وليد رشاد يكتب: لعنة مجدي عبد الغني!!

يتصور البعض من غير المتابعين لتاريخ كرة القدم، أننا نعاني من ما يمكن أن نطلق عليه عقدة “مجدي عبد الغني”، عند الحديث عن الوصول لكأس العالم، باعتبار أننا منذ عام 90 لم نصل لكأس العالم، وكأنه مكتوب علينا أن نعاني دائماً من الذل والحسرة بسبب ضربة الجزاء اليتيمة التي سجلها “عبد الغني” في مرمى هولندا في مونديال إيطاليا 90’، والتي طالما ذكرنا بها وعايرنا بها، لدرجة أن البعض تمنى لو أنها لم تسجل من الأساس!! وتمادى البعض وتصور أن هناك لعنة أو نحسًا او سحرًا منع وصولنا لكأس العالم بعد هذه الضربة، وبالتالي تسجيل أهداف إضافية في المونديال!!.

https://www.youtube.com/watch?v=sDSMUQJ3g0U

وليد رشاد
الكاتب وليد رشاد

ولكن الحقيقة الصادمة والتي يعرفها جيدا كل المتابعين لتاريخ الكرة المصرية، هي أن الموضوع أكبر بكثير من “عبد الغني” وضربة الجزاء التي سجلها، فمصر تعاني بالفعل من عقدة الوصول لكأس العالم، وهذه هي الحقيقة المؤلمة، لأننا لم نصل إلى كأس العالم إلا مرتين عبر تاريخنا الكروي الطويل وعبر تاريخ البطولة الممتد منذ عام 1930؛ خلال 20 بطولة لم نصل إلى كأس العالم سوى مرتين يتيمتين، والغريب أنهما انحصرتا في الدورتين اللتين نظمتهما إيطاليا في 34′ و90’، ولم نلعب أي مباراة في المونديال خارج الأراضي الإيطالية!! والمدهش أننا لعبنا مباراة يتيمة في مونديال 34’، حيث إنها بطولة من ضمن بطولتين فقط أقيمتا بنظام خروج المغلوب، لنصطدم بمنتخب المجر القوي ونخرج من المونديال بعد مباراة وحيدة في مدينة نابولي، وكان المثل الإيطالى الشهير وقتها يقول “شاهد نابولي ومت”، وبالفعل الكرة المصرية في المونديال ماتت منذ وقتها وحتى الآن، حتى عندما وصلنا إلى مونديال 90′ وقعنا في المجموعة السادسة، وهي مجموعة إنجلترا حيث الجمهور الإنجليزي المعروف بشغبه، فتم حصر مباريات المجموعة التي اشتركت فيها مصر في جزيرتي صقلية وسردينيا للتحكم في شغب الإنجليز، وبالتالي لعبنا مبارياتنا الثلاث خارج شبه الجزيرة الإيطالية!!

وصلنا إلى كأس العالم مرتين خلال 87 سنة، أي 20/2 بنسبة 10%، ووصلنا للأوليمبياد 11 مرة خلال 121 سنة أي 28/11 بنسبة 39%، ووصلنا لكأس القارات مرتين خلال 25 سنة أي 10/2 بنسبة 20%، وفزنا بكأس الأمم سبع مرات خلال 60 عاماً أي 31/7 بنسبة 23%، أي إن وصولنا لكأس العالم هي النسبة الأقل في كل البطولات الكبرى التي شارك بها منتخبنا -لو اعتبرنا أن فوزنا بكأس الأمم في نفس مستوى وصولنا للبطولات الدولية.

الحقائق تقول إنه ليس هناك فقط أجيال لم تشاهد مصر في كأس العالم، وهم المتابعون لكرة القدم منذ 27 سنة أو الذين ولدوا بعد بطولة 90’، بل الأدق هو أن نقول إنه عبر تاريخ مصر الكروي الطويل، لم نشاهد مصر في كأس العالم إلا في بطولة 90’، لأنه في بطولة 34’، لم يكن التصوير التلفزيوني أو السينمائي على ما يرام، وتردد أن الشوط الأول الذي سجل فيه “عبد الرحمن فوزي” هدفي مصر، لم يتم تصويره من الأساس، وإن كان البعض -نكاية في “مجدي عبد الغني”- نشروا فيديو لهدف يزعمون أنه هدف “عبد الرحمن فوزي” في مرمى المجر، إلا أن حالة الفيديو سيئة جدا ولا تظهر طبيعة الهدف، ليظل “مجدي عبد الغني” يذل الجميع باعتباره صاحب الهدف الوحيد المونديالي المصور تلفزيونياً.

ورحلة مصر مع تصفيات كأس العالم أشبه بالملاحم الدرامية، فلم نشارك في كأس العالم الأولى بأوروجواي، والتي كانت بدون تصفيات، لعدم توافر فرصة وإمكانيات للسفر عبر المحيط الأطلنطي، بينما انسحبنا من التصفيات في بطولات 38’، 50’، 58’، 62’، 66’، 70’؛ والأسباب متنوعة ما بين تافهة ومنطقية وسياسية وغامضة.

وخرجنا من تصفيات مونديال 54′ أمام المنتخب الإيطالي بعد الخسارة الثقيلة في مباراة العودة في ميلانو (1-5)، والتي نزل فيها الثلج على أرض الملعب، ويقال إن المدافع المصري “حنفي بسطان” تجمدت أطرافه من البرد، وخرجنا من التصفيات أمام تونس ثلاث مرات: الأولى في تصفيات مونديال 74′ ثم في مونديال 78′ بالخسارة التاريخية أمام تونس في إستاد المنزة (1-4) في المباراة التي تردد فيها اسم مدافع المنتخب “مصطفى يونس” لدرجة أن اسمه أصبح “مصطفي تونس” كناية عن مستواه الهزيل خلال المباراة، وعاد التوانسة للمرة الثالثة ليقضوا على آمال الفراعنة في بلوغ مونديال 98′ بعد الهزيمة الشهيرة بهدف “جورج ويا” في مرمى “عصام الحضرى” في مباراة ليبيريا في أكرا.

 

وكنا على موعد مع المنتخب المغربي الشرس في مونديال 86’، وخرج المصريون بعد أن أضاع “جمال عبد الحميد” ضربة جزاء كان يمكن أن تغير مسار مباراة العودة في الدار البيضاء التي خسرنا فيها (0-2)، وقبلها أخرج المغاربة المصريين من تصفيات مونديال 82’، بينما كان الخروج الأشهر للفراعنة بسبب الطوبة في مباراة زيمبابوي الشهيرة في تصفيات مونديال 94’، والتي تسببت في إعادة المباراة التي فزنا فيها (2-1)، ليضيع “مجدي طلبة” فرصة سهلة جداً أمام “جروبيلار” حارس زيمبابوي العملاق في المباراة المعادة في ليون.

https://www.youtube.com/watch?v=-uuZobrUGGY

 

وخرجنا من تصفيات مونديال كوريا واليابان عام 2002، بعد أن عاش المصريون حلم الوصول لدقائق معدودة بعد تقدم مصر على الجزائر في عنابة (1-0) واقتصار نتيجة السنغال مع ناميبيا على (3-0)، وهي الحسبة التي كانت تصل بالمصريين للمونديال مباشرة، لكن بعدها بدقائق تغيرت الظروف تماماً وتعادلت الجزائر وأضافت السنغال هدفين لتعجيز المصريين، وكان “محمد عمارة” قد أهدر أسهل الفرص وهو منفرد تماماً بالمرمى في بداية المباراة.

https://www.youtube.com/watch?v=oBVrXg1Mwrc

 

وخرجنا من تصفيات مونديال 2006 بعد استقدام اتحاد الكرة للمغامر الإيطالي “تارديللي” الذي أضاع فرصة الوصول بنتائجه الهزيلة، وما زال خروجنا من مونديال 2010 ماثلاً للأذهان عندما أضاع “محمد بركات” فرصة الوصول المباشر للمونديال في اللحظات الأخيرة من مباراة الجزائر في المجموعة في القاهرة، وأضاعت التدخلات السياسية فرص مصر في المباراة الفاصلة في السودان، بعد أن شحنت القيادة السياسية اللاعبين والجهاز الفني بطريقة خاطئة.

وكان الخروج المهين من تصفيات مونديال 2014 مفاجأة للكثيرين، بعد أن حقق المنتخب العلامة الكاملة في جولة المجموعات، لكنه خسر خسارة مذلة أمام غانا (1-6) في مبارة الذهاب في كوماسي، ليخرج غير مأسوف عليه، وتبقى أمامنا أسهل فرص الوصول للمونديال عبر أوغندا، ولو فاز عليها المنتخب المصري ذهاباً وإياباً، تصبح نسبة وصولنا للمونديال أكثر من 95%؛ فهل يستغلها الفراعنة؟، أم تستمر عقدة كأس العالم ولعنة “مجدي عبد الغني”؟.