8 أسباب لفوز المنتخب ببطولة أفريقيا

محمد حمدي سلطان

بعد 7 سنوات من الغياب يعود منتخب مصر ليشارك في بطولته المفضلة كأس الأمم الأفريقية في نسختها الـ 31 والمقامة حاليًا بدولة الجابون، يعود الفراعنة للظهور مجددًا على الساحة الأفريقية من خلال بطولتها الأشهر، وهو الظهور الأول لمنتخب مصر بالبطولة بعد تحقيقه لرقمين في منتهى التناقض، الأول إعجازى وهو حصوله على اللقب لثلاث مرات متتالية أعوام 2006 و2008 و2010، والثانى كارثى بخروجه من التصفيات المؤهِلة للبطولة لثلاث مرات متتالية أيضا أعوام 2012 و2013 و2015.

ما بين قمة النجاح ومنتهى الفشل يعود المنتخب ليبدأ من جديد، وسط ترقب حذر وفضول جماهيري كبير يصحبه تساؤل عن الشكل الذي سيظهر به المنتخب في البطولة بعد كل هذا الغياب، ولا أحد يستطيع التكهن بشىء، فمنتخب مصر قد علِّمنا الحكمة، وتبقى احتمالات فوزه باللقب تتساوى تمامًا مع احتمالات خروجه من أدوارها الأولى !

ورغم ذلك فنحن لدينا 8 أسباب، تجعلنا نتفاءل بقدرة الفراعنة على العودة من الجابون بالكأس الثامنة في تاريخهم، وهى أسباب بعضها ليس له علاقة بالمنطق، أو حتى بكرة القدم من الأساس، ولكن منذ متى كان للمصريين علاقة بالمنطق، أو حتى بكرة القدم التي يعرفها العالم. “يا عم قول يا باسط .. دي البلد كلها ماشية بدُعا الوالدين”.

1- المنتخب فوق الجميع

إصرار هيكتور كوبر على استبعاد حسام غالي من صفوف المنتخب، بعد أزمته الشهيرة مع أسامة نبيه المدرب العام، ورغم تعرضه لضغوطات إعلامية كبيرة، ومن بعض مسئولي إتحاد الكرة أيضًا للعدول عن قراراه، فإنه أصَر على موقفه ولم يتراجع.

ثم كرر نفس الأمر مع باسم مرسي الذي افتعل مشكلة بعد تغييره في مباراة غانا الأخيرة، فاستبعده كوبر ولم يختاره ضمن القائمة المشاركة بالبطولة، ليعطي رسالة واضحة لكل اللاعبين، بأنه لا يوجد أي مجال للتهاون مع أي لاعب مخطىء أو مثير للمشاكل، فلا يوجد لاعب أكبر من المنتخب مهما كان اسمه كبيرًا.

فكوبر يعرف جيدًا بحكم خبرته الكبيرة في عالم التدريب، أن اللحظة التي سيتهاون فيها مع أي لاعب مثير للمشاكل، ستكون بداية لانفراط عقد الفريق من بين يديه. والشىء الجيد أن منتخب مصر بالفعل لطالما افتقد لمثل هذه الحالة من الانضباط، وكانت تسوده في كثير من الأحيان الفوضى، والمجاملات والشِّللية. عدل هيكتور كوبر ومساواته بين جميع اللاعبين سبب مهم للاستبشار خيرًا بالمنتخب.

2- واقعية هيكتور كوبر

عندما تتأمل التصريحات الأخيرة لهيكتور كوبر قبل مواجهة مالي، تكتشف أنك أمام رجل هادىء، مُتزن، واثق من نفسه، والأهم أنه يعرف جيدًا ماذا يريد، يهاجمه البعض لغياب الأداء أو الشكل الهجومي فيرد ببساطة “أنا دائمًا أبحث عن النتائج”

لا ينخدع بالإنتصارات المتتالية، ويظل محتفظًا بنفس نبرة تصريحاته المتزنة: “سننافس على اللقب ولكني لا أعد بالبطولة” يتحفظ البعض على ميله المبَالغ للدفاع: “نريد الحفاظ على دفاعاتنا” ثم يعلنها واضحة: “أدرك أن البعض لا يفضل هذه الطريقة لكن خُطتى لن تتغير كثيرًا”

فى أقل من عامين نجح كوبر فى أن ينتشل المنتخب من عثرته، ويعيد له بريقه المفقود، فيصل به إلى نهائيات كأس الأمم بعد غيابه الطويل، ثم ينجح في الفوز في أول مباراتين بتصفيات كأس العالم، ليقطع خطوةً هائلة على طريق تحقيق حلم 90 مليون مصرى بتأهُل مصر للمونديال، كل هذا وهناك من يهاجمه بسبب طريقته الدفاعية، ويتعامون عن كل ما حققه من استقرار للفريق وثبات للتشكيل وتثبيت طريقة اللعب.

وهو ما أسفر عن نتائج أكثر من رائعة حتى هذه اللحظة، عمومًا أنا أعلم يقينًا أن كل هؤلا سيتغَنُّون باسم المدرب الأرجنتينى، عندما ينجح في نهاية هذا العام في التأهل لمونديال روسيا، وربما يعود من الجابون باللقب الثامن للفراعنة، بفضل واقعيته الشديدة والتي لا يحبها بعض المتفلسفون.

3– تقارب المستويات

لم تعد هناك منتخبات صغيرة في قارة أفريقيا، فالمسافة ما بين القوى التقليدية، والمنتخبات الصغيرة أصبحت شبه منعدمة، فتقاربت المستويات في السنوات الأخيرة بين معظم منتخبات القارة السمراء.

وهذا الأمر رغم إنه سلاح ذو حدين، لأنك لن تعلم من أين قد يأتيك الخطر، إلا أن الجانب الإيجابى منه وما يجعل هذا التقارب يصُب في مصلحتنا، هو تفوقنا بعوامل أخرى قد ترجح كفتنا، مثل حالة الإستقرار والتجانس بين لاعبي المنتخب، وهو أمر تفتقده أغلب منتخبات البطولة،أما الأمر الأهم فهو ارتفاع مستوى اللاعب المصري، أثناء البطولات المُجَمعة، وإجادته خلالها بشكل أكبر من أي مباريات أخرى.

4- محمد صلاح

وجود لاعب بمواصفات عالمية بصفوف المنتخب، مثل محمد صلاح نجم روما الإيطالي، هو في حد ذاته سبب كافي جدًا، لوضع الكثير من الآمال على هذا الفريق، فبعد اعتزال حسام حسن النجم التاريخي للكرة المصرية، ونهاية جيل الساحر محمد أبو تريكة، جاء الدور على صلاح ليقود المنتخب المصري ويصبح نجمه الأول.

وللتدليل على قيمة صلاح الكبيرة فلا يوجد ما هو أصدق من لغة الأرقام، فقد لعب صلاح مع منتخب مصر حتى الآن 41 مباراة دولية سجل خلالهم 25 هدفًا، وهو نفس العدد من الأهداف الذى احتاج لاعبًا أسطوريًا مثل أحمد الكاس إلى 112 مباراة دولية هى عمر مسيرته كلها مع المنتخب ليسجلهم.

صلاح أمامه فرصة عظيمة ليضرب كل الأرقام القياسية مع المنتخب إذا واصل مسيرته حتى نهايتها بنفس هذه القوة، مازال ينقصه فقط التتوييج بالألقاب وهى الخطوة التي ربما يكون قريبًا جدًا منها، ليُسَطر في الجابون تاريخًا من نوع خاص.

5- الرغبة في كتابة تاريخ شخصي

لم يبقَ من الجيل السابق صاحب الإنجازات الكروية المذهلة، سوى أسماء مثل الحضري، وأحمد فتحي، والمحمدي، وعبد الشافي، أما باقى اللاعبين فأغلبهم يسجل مشاركاته الأولى مع المنتخب بالبطولة، بعد أن عاصروا تحقيق مصر لإنجاز الحصول على الكأس لثلاث مرات متتالية، ورأوا بأعينهم أجواء الفرحة بالإنتصار، وشعروا بقيمة الحدث، ومعنى أن تكتب تاريخًا مع منتخب بلادك، فمؤكد هذه الصورة لا تفارق خيالهم ولديهم بالتأكيد رغبة كبيرة فؤ تكرار نفس هذا الإنجازليكتبوا تاريخًا خاصًا بهم.

وليدافعوا عن اللقب القديم – والذى لم يخسره المنتخب حتى الآن لأنه أصلا لم يشارك فى آخر 3 نُسخ من البطولة – وعن الرقم القياسي للفريق فهو عدم الخسارة ببطولة كأس الأمم الأفريقية لـ 19 مباراة على التوالي، منذ خسارته أمام الجزائر في بطولة 2004.

6- بدلة حازم الهواري

وجود حازم الهواري عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لكرة القدم، كرئيس لبعثة المنتخب بالجابون، هو أكثر ما يدعو للاطمئنان والتفاؤل، فالهواري كان رئيسًا لبعثة المنتخب في بطولتى 1998 ببوركينا فاسو، و 2008 بغانا، ونجح الفراعنة في العودة بالكأس في المرتين،

ولمن لا يعلم كان للهواري دور كبير في تحقيق هذا الإنجاز، من خلال بدلته الشهيرة والتى كان يتفاءل بها ويحرص على ارتدائها طوال مباريات البطولة، وعن هذه البدلة يحكي الهوارى في حواره لموقع في الجول قائلًا: ” في 98 كنت أحضر المباراة بالبدلة ثم أعود للفندق فأرسل القميص للمغسلة لكي يغسلونه سريعًا ويقومون بكَيِّه ليكون جاهزًا للمباراة التالية”

وهكذا فبينما كان الراحل العظيم كابتن محمود الجوهرى مشغولًا بتجهيز لاعبيه للمباراة القادمة، كان رئيس البعثة في الدراي كلين مشغولًا بما هو أهم، وهو كىّ قمصانه لكى تكون على أهُبة الإستعداد للمباراة التالية.

أما عن بطولة 2008 يقول الهواري: ” في طريقي للخروج من الملعب أحدهم داس على قدمي، وقطع الحذاء وهنا شعرت بالتشاؤم” وهو ما كاد يهدد مسيرة المنتخب في البطولة لولا أن ألهمه الله حُسن التصرف “رفضت تبديل الحذاء وطلبت من أحد الأشخاص أن يصلح لي الحذاء سريعًا وارتديته مع البدلة ذاتها في باقى مباريات البطولة”

إذن فالأمر لم يقتصر على البدلة فقط، فحذاء الهوارى أيضا يعتبر جنديًا مجهولًا، وشريكًا في هذا الإنجاز، أما عن البطولة الحالية فيطمئننا الهواري: “لم أُحضر البدلة الشهيرة التي كنت أتفاءل بها منذ بطولة بوركينا فاسو لأنها صغرت عليا لكنى اشتريت بدلة جديدة وأتفاءل بها أيضا بعد ارتدائها في مباراتى الكونغو، وغانا بتصفيات كأس العالم وتحقيق المنتخب للفوز فى المباراتين”

الحمد لله .. اطمنوا على المنتخب يا جماعة، حازم الهواري خلاص اشترى بدلة جديدة وجربها وشغالة زي الفل !

7- عفاريت عصام الحضرى

وجود الحارس التاريخي للكرة المصرية عصام الحضري كقائد للمنتخب بالبطولة، سيكون له العديد من الآثار الإيجابية، فالحضري الذى احتفل بالأمس بعيد ميلاده الـ 44 صاحب خبرة هائلة بالمنافسات الأفريقية، وهو الأمر الذي من المؤكد أن يفيد زملاءه بالفريق، بنقل خبراته إليهم قبل ظهورهم الأول على مسرح الأميرة السمراء،

أيضا وجود الحضرى بمثل هذه الروح القتالية التى رأيناه عليها في مباراة غانا الأخيرة، رغم سنه الكبيرة، سيكون أكبر دافع لزملائه لبذل مزيد من الجهد، أما الأمر الآخر المهم فهو أننا وبوجود الحضرى في القائمة، حتى ولو لم يشارك أساسيًا قد ضمنَّا أن يلعب العفريت “جامايكا” لصالحنا من أجل عيون الحضرى.

بالطبع هذه مزحة فنحن لا ننكر على الحضري، اجتهاده ونتمنى أن يختتم مسيرته مع المنتخب بالشكل الذى يليق بما قدمه من عطاء، في مشوار استثنائى ملىء بالكفاح، والجهد، والعرق، والرقص على الهتاف الجماهيرى الشهير “ارقص يا حضري” ومازالنا نأمل في رقصة أخيرة فلا تبخل علينا بها يا حضري، وحياة “جامايكا” يا أخي !

8- احتياج المصريين للفرحة

بعد 7 سنوات من الغياب يعود المنتخب ليشارك في البطولة الأفريقية، ليبدأ صفحةً جديدةً معها، بينما البلد نفسها مازالت تعيد صفحاتها القديمة، رغم كل ما مرت به من أحداث جسام طوال هذه السنوات، ثورتان و 5 رؤساء وآلاف من الشهداء، والكثير من الأحداث التى لا تُنسى، وما زالت تُلقى بظلالها حتى الآن على حياة المصريين، الذين سيتركون كل هذا، ليعودوا للالتفاف مرةً أخرى حول منتخب الكرة كأمل أخير في الفرحة، كما تعودوا في السابق، بل ربما الأحوال السياسية والظروف الإقتصادية الآن أسوأ بكثير مما كانت عليه منذ سبع سنوات، فالمصريون تُعساء ويمرون بوضع مُتأزِّم وعصيب، وفي احتياج إلى الفرحة أكثر من أى وقت مضى، وهذا سبب آخر قد يجعل السماء تبتسم لهم فى الجابون.