للجمهور بجمال وجاذبية تحسد عليها.

ومن بين قناعاتها الفنية عن مفهوم البطولة، أنه ليس من الذكاء ترك عمل سينمائي مهم يكون قائما على البطولة الجماعية حتى لو كنت في قمة نجوميتي، وإذا كان الفنان أنانياً لدرجة أن حبه لنفسه يتعدى حبه للعمل والسيناريو فأنه يضر بنفسه، وكان ذلك أثناء حواري معها عقب ترشح فيلمها “حب البنات” للمسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة في عام 2004.

تعرضت بعض أفلامها لجدل نقدي وجماهيري مثل “بحب السيما” وقالت حينها “وظيفة الفن الحقيقية هي إثارة الجدل والمشاكل، وإن كنت لا أتخيل تلك المشاكل التي تتحدثون عنها وتخافون منها”.

يوسف شاهين كان من أهم محطاتها الفنية وفيلمه “المصير” عام 1997 وأثناء التصوير في سوريا جاءها خبر رحيل والدها، وكان لتعامل شاهين الإنساني معها في هذا الموقف أثرا نفسيا كبيرا عليها، ويعتبر فيلم “المصير” من أهم أعمالها، وبالفعل قدمت شخصية الفتاة الغجرية “مانويلا” بشكل لافت وتقول كنت أبحث عن مثل هذه الشخصية فبعد أن أعطاني الأستاذ السيناريو وقرأته “لمس قلبي وعقلي” وأحببت مانويلا بصدق.

ومثل معظم نجمات جيلها ابتعدت ليلى في السنوات الأخيرة عن السينما تظهر على فترات متباعدة وتقول عن تلك الفترة السينما كانت تمر بمرحلة انتقالية مثل الحالة التي تمر بها مصر، والجلوس في البيت أفضل من تقديم أعمال لا أحبها، ومن يعرف ليلى علوي، يجدها شخصية متصالحة مع نفسها و وتقدر زملاءها سواء داخل البلاتوه أو خارجه، تعشق عملها والذي أعطته تقريبا معظم وقتها وتقول “الفن سرق مني الزمن”.

بالأمس كرمها مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما وقريبا تعود ليلى لمعشوقتها بفيلم للمخرج الموهوب محمد أمين وهو “التاريخ السري لكوثر” وهو ما يجعلها في سعادة كبيرة حيث ظلت طوال الفترة الماضية تبحث عن عمل سينمائي جيد تقدمه، فدائما عندما أتحدث معها يجب أن تكون السينما حاضرة وشعرت في فترة سابقة أنها كانت حزينة لعدم عثورها على عمل سينمائي تقدمه.