11 سؤالا بلا إجابات عن "11 \ 11"

فاتن الوكيل

لم تكن هذه المرة الأولى التي تنتشر فيها دعوات التظاهر أو “الثورة” كما يحب البعض تسميتها، وذلك منذ سقوط حكم الإخوان عقب ثورة 30 يونيو 2013، حتى أصبحت بعض تلك الدعوات، خاصة التي تستغل المشاكل الحقيقية في المجتمع المصري، مثل بالونات الاختبار لقوة نظام الرئيس السيسي، ويتم طرح الأسئلة حول قوة النظام، من قبل بعض الجماعات التي لا يهمها الشعب بقدر ما يهمها غضبه وثورته، وهم أدرى بكيفية استغلال هذا الغضب – المستحق- كما فعلوا من قبل.

لا يُمكن الجزم بأن تلك الدعوات جميعها صادرة من جماعة الإخوان، لكن ما عهدناه من هذه الجماعة منذ ثورة يناير، هو التفنن في تشويه أي حراك شعبي، وإفساده بمجرد الإعلان عن مشاركتهم فيه، مستغلين في هذا الشأن، الأزمات الاقتصادية المتلاحقة على الاقتصاد المصري، وبعض القرارت السياسية المثيرة للجدل والخلاف، والأداء الإعلامي المخزي للعديد من الإعلاميين المحسوبين على النظام، بالرغم من تأكيد الرئيس السيسي أن لا أحد محسوبا عليه، لكن هذه المرة لفتت الدعوة إلى التظاهر يوم الجمعة 11 نوفمبر المقبل، النظر، وأثارت عددًا من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.

إعلام دوت أورج يطرح 11 سؤالا حول الدعوة إلى التظاهر في 11 نوفمبر المقبل:

أولًا: من الجهة الداعية لهذه التظاهرات؟

فجأة يجد السائر في الشارع تاريخ 11 \ 11، مدون على أحد الجدران، لكنها تظل ملاحظة عابرة، بعد عدة أيام يجد نفس التاريخ يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تتصاعد الأزمات في المجتمع، وكلما اقترب هذا التاريخ، اشعلت المشكلات – الموجودة بالفعل – إعلاميًا بشكل لافت، لكن تظل الجهة الداعية للحدث المرتقب، مجهولة، على عكس العديد من الفاعليات الأخرى، التي تعلن عنها أسماء تحمل الطابع “الثوري”أو حتى جماعة الإخوان المسئولية عنها.

ثانيًا: لماذا الدعوة لهذا الحدث قبلها بفترة كبيرة هذه المرة؟

إطلاق دعوة للتظاهر، بل لـ”الثورة”، قبلها بشهرين على الأقل، كانت فرصة للعمل بشكل أكبر على اليوم، وتهيئة الأجواء والترويج له، خاصة على مواقع السوشيال ميديا، واستغلال الأزمات المتلاحقة التي تمر بها مصر بشكل عام – لا النظام فقط – في هذه الدعوات، أما في السابق فكانت دعوات التظاهر تُطلق قبلها بعدة أسابيع فقط، أو تظاهرات المناسبات المحفوظة، مثل فض تجمع الإخوان في ميدان رابعة العدوية، لكن هذا الترتيب المسبق بوقت كبير، يُفقد الدعوة العفوية إلى حد كبير.

ثالثًا: لما يُساهم الإعلام في الدعوة لـ 11\ 11؟

بقصد أو بدون قصد، لا يمكن إنكار دور الإعلامي المصري خاصة الخاص، بحكم أنه الأكثر مشاهدة، في الترويج لـ 11 \ 11، حيث لا تخل جملة لإعلامي إلا بذكر هذا التاريخ، حتى أصبحوا أكثر الأدوات في نشر هذه الدعوة، حتى لو بمهاجمتها، ساهم في ذلك الفراغ الإعلامي، والعمل الصحفي كـ”رد فعل” على الأحداث، وهو أمر يجب الشهادة فيه لأصحاب الدعوة –المجهولين- بالذكاء، حيث حرصوا على إطلاق الدعوة قبلها بوقت طويل، لأنهم يعلمون أن الإعلام المصري “هيقوم بالواجب” وسيساهم بأسلوبه غير المهني، وفراغ آجندته من العمل الإعلامي الحقيقي، على الاهتمام، عن طريق سب الداعين لليوم وإعطاء الحدث الذي لم يأت بعد، أكبر من حجمه، بالتالي لفت نظر المواطن إلى 11\11.

نرشح لك: بكري عن المشاركين في “11/ 11” : هيدعكوا 

رابعًا: ألا يوجد أفق سياسي للتعامل مع اليوم؟

حتى الآن لا نجد سوى تهديدات أمنية يتم تكرارها قبل أي حدث من هذا النوع، والتعهد من قبل الداخلية بأمن “الوطن” وعدم المساس به، لكننا لا نجد اجتماعات يتم دعوة رموز العمل السياسي لها مثلما كان يفعل الرئيس السيسي، في بداية حكمه، قبل أن تزداد الفجوة بينه وبين باقي الأطراف السياسية، بالإضافة إلى أن النظام الآن، يبدو أنه على علم بعدم تأثير النخبة على المجتمع الآن، كما أنه غير مستعد بأي حال لسماع النقد، خاصة بعد قضية تيران وصنافير، الذي تُعد نقطة فاصلة في حكم الرئيس السيسي، حتى بالنسبة لشريحة كبيرة من مؤيديه، لذلك فإن الأفق السياسي لحل الأزمات قبل 11 \ 11 غائب تماما، حتى الآن.

34643634

خامسًا: هل تظاهرات بورسعيد “بروفة” لـ11\ 11؟

تُعد التظاهرات التي اندلعت في بمحافظة بورسعيد الثلاثاء 18 أكتوبر، بسبب زيادة قيمة التعاقد على وحدات الإسكان الاجتماعي بالمحافظة، حدثًا هامًا، ليس فيه بحد ذاته، حتى مع كلمة “ارحل” التي رددها المتظاهرون، في وجه محافظ بورسعيد، وحرفها بعض رواد السوشيال ميديا، على أنها موجهة إلى السيسي، لكن الأهمية هنا في التوقيت، ورد الفعل من جانب المحافظة وقوات الأمن، خاصة هذا العدد الكبير الذي قطع الطريق أمام مرفق المعديات في حي شرق، لم يكن هينًا، حيث نفى الأمن تعامله بالغاز المسيل للدموع مع المتظاهرين، لكنه ألقى القبض على 19 من المشاركين، بالرغم من ذلك استطاع المشاركون تحقيق هدفهم، بإعادة قيمة العقود إلى ما كانت عليه دون زيادة.

سادسًا: سائق “التوك توك” يُطلق طوفان مقاطع فيديو

بعيدًا عن نظرية المؤامرة، وهل فيديو سائق “التوك توك” تم تصويره بعفوية أم بهدف نشره لتأجيج الغضب على نظام الرئيس السيسي، فنحن أمام واقع، أن هذه الفيديو لمس شيئًا داخل شريحة لا يستهان بها في المجتمع المصري، لكن ما لفت النظر، هو كم مقاطع الفيديو، التي انتشرت بعد هذا الفيديو، فمرة يتم تصوير سيدة تقوم بمهاجمة الجيش، ومرة أخرى رجل صعيدي يهاجم الرئيس السيسي، وعلى الجهة المقابلة، انتشر فيديو لبائع عرقسوس، يعبر عن رأيه بشكل معاكس لسائق “التوك توك”، لتبدأ حرب فيديوهات، لا نعلم أي مصدر لها، لكن هذا يدل على أن الجميع يراهن على قوة السوشيال ميديا في السياسة، كما يعتبر انعاكسًا للحالة العامة التي تعيشها مصر.

نرشح لك: تاجر بورسعيدي عن سوء الأوضاع المعيشية: “بطلب من ربنا الموت” 

سابعًا: هل أزمات الحليب والسكر “مفتعلة”؟

العديد من المتابعين على مواقع التواصل والبرامج التلفزيونية يُرددون هذا الأمر الآن، مؤكدين أن كثير من الأزمات الاقتصادية “مفتعلة” ابتداء من معركة “الدولار” طويلة الأمد، مرورًا بنقص حليب الأطفال، وأخيرًا ويبدو أنه “ليس آخرًا”، أزمة نقص السكر، وغلاء أسعاره، وبحكم المرحلة، أصبحت كل الافتراضات واقعية، فلا يمكن إنكار وجود جهات متربصة وتريد الانتقام، ليس فقط من الرئيس السيسي، ولكن من المجتمع الذي رفض حكم “المرشد” والذي كانت تعقد عليه دول خارجية آمالا في تحقيق أهدافها في المنطقة، وعلى الجانب الآخر، لا يمكن إغفال التقصير السياسي والاقتصادي من قبل النظام، وعدم تحديد أهدافه بوضوح، بالإضافة إلى عدم القدرة على جذب السائحين مرة أخرى بعد حادث الطائرة الروسية، ثم طائرة مصر للطيران، وعدم الإعلان عن نتائج التحقيقات حتى الآن.

ثامنا: هل تُنفذ خطة الإخواني محمد كمال في 11 \ 11؟

لم يعد هناك مجال للإنكار والمدافعة عن تنظيم الإخوان الإرهابي، بعد أن صرح القيادي الإخواني مجدي شلش، بصراحة عبر قناة “مكملين” الإخوانية، عن تفاصيل الخطة التي وضعها القيادي محمد كمال، والذي قُتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بتاريخ 4 أكتوبر الماضي، مؤكدًا أنه وضع خطة ملخصها، أنها تنقسم إلى قسمين، كل قسم يستغرق 6 أشهر، ويعتمد القسم الأول على “الإرباك والإنهاك” للنظام عن طريق اللعب على الأزمات التي تواجه المجتمع، واستنزاف قوات الأمن، وهو تعبير لم نطلقه من أنفسنا، ولكن صرح به شلش نقلا عن خطة كمال، أما الستة أشهر الأخرى، تأتي مرحلة “الحسم” وهو التدخل المسلح من قبل أنصار الجماعة، ليتحقق إسقاط النظام في مدة أقصاها عام، فهل تكون هذه الدعوة تطبيقًا لخطة القيادي الإخواني محمد كمال؟.

نرشح لك: قيادي إخواني عن “كمال” : وضع خطة “الإرباك والإنهاك” لإسقاط النظام خلال عام 

تاسعًا: ما مصير سيناء في حال حقق الداعون إلى 11\11 أهدافهم؟

هذا السؤال يتطلب في الأساس الإجابة على سؤال “ما هي أهداف 11 نوفمبر؟”، فإذا كانت تعبير عن الغلاء والظلم والفساد التي يعيشها المجتمع، فهذا أمر، أما إذا كانت الدعوة على غرار الهاتف الشهير “والله زمان وبعودة….” فهذا أمر آخر، يتطلب وقفة من الجميع، وطرح عدة أسئلة، أبرزها هل تتحمل مصر استنزاف قوتها الأمنية، لمواجهة – مرفوضة – مع تظاهرات سلمية، أما إذا تحول الأمر في مصر كما تريده جماعة الإخوان وأحبائها، إلى “سوريا والعراق” على غرار المثل الشهير، فإن ذلك يعني تطورات أمنية أكبر وأخطر خاصة على الوضع في سيناء، التي تعاني من الإرهاب، ولا يمكن مع هذا المشهد المتفاقم الآن، استبعاد تكرار محاولة الهجوم على مدينة الشيخ زويد، في 1 يوليو 2015، والتي فشلت بفضل أبطال الجيش وأبطال المدينة من المدنيين، لكن إذا تفاقمت الأوضاع الأمنية في 11 نوفمبر، فماذا سيكون تأثير ذلك على سيناء؟

نرشح لك: القوات المسلحة تثأر لشهداء سيناء 

عاشرًا: ما تأثير نجاح – فشل دعوة 11\ 11 على المجتمع؟

لا يمكن لأحد أن يتخيل ماذا يمكن لشعب يائس أن يفعل، وهو أكثر ما يمكن أن يخشاه النظام الحالي في 11 \11 القادم، لكن دعونا نفترض أن يوم 11 المنتظر قد مر بسلام، وانتهى ببعض المناوشات والقبض على البعض الآخر، ثم عاد كل شيء إلى طبيعته، فنحن الآن نبقى أمام حالتين بالنسبة للمجتمع، إما أن يشعر بأن الأمر الذي كان يُهدده ويهدد أمنه قد زال، أو أن يُصاب بالإحباط لأن النظام يُثبت بذلك أنه مازال الأقوى، وأن رياح هذا اليوم لم تزعزعه، ولا عجب أن البعض يمكن أن يشعر بالأمرين معا، فهناك شريحة كبيرة، لا تُريد أن تتفاقم الأوضاع الأمنية وأن ندخل في دوامة دم أخرى يعشها البعض، ولا يشعر بذاته إلا من خلالها، وفي ذات الوقت، ترغب هذه الشريحة في أن يعرف النظام أن أسلوب إدارته لا يرضيها أبدًا، وان هذا اليوم حتى إن مر بسلام، يجب أن يفهم من خلاله النظام الدرس.

الحادي عشر: متى يهتم السيسي بالجبهة الداخلية؟

الكثير من الخوف والانزعاج كان يمكن أن نتلاشاه، إذا كانت أهداف الرئيس السيسي الداخلية بوضوح رؤيته الخارجية، وأن يعلم أن تصريحاته حول أهمية أن يكون المجتمع “كدة” – مع حركة قبضة يده الشهيرة – لن تكفي لتجعل المجتمع متماسكًا، بل يجب أن يتم توحيدهم على أهداف قومية حقيقية، وأن يجد المواطن أن الرئيس الذي امتلك شعبية كبيرة، يقف بجانبه ويحارب الفساد بجدية من أجله، دون تأجيل أو تسويف، وهي السياسية الغائبة، والتي نرى نتيجتها الآن، في أزمات اقتصادية، واختفاء بعض السلع، التي باتت لعبة في أيدي المحتكرين والمهربين، ومتى يراهن السيسي على الشعب، الذي أثبت أكثر من مرة أن بصلته لا تُخطئ أبدًا، وأنه مازال “القائد والمُعلم”؟.