غادة والي ودماء الأيتام الرخيصة

 

ياسر ايوب - مقالات

نقلًا عن جريدة المصري اليوم

هكون أحسن لاعب في العالم .. هذه هي الرسالة التي أرسلها عبد الرحمن محمد من تليفونه الخاص إلى مدربه قبل أن تدهسه سيارة مسرعة على طريق الفوكا بين وادي النطرون والعلمين .. محمد لاعب دراجات وكان يقود دراجته في هذا الطريق ضمن تدريباته إلى أن كان هذا الحادث المؤلم الذي أودى بحياته وهو لم يكمل بعد عامه الرابع عشر ..

وإذا كان المشهد في حد ذاته مؤلما وقاسيا وحزينا جدا .. فإن الأكثر قسوة وحزنا كان رد فعل الإتحاد المصري للدراجات الذي سارع بإعلان أن عبد الرحمن ليس لاعبا مقيدا بسجلات الإتحاد وأنه ليس تابعا لأى ناد لكنه يمثل إحدى دور الأيتام بالسادس من أكتوبر .. وهكذا .. وبمنتهى السرعة وبلادة الحس وغلظة المشاعر والمفردات .. قرر اتحاد الدراجات عدم الاهتمام بالأمر وإغلاق الملف كله بعدما تبين أن عبد الرحمن لاعب قادم من ملجأ وليس من ناد رياضي .. كأن اللاعبين القادمين من الملاجئ ومراكز الرعاية ودور الأيتام لا حقوق لهم أو قيمة أو اعتبار بعكس الحال مع لاعبي الأندية والمنتخبات .. وقد كان من الممكن قبول هذا الموقف القبيح من اتحاد الدراجات لو أن عبد الرحمن كان مجرد طفل مصري يهوى ركوب الدراجات وسباقاتها ومات نتيجة حادث سيارة في أحد الطرقات .. لكن عبد الرحمن كان لاعبا .. ومات وهو يرتدى ثياب التدريب .. وقبل أن يموت صارح مدربه بحلم حياته بأن يكون يوما اللاعب الأفضل في العالم .. ولست هنا أدين اتحاد الدراجات أو أعتبره مسئولا عما جرى لعبد الرحمن .. فقط كنت أتمنى قدرا من الإنسانية واحترام أحزان الموت ومواجعه ..

وأصبحت أعرف بعد هذا الموقف أن اتحاد الدراجات ليس مهتما أصلا بمتابعة ما جرى ولن يطالب بأي تحقيق أو بحث عن الجاني الذي بسيارته قتل صبيا في بداية حياته .. فاتحاد الدراجات أعلن رسميا أن المسئولية كلها تقع على دار الأيتام .. ولن أخاطب دار الأيتام إنما أناشد غادة والى وزيرة التضامن الإجتماعى بأن تتولى بنفسها ملف هذا الصبي البريء .. فنحن أمام صبى يتيم لا أهل له .. أمام لاعب في بداية الطريق لا نادي يرعاه ويهتم به حيا أو ميتا .. وأخشى أن يكون الجميع تعاملوا مع هذه الحكاية بنفس منطق اتحاد الدراجات .. فلا يهتم أحد بمعرفة الجاني صاحب السيارة وتقديمه للمحاكمة سواء قرر القضاء إدانته أو براءته .. ولا أحد سيحقق مع دار الأيتام بالسادس من أكتوبر التي رأت أنه ليس ضروريا تأمين أحد اليتامى وهو يمارس تدريباته .. وأود أن أسأل المدرب عن شعوره بعد أن مات عبد الرحمن دون أن تسمح له مقاديره بأن يصبح يوما ما بطلا للعالم .. هل كان المدرب مسئولا عن عدم تأمين عبد الرحمن .. وماذا فعل بعد علمه بهذا الحادث حتى لو كانت وظيفته كمدرب لأيتام غلابة لا تسمح له بكثير من الأمور والإجراءات .. وياليت غادة والى تكون لعبد الرحمن هى الأم التى ستحزن والعائلة التى ستدافع عن حقوقه.

نرشح لك-ياسر أيوب يكتب: مأساة رشيد .. وجع الفقر أم فقر الفكر