إيمان الخولي تكتب: عم صلاح الموجي.. الفلسفة الموازية!

بضع خطوات كانت تفصل الخمسيني الأعزل صلاح الموجي عن مصير مجهول، حينما انقض على إرهابي ضال اتخذ من ترويع الآمنين منهاجا، لم يفكر الرجل أو العشرات ممن اندفعوا خلفه في حزام ناسف ربما ارتداه الإرهابي المسعور أو في أي خطر آخر محتمل ..

تماما كما لم يفكرالشيخ طه رفعت -إمام مسجد الدسوقي المجاور لكنيسة مارمينا- في خطر قد يداهم جموع المصلين إثر استغاثته بأهالي المنطقة للتصدي للهجوم الغادر مستخدما مكبرات الصوت..

مشاهد تناقلتها الصحف ووكالات الأنباء العالمية متغزلة بشجاعة المصريين وفطرتهم التي لا تتبدل ..

أظن أنه بات من السذاجة بمكان أن نصف ما تواجهه مصر والمنطقة من هجمات إرهابية شرسة بمخطط لشق الصف أو استهداف لحمة النسيج الوطني بمسلميه وأقباطه.. حقا لم يعد التصنيف توصيفا دقيقا.

ولنا في استهداف مسجد الروضة بشمال سيناء -الذي أودى بحياة 305 مصلين من أبناء هذا الوطن- خير دليل على غباء أصاب خفافيش الظلام.

نرشح لك: إيمان الخولي تكتب: يا شباب منتدى العالم .. قاتلوا

لا ننكر أن الجماعات الإرهابية توحشت وربما أصابها السعار ليجتاح إعصارها المدمر دول العالم القاصية والدانية .. حلقات من الدماء والدمار والفوضي والتهجير القسري لآلاف الموطنين باتت تخيم على المشهد في بلاد كسوريا وليبيا والعراق واليمن، ليس هذا فحسب بل اتسعت رقعة نشاطها الدموي لتشمل أجزاء من ربوع القارة السمراء مثل مالي ونيجيريا والصومال، مودية بحياة آلاف الأبرياء ..

ولكن دعونا نتسائل عن فلسفة ما يدور حولنا … أي سحر ذاك الذي أصاب إنسانا ليصل به إلي درجة من “الإيمان” تجعله يضحي بحياته في سبيل أن يسفك مزيدا من دماء الأبرياء ظنا منه أن “الفردوس الأعلى” في انتظاره ! أي عراف ذاك الذي يمحو العقول ويقتل الضمائر ويطمس البصائر ! وبعيدا حتى عن العرب، ما الذي يدفع مغنية الروك أو عارضة الأزياء الأوروبية أن تجند نفسها في صفوف داعش ! ما الطائل وراء أن يهجر مغني الراب الشهير جمهوره ومجتمعه لينتقل إلى عالم آخر ديدنه قطع الرؤوس والتنكيل بالأبرياء !

وأمام جدران للأقصى تتهاوى -على سبيل المثال- لماذا لم يحرك هؤلاء المتشدقون بالدين ساكنا ! ومن دعاهم في الأساس إلى الجهاد الزائف في بلاد العرب وغض الطرف عن قضايانا الجوهرية !

يا سادة نحن أمام معضلة عالمية تستفحل وتتوحش يوما تلو الآخر وربما لن تنتهي بأحاديث الوحدة الوطنية الرنانة أو فقط بالدعوة لتجديد الخطاب الديني والفكري، المشكلة تبدو أعمق من ذلك إذ ضربت جذورها في أعماق المجتمعات أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا ودينيا ما جعل العدو مستترا ذائبا في نسيج الأوطان ..

هناك من يمول الإرهابيين ويمدهم بالسلاح وهناك من يستغل الفقر والبطالة والعنفوان في بعض المجتمعات فضلا عن مستخدمي الخطاب الإعلامي “المنظم المغرض” أو من يتفننون في الدفاع عن صناعة التطرف تحت مسميات متنوعة.. وغيرها الكثير.

مسببات حتما تحتاج إلى ردع “مبتكر” لن يتحقق إلا بإعادة تقييم جذري للمشهد برمته

وأخيرا.. رسالة إلى أعداء الإنسانية

يا من ظننتم أن مصر قد تكون مرتعا لكم .. لقد سلكتم أضل السبل!

مرحبا بكم في الأرض التي تهاوى لعزتها كبرياء الهكسوس والصليبيين والتتار والمغول … من قاوم شعبها الأعزل ببسالة عصورا من الاحتلال الفرنسي والإنجليزي والإسرائيلي.

لنا فلسفة خالدة لن يفهمها من طمست بصائرهم قد تلخصها كلمات نسبت إلى الحجاج بن يوسف الثقفي في وصيته إلى طارق بن عمرو عن المصريين حينما قال “ما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب.. وهم صخرة في جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله”.

وإن ارتوى ثراها بمزيد من الدماء الطاهرة..تبقى لمصر فلسفة صلاح الموجي وآخرين!