الأصلي الطاهر .. عمر بن طاهر

أشرف أبو الخير
قل ما شئت عن أهل الصعيد … لكن لا تنكر أن الجدعنة والنخوة من شيمهم المحفورة داخلهم.
قل ما شئت عن مواليد منتصف السبعينيات .. ولكن لا تنكر أنهم الجيل الذي أسس الأجيال التي تلته واحتواهم كإخوة كبار.. وكعلامات مضيئة أحياناً في قلب أنفاق حيواتهم المظلمة.
قل ما شئت عن الزمالكوية.. ولا تنكر أنهم مؤمنين وعاشقين، ومتميزين … وبكل تأكيد مختلفين.
قل ما شئت عن الصحفيين في بلادنا.. ولا تنكر أن منهم علامات أسست الوعي للكثير من أبناء الوطن
قل ما شئت عن عمر طاهر .. ولكن لا تنس أنه أول من فتح الهويس.
شهادتي مجروحة عن أبا “رقية” .. فصحيح أنه ليس بصديق مقرب، وصحيح أن آخر مكالمة هاتفية جمعتني به كانت قبل سنتين بعد هزيمة معتادة للزمالك بغرض المواساة والشد من أزر أنفسنا كمشجعين لنفس الفريق، إلا أنه “معرفة قديمة” ، فقد جمعنا عمل سريع بإحدى الفضائيات قبل أعوام سبعة، وتابعته من وقتها… ولهذا فشهادتي –الممتلئة بالإطراء- مجروحة، لكنها محشورة في زوري ولابد من الإدلاء بها.
أتى من أفقر محافظات الجمهورية، سوهاج … وحصل على بكالوريوس تجارة كمعظم المصريين، انضم إلى كتيبة الصحفيين العاملين تحت قيادة العظيمة “سناء البيسي” وقتما كان للمجلات وزناً.. وحين كانت “نصف الدنيا” هي بحق رائدة الانفرادات الصحفية.
ترجَم، وألَفَ، وأشعَر… و قشعر كذلك.
يقول المصريون عموما ” وأنا رايح المشوار الفلاني حصل كذا” … ويقول السوهاجية “أنا ورايح المشوار الفلاني حصل كذا” .. إعتزاز بالنفس يجعلهم يسبقون الفعل بالضمير… وطريقة مختلفة في التفكير بكل تأكيد، لا تفرز إلا مفكر ومتصوف وساخر نادر كعمر بن طاهر.
شخصيا تعرفت عليه ككاتب حين قرأت له الألبوم الاجتماعي الساخر “شكلها باظت” الذي نُشر في 2006 .. وأعتقد أن كل من قرأ هذا الكتاب، سيعلم يقينا ماذا كنت أقصد بقولي أن “عُمر” هو أول من فتح الهويس… فبعد هذا الكتاب انطلقت بين ربوع البلاد حمى محببة لعشرات الشباب لنشر “إنطباعاتهم” وتجاربهم الحياتية في إطار ساخر.. وكان هذا هو هويس “الكتابة للجميع” الذي فتحه أبا رقية.
في جلسة جمعتني بمجموعة من الأصدقاء، لام أحدهم على “عمر طاهر” فتحه لهذا المجال في الكتابة، والإسهام في زيادة هذا النوع من الكتابات ببعض ما نُشر له لاحقا كـ ” كابتن مصر” و ” إبن عبد الحميد الترزي” … وعن نفسي أرى أن “عمر” لا يلام، بل لا داعي للوم أصلاً، فهو مجال يقرب شرائح مختلفة من الشباب من دنيا القراءة، ولا ضير في ذلك.

وكمحب لعمر، ألمس بالطبع “لسعة” التصوف التي تضرب في جذور كتاباته والتي تجلت في وليده الأخير ” أثر النبي ” .. فهو يرتدي خرقة المحبين متجولا بنا بين صفحات التاريخ ليحكي حواديت من وحي السيرة النبوية.
عمل “الأصلي” مراسلاً صحفياً بعدد من البلدان، وكتب أفلاماً سينمائية، آخرها “يوم ملوش لازمة” لمحمد هنيدي الذي تعاون مع عمر لسنوات من خلال الحلقات الكارتونية المتميزة ” سوبر هنيدي” .. وكتب الشعر والنثر.. ألَف الأغاني وكتب المقالات، وعمل في مجالات إعلانية/ إعلامية مختلفة كان أبرزها تجربته التلفزيونية المبهجة “مصري أصلي “.. معتمدا على قلمه الساخر والمتزن في نفس الوقت.
ولأن عمر أساساً معرفة، فأنا مستخسر جداً أن تحرمنا منه شاشات الفضائيات، وأدعوه أن يسعى بجدية للعمل كباكورة المذيعين ذوي الصلعة اللامعة، والتي تعطيه هيبة لا يمكن تجاهلها.. فالشاشات تزداد بهاءا بأمثاله … فأرجوك ان تشد حيلك يا أبو رقية.

بورتريه عمر طاهر