مروى جوهر تكتب: متكونش في يوم غير ذاتك

فى ظل زحمة العيد والمناسبات  أتحول أحياناً الى انسانة فلسفية، وذلك لأننى أرى أن الفلسفة أصل كل شئ، فجميعنا يتبع فلسفته فى الحياة حتى وان كان غير مدرك لها، الحكومات مثلا تتبع فلسفة تحولت الى منهج، فهذه الحكومة تريد خلق أجيال واعية وبالتالى مزيد من العلم والرُقى ومزيد من التطور كنتيجة، وهذه الحكومة تريد الهاء شعبها فيما تعمل هى فى الخفاء أو العلن لمزيد من الثروة أو النفوذ أو أى هدف آخر، وتأمل جيداً حال جميع المؤسسات والهيئات والجمعيات والجماعات انتهاءً بالأفراد، كلُ يحمل فلسفته على علم أو على جهل ويتصرف على أساسها.

ولأن كل فلسفة تحمل أهدافها فأحياناً يصيبنى إحباط شديد وأنا أتابع فلسفة الاعلام المصرى كمنظومة، ولا أُعمم هنا لأنى قد أعلنت كثيراً أننى ضد نظرية التعميم، فأنا أتحدث عن الجزء الأكبر، فهل أنت مُدرك أنك أصبحت جزء مما تشاهده بطريقة أو بأخرى؟ وما تشاهده لا يخضع فى النهاية لاتجاه بعينه، الهدف غير واضح والتوجه غير مُعلن.

أنت ترى العنف والحب والخوف والحق والاثارة والأمل واليأس والكره والايمان والالحاد والتفاؤل والتشاؤم وجميع ما يدركه عقلك وحواسك يومياً، ثم يبدأ مُخك وعقلك الباطن فى التفاعل شئت أم أبيت، ثم يأتى الموقف الذى سيظهر فيه ما تأثر به عقلك الباطن وتتصرف على أساسه دون أن تعى هذا التأثير، حتى صناعة الكارتون للأطفال لم تخلو من كل هذه السلبيات! الكارثة أن ما تزرعه الآن سوف تحصده فى الأجيال القادمة.

هذه المعادلة البسيطة حقيقية جداً وهذا المقال القصير يدعوك لتأمُل ما ترى وتشاهد ليصبح بعد ذلك فيلمك المفضل او أى عمل مُفضل لديك، أدعوك أن تُعيد حساباتك فيمن تعتبرهم أبطال، من هم أبطالك فى الحياة؟ هذا اذا ما تكلمنا عن الأشخاص الطبيعيين فى ميولهم واتجاهاتهم، ناهيك عن أشخاص لديهم ميول للعنف أو للجريمة أو مصابين بمرض نفسى معين يعزز سلوكه نوع مُعين مما يراه على الشاشة دون عناء.

ناهيك أيضاً عن الأطفال والمراهقين وهم الجزء الأكبر المعنى بهذا حيث أنهم هم المستقبل الذى تدعمه وتسقيه مما تحب أن تراه عليه يوماً ما، راقب من هم أبطال أولادك المُفضلون وسوف تعرف الكثير عن طموح أولادك وميولهم .

وفى ظل إتاحة الآلاف من القنوات الفضائية وازدياد عدد شاشات التليفزيون داخل منازلنا، بل واتاحة ما تنقله هذه القنوات على الانترنت على التليفون المحمول لن تتحكم فيما يراه أفراد عائلتك أبداً، فإنك إن راقبت بالداخل فلن تراقب بالخارج.

والحمد لله أن الجيد فى كل المجالات مازال متاح وإن قل، فقط علينا أن نبحث عنه وندعمه ولك الحق أن تتأثر به، وفى النهاية  أردد وراء “أنوشكا” “متكونش فى يوم غير ذاتك” وكل عام وأنتم فى خير وسلام.