عمر طاهر يكتب: سنوات " اللى يطول له رصيف يبقى نجا "

نقلًا عن “المقال”

الفعل الأكثر وضوحا وإصرارا منذ ثورة 25 يناير هو الفرز، تتغير الظروف وأنظمة الحكم والوجوه الإعلامية، تتغير المواقع والسياسات وطريقة الكلام، لكن الفرز مستمر لا يتوقف ولا أتوقع أن يحدث ذلك فى المستقبل القريب.

مع كل خطوة تصبح المواجهة مع الموقف حتمية، كل واحد حسب حساباته وطموحاته، من اتخذ موقفا ومن أجل الفكرة ومن تباطأ فى إعلان الموقف ومن التزم الصمت إلى النهاية، كل فعل أو لا فعل وضع صاحبه فى مفرمة الفرز.

فى يناير كانت البداية، ثوار وفلول وحزب الكنبة، ثم انفتح الباب، لم يكن الفرز سياسيا طول الوقت، كان أخلاقيا أحيانا مثل ما حدث فى واقعة سحل ست البنات فى التحرير، كان مهنيا أحيانا مثلما حدث فى إضراب الأطباء وفى واقعة نقابة الصحفيين، كان إنسانيا على هامش رابعة العدوية واستاد الدفاع الجوى، كان اقتصاديا على هامش قناة السويس، كان شعبيا على هامش غلاء الأسعار وأزمة الدولار، كان فرزا على مستوى الكرامة فى وقائع تجاوز فيها بعض عناصر وزارة الداخلية، و أخيرا كان وطنيا بحتا على هامش تيران وصنافير.

فى كل مرة تسقط أقنعة، وتنهار رموز، ويخون التوفيق أسماء كثيرة، يتصدر قائمة السقوط من يمسك العصا من المنتصف، فالأجواء مشتعلة ولا تحتمل مواقف بها عقل مفتعل لا يحافظ على شىء إلا البرستيج، بل إن الطريف أن الشطط فى الموقف مقبول من جانب من يقفون فى صفك وقد يتم التغاضى عنه بالوقت، العقل مرحب به بشرط أن يكون فى سياق موقف، هناك معسكرات غفرت لأسماء تحبها وجودها فى المعسكر المضاد لأنها احترمت نفسها وموقفها وتاريخها وكانت لها حجة، يحترم الجميع الثبات على الموقف طالما أنه ثبات خال من البحث عن المصلحة، يحترم الجميع أيضا من يراجع أفكاره دون أن تتم ترجمة هذه المراجعة إلى مصلحة أيا كانت، ينجو من تشبهه مواقفه مهما اختلفت معها، لكن لا ينجو من مفرمة الفرز أصحاب المواقف المائعة والباحثون عن المصالح والأضواء واللاعبون على كل الحبال.

سنوات طويلة لم يتوقف فيها الفرز، النجاح فيه معناه أنك دفعت ثمنا عن طيب خاطر، والسقوط لا يعنى أنك قبضت ثمنا لكن يعنى أنك كنت تفكر فيه على الأقل.

من أجل النجاة من الفرز هناك جنود يحاربون لجعل كلمة الحق باطلة، وهم أيضا من يحاربون لتحويل كلمة الباطل إلى حق، النجاة تعنى أحيانا الهروب من عمل كتالوج واضح، وجعل حب الوطن مسألة نسبية، وتلك النسبية تساعد البعض فى إدارة الأمور لذلك يحافظون عليها، و هكذا يمكن أن تصنع الفتنة بأقل مجهود.

الفرز نعمة كبيرة لأنه يضع كل شخص وكل فكرة فى الحجم الطبيعى، ويجعل المجد من نصيب القيم لا الأفراد.

الفرز أحد أكبر ماكينات أيام الفتنة، و كما يقول جاهين “اللى يطول له رصيف يبقى نجا”، أو كما يقول الحسن البصرى: “ليس العجب ممن هلك كيف هلك، ولكن العجب ممن نجا كيف نجا”.

نرشح لك

عمر طاهر يتابع برنامج و4 مسلسلات

أبو تريكة: هؤلاء اللاعبون ساندوني بعد التحفظ على أموالي

محمد عبد الرحمن يكتب: الجمهور لا يرحم

شارك واختر.. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن