طارق الشناوي: ليليان والدراويش!!

أرى ليليان داوود على طبيعتها تماما وهى تواجه الكاميرا فى برامجها، ولهذا من السهل أن تكتشف أن كلمات باللهجة اللبنانية تبرق بين الحين والآخر، وبالتأكيد لو أرادت أن تتحدث فقط بالمصرية لفعلتها، ولكنها ستفقد فى هذه الحالة جزءًا من طبيعتها وتلقائيتها.

يعجبنى الفنان الذى يتمسك بلهجته فى الأحاديث التليفزيونية، فهو لا يؤدى دورًا يتطلب إجادته أربعا وعشرين ساعة يوميا خلف وأمام الكاميرا، مع الأسف كثير من الممثلين والمطربين يضبطون المؤشر فى أحاديثهم البرامجية، خصوصًا فى القنوات المصرية على اللهجة المصرية، ربما لإحساسهم أن الجمهور أو قطاعًا منه يرتاح أكثر للحديث بالمصرية.

تاريخيًّا مصر تستوعب كل اللهجات، بل إنها إذا لم تجد من يتحدث اللهجة وخصوصا اللبنانية اخترعته، حدث هذا مثلًا مع بشارة وكيم، أشهر من أدى شخصية اللبنانى فى الأفلام القديمة الكلام إلك يا جارة و وعم بأروش مع حالى وغيرهما من العبارات التى كثيرا ما رددها فى أدواره، رغم أن بشارة مصرى قُح من الصعيد الجوانى، العديد من المراجع السينمائية اعتقدت خطأ بسبب براعته فى أداء اللهجة أنه لبنانى قُح.

قد يبدو هذا بعيدا عن موضوعنا، ولكنه فى الحقيقة فى صلب موضوعنا، أتحدث عن تلك الحملة التى تطالب الإعلامية ليليان داوود بالعودة إلى بلدها لبنان، لأنها من وجهة نظرهم تتناول الشأن المصرى، فلقد كتبت على صفحتها ومن دون إفصاح ما يشى بالتعاطف مع الشباب المحكوم عليهم بالسجن، مثل علاء عبد الفتاح وأحمد دومة، ماذا لو كانت أفصحت، ماذا لو قالت هذا مباشرة فى برامجها، ولم تكتف بالصفحة، أليس من حقها مثل الآخرين أن تتناول ما يجرى على الساحة المصرية، وبالمناسبة من حق كل إنسان أن يدلى برأيه فى الأحكام القضائية، المحرم قانونا ليس الرأى، ولكن أن تنال ممن أصدر الحكم، والدليل أن الأحكام تتعرض للنقض وقبلها للاستئناف، أى أن هناك من رفض الحكم ويطالب بإرساله إلى محكمة أعلى.

مع الأسف هناك من يترصد لمن يخالفه الرأى، وهؤلاء على استعداد لاستخدام أى سلاح لمجرد بث الرعب للطرف الآخر، أسوأ ما فى الحملة التى تتعرض لها ليليان، هو أن من نظموها لا يعرفون قيمة مصر.

مع الأسف كثيرا ما ظهرت بين الحين والآخر مثل هذه النعرات التى تسحب من مصر كونها مصر، ليست القضية أن توافق أو لا توافق على ما تقوله ليليان، أنا شخصيا لم أجد فى كل ما كتبته على صفحتها شيئا يستحق حتى مجرد الخلاف، فهى تتحدث عن حق الجهر بالألم، أوافق على رأيها تماما، وأشعر بغضبها وحقها ليس فقط فى التعبير على صفحتها، ولكن فى برنامجها الصورة الكاملة ، ولكن مع الأسف حتى فى الإعلام الخاص صار كل شىء يحسب بدقة خوفا من غضب من نعتقد أنهم سيغضبون.

لماذا الزج باسم مصر والهجوم على اسم مصر وسمعة مصر، خصوصا عندما يأتى النقد ممن لا يحمل الجنسية؟

الشأن المصرى ليس مصريا فقط، بل هو عربى بالضرورة وبالتاريخ والجغرافيا، أما هؤلاء الذين يتناثرون هنا وهناك بزعم حب مصر، فهم مثل الدراويش فى الزار لا يدركون حقيقة ما الذى يقولونه.

تم افتتاح التليفزيون فى 21 يوليو 1961 فى دمشق والقاهرة فى نفس التوقيت، وكان يحمل اسم التليفزيون العربى لا المصرى أو السورى، وعرفت مصر عبر شاشتها المحلية المذيعة السورية رشا مدينة، ولم يكن أحد يسأل عن جنسيتها، لهجتها فقط هى التى كانت تعلن سوريتها.

انظروا إلى الصورة كاملة فسوف تكتشفون أنكم تهينون مصر عندما تشهرون سلاح الجنسية ضد كل من قال رأيًا لا يروق لكم.. لا تهينوا مصر.. أرجوكم!!

نقلًا عن “التحرير”

اقرأ أيضًا:

ليليان داوود ترفع قضية على مجدي الجلاد

محمد حليم بركات: رسالة إلى ليليان داوود

ليليان داوود ترد على هاشتاج الترحيل

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على فيسبوك من هنا