صناع السينما الأعزاء.. نريدها خيالًا لا واقعًا

أحمد ثابت

هذه رسالة من مشاهد يقدر دوركم في صناعة وعي المجتمع من خلال السينما التي تعد مؤشر هاما لفهم وإدراك واقع ومستقبل المجتمع. يكفي أن يشاهد المرء الأفلام في الفترة ما بين عامي 2006 و2010، ليدرك أن هناك تغييرا جذريا سيحدث في الشأن السياسي في مصر وأن الأوضاع ستنقلب رأسا على عقب وأن عهدا جديدا سيبدأ يختلف تماما عن ما سبقه من عهود. أفلاما مثل “هي فوضي”، و”احد من الناس”، و”بنتين من مصر”، و”678″، و”عمارة يعقوبيان”، كلها أعمال سينمائية تعكس رغبة المجتمع في تغيير الأوضاع القائمة وتعطي مؤشرا خطيرا يفيد بأن هذا المجتمع سينفجر في وقت غير بعيد وسنحدث به ثورة ستغير شكل الأوضاع القائمة.

نرشح لك: عمرو قورة: “نتفليكس” تعطي فرصًا كبيرة لصناع السينما

السينما مرآة لمستقبل الشعوب، من خلال الأعمال السينمائية المعروضة يمكنك التنبؤ بما سيكون عليه وضع المجتمع في المستقبل. كلنا يتذكر كيف كانت السينما الأمريكية سباقة فى عرض الكثير من الاختراعات التي كانت في ذلك الوقت دربا من الخيال قبل أن يتمكن العلماء من تحويلها إلى واقع ملموس ولكن بعد عدة سنوات من عرضها في السينما، أي أن السينما تنبأت بشكل واضح باختراعات مستقبلية وربما كانت مصدرا لإلهام العلماء للعمل على صناعة تلك الاختراعات. على سبيل المثال سلسلة أفلام “العودة إلى المستقبل” والتي تم عرضها بين عامي 1980، و1990، تنبأت بالنظارات الذكية التي صنعتها شركة جوجل فيما بعد، محادثات الفيديو، والتابلت وألعاب الاكس بوكس. كذلك سلسلة أفلام حرب النجوم التي تنبأت بتقنية الهولوجرام ومسدسات الأشعة الحرارية.

السينما المصرية الآن تركز على الواقع والقاعدة تقول أن ما تركز عليه يزداد في الانتشار وما تتجاهله يختفي تدريجيا من حياتك، والأولى دائما أن تركز على ما تريد لا على الصورة الفجة للواقع الذي تود تغبيره. نحن نعرف هذا الواقع جيدا ونعيشه كل لحظة ونرغب في تغييره، نريد أن نرى في السينما واقعا غير الواقع الذي نعيشه، واقعا جميلا نحلم به ونريده أن يكون هو حاضرنا ومستقبلنا. لقد سئمنا من صورة الضابط الذي يعتدي على المواطن البسيط في كل فيلم، نريد أن نرى صورة الضابط الذي يحترم المواطن ويساعده وهي صورة موجودة في واقعنا لكن لا يتم التركيز عليها. نريد أن نشاهد الأسرة التي تعيش حالة من الألفة والترابط والاحترام والتفاهم. نريد أن نرى المدرس المخلص في عمله والذي يحظى بحب واحترام من قبل طلابه وزملائه. نريد أن نرى أناسا يسعون بإخلاص وجد وراء أحلامهم حتى تتحقق على أرض الواقع من خلال أساليب شريفة وغير مخلة بالقانون.

نريد أن نقدم صورة جديدة عن النجاح وأنه ممكن مهما كانت الظروف، طالما توافرت النية والتخطيط المتقن والجدية في التنفيذ. نريد أن نمحو صورة الشخص الثري النصاب واللص التي رسخت في أذهان الناس ونقدم لهم صورة الشخص الثري المجتهد صاحب اليد النظيفة. نريد أن نمحي إلى الأبد النظرة الدونية إلى المرأة وأنها مجرد جسد. نريد أن نرى المرأة كإنسان له كل الاحترام والتقدير والحرية في حياته مثل الرجل. نريد أفلاما تلهمنا وتحفزنا على التفكير والعمل والإبداع.

هل من الممكن أن نرى السينما تصدر لنا واقعا نتمناه وتلهمنا بالأفكار الإيجابية ؟

الجواب: نعم ممكن، والأمر لا يحتاج إلا لمنتج وطاقم عمل يطلقون ضربة البداية وسيتبعهم الغالبية لأن الأفكار الإيجابية طاقتها أعلى بكثير من الأفكار السلبية وكل ما تحتاجه هو أن تفتح لها المسار.